نظم عمال ومتقاعدي شركة فوسبوكراع عصر يوم الأربعاء الماضي وقفة احتجاجية سلمية أمام مقر حزب الأصالة والمعاصرة على اثر قرار المنع الذي أصدرته السلطات المحلية للحزب المذكور بمنع عقد اجتماع، حيث كان من المقرر عقد هذا التجمع داخل مقر الحزب، إلا أن إقدام السلطات على إصدار أوامر بمنع التجمع، دفع بالعمال لتنظيم وقفة احتجاجية تنديدا بالاستفزازات والمضايقات المتكررة التي تطالهم من السلطات المحلية، وهو ما أعطى للعمال الانطباع بان هذا المنع بمثابة الضوء الأخضر لإعلان انطلاق سلسة الاحتجاجات السلمية، وقد أصدرت مجموعة المتقاعدين الفوسفاطيين بيانا توصلت " صحراء بريس " بنسخة منه، تقول فيه بإن انفتاح ملف عمال ومتقاعدي شركة فوسبوكراع على قطاع عريض من الفئات الاجتماعية الصحراوية المهمشة والمسحوقة جعله يعتلي قمة الملفات الساخنة في المنطقة، لكن تماطل الإدارة المغربية في إيجاد حل منطقي وجذري لهذا الملف واتخاذها لأسلوبي عدم الجدية واللامسؤولية يعطي الانطباع بان هدفها ليس هو إيجاد الحلول وإنما إثارة القضايا الزائدة والتعميق في المشاكل المعروضة. فإذا كانت فعلا الإدارة المغربية يضيف البيان تقدم الحقائق بكل تجرد وموضوعية، فلماذا لا تخبر الرأي العام أن هذا الملف هو الذي يضم أزيد من 600 عامل صحراوي، وأنهم يوجدون في منطقة يبلغ طول شواطئها 1400 كلم بما تحتويها من ثروات سمكية هائلة وأنها تضم ثروات معدنية كبيرة، حيث يوجد اكبر منجم للفوسفاط منفرد في العالم وان سعر هذا الأخير تضاعف مؤخرا إلى 300%، بالإضافة إلى 10 خزانات من الملح يبلغ انتهاجها السنوي 20.000 طن، أما مقالع الرمال فحديث ولا حرج، وما خفي من الثروات كان أعظم، فكيف لإدارة شركة تدبر شؤون الآلاف من العمال أن تعجز عن حل مشاكل 600 عامل. وبهذه الحقائق أليس من حقنا التساؤل أين هم الصحراويين من هذه المعادلة؟ وأين موقعهم من المؤسسات العمومية المكتب الشريف للفوسفاط ،المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، المجلس البلدي، مكتب الصيد البحري، المكتب الوطني للكهرباء ،جهة العيون بوجدور الساقية الحمراء، المجلس الإقليمي ...الخ؟ أم أن استنزاف الخيرات والثروات أضحى أمرا مباحا وان الحق في الاستفادة منها والإقصاء الممنهج في حقنا أصبح هو الآخر أمرا مشروعا، أو ليست هذه قمة الممارسة الشوفينية و الإقصاء في حق الصحراويين الذين باتوا اليوم يلعبون دور "الكومبارس" في هذه المعادلة؟ وبالرغم من حيازة المنطقة على هذا الكم الهائل من الخيرات والثروات، إلا أن الساكنة الصحراوية الأصلية يقول أصحاب البيان تبقى دائما خارج اللعبة ، تعاني التهميش والفقر والبطالة وتتكبد مرارة ومعانات الإقصاء. إن طبيعة المرحلة اليوم تتطلب قراءة موضوعية ودقيقة للأوضاع وتغليب الحكمة والتبصر بدل انتهاج سياسة التحايل والالتواء، إلا أن تفحص الممارسة الحالية للإدارة في إطار مقاربتها المنتهجة من اجل حلحلة هذا الملف وآلياتها المستعملة في هذا الاتجاه، يعطينا الانطباع بان هذه الإدارة وبتحركاتها الأخيرة وكأن بها تتحرك وتقلب الموازين خطوة إلى الأمام من اجل خطوتين إلى الوراء. فمحاولات الإدارة المتكررة لإقبار هذا الملف وذلك بالإجهاز على حقوق العمال والأرامل واليتامى بطريقة تعسفية ومحاولاتها لتجاوز المعاهدات والصكوك الدولية وذلك بانتهاجها لأساليب وتحركات مشبوهة وتفعيلها الواضح والمفضوح لنظرية المؤامرة، وحبك الدسائس الخبيثة وفبركة السيناريوهات المحبوكة والدنيئة عبر تسخيرها لبعض الانتهازية و المرتزقة وخفافيش الظلام التي اعتادت الاصطياد في الماء العكر ، تبقى محاولات يائسة وفاشلة وان عملية التجاوز هذه التي تريد الإدارة تفعيلها تجعلها تفكر خارج السياق وخارج المنطق الذي يقول أن كل ما بني على باطل فهو باطل. إن الاندفاع في التمرد على الظلم الاجتماعي لهو فضيلة نادرة خاصة إذا كان هذا الاندفاع نابع من الإيمان الحقيقي بعدالة حقوقنا ومشروعية مطالبنا وهو الأمر الذي يتطلب منا التحرك وطرق جميع الأبواب وانتهاج شتى السبل وذلك عبر تعبئة كل الطاقات ووضعها في سياقها الصحيح في أفق تصليب هذا الفعل والظفر بمكتسبات عمالية هامة. إن مقاومة الظلم الاجتماعي والإقصاء ليس بالأمر الهين، بل يتطلب جهدا إضافيا ونضالا جبارا، إلا أن مقاومة هذا الظلم تخلق البطولة والشجاعة والإرادة القوية، التي تدفع إلى ابتداع أساليب نضالية جديدة تؤسس على درجة كبيرة من النضج والوعي بهاته الحقوق، يخوضه ميدانيا العمال الصحراويين بتوجيه وتأطير محكم يساهم بشكل أساسي في فضح لوبيات الفساد وتعرية حقائق النهب والسرقات وكشف المستور، وكل تقدم ملموس في هذا الاتجاه رهين بتوحيد الصفوف وبتعبئة شاملة، للقواعد والأنصار والقدرة على التواصل مع جميع الفئات الصحراوية المسحوقة وإقناعها بضرورة الخروج من حالة اليأس والتذمر والانتظارية لأجل المشاركة الفعالة في نصرة صوت الحق والقوى المدافعة عن مصالحها الإستراتيجية وحقوقها الأساسية. وفي ظل الأوضاع الكارثية لعمال ومتقاعدي شركة فوسبوكراع والمعانات المتزايدة حسب لغة البيان أضحت ضرورة التحرك الميداني أمرا حتميا وضرورة ملحة حتى يتم استفادة الساكنة الفقيرة والمحرومة من خيراتها وثرواتها، والذين أصبحوا اليوم في أرضهم معدمين، وعليه تقول المجموعة في البيان ذاته أن تحمل المسؤولية الكاملة عن أوضاع العمال الصحراويين للإدارتين المغربية والاسبانية وذلك بالتملص من اتفاقية مدريد المشؤومة. وتدين سياسة التعنت والمماطلة الذي تنهجه إدارة شركة فوسبوكراع ووزارة الطاقة والمعادن، والمطالبة بتطبيق بنود بروتوكول فوسبوكراع.