[email protected] تعتبر الانترنيت وسيلة اتصال فريدة ،لم تكن هناك وسيلة أخرى من قبل تتمتع بهذه الميزات ،وهكذا فمع ظهور الانترنيت أخذت تظهر وسائل إعلامية جديدة غير تقليدية بحيث أصبح من المستحيل التحكم فيها ،أو توجيهها بشكل من الأشكال ونجد على رأسها المدونات والمواقع الالكترونية والاجتماعية كالفيسبوك ، فمستعمل هذه الوسائل الإعلامية الجديدة تمكنه من الإفلات من الرقابة التي تفرضها النظم السياسية على الوسائل الإعلامية التقليدية ،إلى حد أنها كذلك تجردت من التبعية لأي لوبي كيفما كان . لقد كانت الأنظمة السياسية واللوبيات الاقتصادية قبل ظهور هذه الوسائل تحتكر المعلومة بالشكل الذي يخدم مصالحها ،دون أن تسمح لجهة أخرى التعبير عن رأي أخر يخالف ويتناقض مع مشروعها مما جعل الشعوب في ظل هذه الوضعية هو الخاسر الأكبر بحيث يصعب عليهم الوصول إلى المعلومة الحقيقية بطريقة سهلة وسريعة. لكن مع ظهور ما يطلق علية الإعلام الجديد وانتشاره بشكل كبير ،أتاح ذلك للأفراد وفئات وجماعات خارج النخب الحاكمة من إيصال صوتها للآخرين في جميع أنحاء العالم وبحرية واسعة ،وهو الأمر الذي مكن العديد منهم من أن يصبحوا كتابا مرموقين وصحفيين ومنتجين للمعلومات وليسوا مستهلكين لها فقط متجاوزين بذلك القيود المفروضة على الإعلام التقليدي. إن الإعلام الجديد أخد يشكل أهمية كبرى في مجتمعاتنا ،والذي يبرهن على هذا هو الضغوطات الكبيرة والاعتداءات المتكررة التي يعرض لها المدونون والمدونات في مختلف الدول العربية والدول المتخلفة الأخرى والتي ينتشر بها الاستبداد والقهر الذي تمارسه أنظمة هذه الدول على شعوبها .وهو الأمر الذي يؤدي إلى ظهور وتنامي المدونات في المجتمعات السياسية العربية التي أخذت بالفعل تؤثر بشكل كبير على الحياة السياسية العامة في المجتمع ، وكما يمكن ملاحظة تزايد أهمية التدوين في المجال الديمقراطي،وهو ما جعل العديد من كبريات الصحف والمحطات الإخبارية العالمية تستعين بهذه المدونات ،وتقوم باستئجار مدونين بارزين للاستعانة بخدماتهم . وكما نجد أن التدوين يساهم بشكل كبير في حماية الحقوق الإنسانية والحريات العامة للإفراد خاصة في المجتمعات التي تتلقى تضييقا من الأنظمة الحاكمة ،مما جعل الجمعيات الحقوقية تعتمد بشكل كبير على المدونين في الحصول على المعلومة المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ،وهو الأمر الذي يسهل عليها ممارسة مهامها بشكل سهل جدا على عكس ما كان في الماضي قبل ظهور الوسائل الإعلامية الجديدة ،ويبين إذن هذا أن المدون أصبح مرجعا تعتمد علي خدماته العديد من المؤسسات المجتمعية ،وهذا يفند الأحكام التي تصدر من بعض الأطراف في مجتمعنا تحاول أن تنتقص أو تسعى لتشويه صورة المدونين في المجتمع ،وكما تجب الإشارة إلى أن هناك أشخاص قاموا بإنشاء مواقع الكترونية يصفونها بأنها احترافية وتحترم قوانين المهنة وتحرص على التأكد من صحة الخبر قبل نشره ...،في حين نجد أن هذه المواقع التي تدعي الاحترافية تسعى فقط لتقييد الحرية التي تتمتع بها هذه المنابر الإعلامية الجديدة وتضع لنفسها قيودا بحيث لا تعمل على تناول كل القضايا الحساسة التي تعتبر خطوط حمراء كما يجري مع الصحافة التقليدية . الكل يشهد بأن التدوين ساهم بشكل كبير في رفع القيود التي فرضت على حرية التعبير خاصة في بلدنا الذي يعرف تضييقا كبيرا ضد الصحفيين ورجال السياسة المعارضين لحكامهم ،وبالتالي تم تجاوز عقدة الخطوط الحمراء أو ما يصطلح عليه بالمس بالمقدسات ،وهي مصطلحات توظف من قبل أعداء الحرية والديمقراطية كمبررات لإسكات الأصوات الحرة في المجتمع المنادية بالتغيير ،وهوما جعل هؤلاء يكنون العداء والكره للمدونين وللإعلاميين الجدد ،لكونهم يفضحون شعارات وممارسات أعداء الديمقراطية في كتاباتهم .وبذلك يساهمون في تخليق الحياة العامة من خلال فضحهم للفساد والمفسدين . لقد نجح إلى حد الآن الإعلام الجديد في تسليط الضوء على كل القضايا الساخنة في المجتمع فور وقوعها وهي القضايا التي كانت والى حد اليوم لا يستطيع الإعلام التقليدي تناولها لأنه مقيد بالخطوط الحمراء التي سطرتها لهم السلطات ،فأي حدث يقع الآن لا تستطيع السلطات التعتيم عن التفاصيل المتعلقة به ،فمثلا وقعت انتفاضات شعبية في العديد من الدول العربية كالأحداث التي عرفتها منطقة سيدي افني ومنطقة تغجيجت ومدينة العيون والحسيمة بالمغرب وكذا الأحداث التي وقعت مؤخرا في سيدي بوزيد بتونس ... فلولا إعلام المواطن لادعت السلطات أنه لم يقع أي شيء بهذه المناطق وبالفعل فالقنوات الرسمية تمارس التعتيم عنها لكن سرعان ما يفضحها إعلام المواطن الذي أصبح سلطة بيد أي مواطن ،وأمام هذا يكون التدوين قد ساهم في ترسيخ الديمقراطية في صفوف أفراد المجتمع ،والتي لايمكن للنظم السياسية مواجهتها بوسائلها التقليدية وبأدواتها الروتينية . إن الإعلام الجديد ساعد في تغيير العديد من الأشياء منها القدرة على الكلام والتواصل للأفراد بحيث ساهم في تشكيل فضاء عمومي أكثر انفتاحا ،إذ لم يقتصر التواصل العمومي يقتصر على النخب السياسية والثقافية من أحزاب وجمعيات وهلم جر ،وهذا كله يحتم على الجميع الاعتراف بالدور الكبير الذي يلعبه التدوين في المجتمع ،والعمل على تصنيفه كسلطة خامسة ،لأنه إذا كانت الصحافة التقليدية سلطة رابعة تراقب أداء السلطات الثلاث ،فان الإعلام الجديد هو يراقب كل هذه السلط الأربعة مجتمعة .