فبمناسبة اقتراب العيد السعيد أعاده الله علينا وعلى جميع المسلمين بالسعادة والعزة والخير والبركات والمجد والعودة الحقة إلى دين الله عز وجل، تناولت قلمي، وحاولت أن أخط به تهنئة العيد للجميع، فإذا بالقلم لم يكن كعادته معي مطيعا، ومساعدا، بل أحسست به يتمرد علي، ويأبى أن يكتب ما يمليه عليه عقلي وفكري، ويعلن عصيانه لأوامري، وسمعت صرخات تصدر من أعماقه مطالبة لا تكتب تهنئة، بل أجعلها لمسات، أرادها أن تكون لمسات معطرة بنفحات الفرحة والسعادة، وأن يكون مدادها حب يملأ القلب والوجدان . فاستجبت لمطلبه وتركت له العنان ليخط ما بدا له، فإذا هي كلمات تخرج من القلب فلعلها تعبر الآذان لتستقر في القلوب والوجدان . اللمسة الأولى : لكل الباحثين عن مجالات الخير ابحثوا عن اليتامى الذين لا عائل لهم و خففوا عنهم وواسوهم في يوم العيد رغبة في الثواب ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما." و تلمسوا أحوال الفقراء والمساكين و قدموا لهم ما يمنعهم من السؤال و يغنيهم عن الطلب في يوم العيد، فبذلك أمرنا الله تعالى " فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون." و لنمد جسور التواصل مع جيراننا في أيام العيد ، ولنكن من خير الجيران ،كما قال صلى الله عليه وسلم : " خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره." اجعلوا من أيام العيد فرصة لعودة الصلات مع الأهل التي طالما تاهت في غيابة الزمن ولنشارك في رسم البسمة على وجوه أصحاب الإبتلاءات .
اللمسة الثانية : إلى كل من يحمل هم الأمة الرحمة والرفق، وما أسعد المجتمع إذا تراحم أهله، فكم بيننا من فقير ومعوز لا يجد قوت يومه ولا يعرف جوابا يسكت به بكاء صغاره، وبالرحمة الفطرية لا يبقى على ظهرها فقير يتضور وفينا من يعيش بحبوحة البذخ لا يمكن تصورها فضلا عن تصويرها، وفي مجتمعِ المسلمين أيتام فقدوا العائل بحنانه ونصحه، ومع ما تقدمه المؤسسات المعنية من جهود إلا أن كفالةَ اليتيمِ ورحمته والإحسان إليه وجبر كسرِه فضائل نعرفُها لكننا قد ننساها على أرض الواقع. العطف والحنان، وما أسعد المجتمع إذا تعاطف مع أناسه، وفينا أرامل ومطلقات ينهش الوقت نضارتهن وتقتل أنظار الناسِ البقيةَ الباقية من سعادتهن، ومع كثرة جمعيات الزواجِ إلا أن الإلتفات لهذين الصنفينِ من النساء معدوم أو محدود حتى باتا نهبا لغيرِ الجادين من الرجال في سوقِ التجرِبة وموت المروءة، وفي السجون والمعتقلات أناس حرموا فرحةَ العيد وأنس القرب من الأهل، حيث تمنع القضبان البهجةَ من الزِيارة، ويزحف اليوم على المظلومِ منهم بتثاقل كليل طويل لم ينجل بصبح عدل و شهامة. اللمسة الأخيرة : بطاقة إعتذار وفى العيد أعتذر: إلى كل المعذبين المشردين من أمتي .. إلى كل البؤساء والمحرومين ... إلى كل الفقراء والمساكين ... إلى كل المبعدين واللاجئين ... إلى كل المسجونين ظلمًا وكل المغيبين ... إلى كل اليتامى المقهورين ... إلى كل الأيامى والمستعبدين ... إلى أطفال الشوارع حيثما كانوا وكل التائهين ... إلى من سكنوا المستشفيات لسنين طويلة فأصبحوا في سجل المنسيِين ... إلى كل الآباء والأمهات في دور العجزة وكل اليائسين ... إلى كل الغرباء في بلاد الأعاجم بلا أهل، وكل من أضحى قهرا من المهاجرين ... إليكم جميعًا أقول عيدكم مبارك … عذرا كدت أقول … وسعيد! عذرا لما قدمناه لكم و ما لم نقدمه .. عذرا لسكوتنا وتخاذلنا … عذرا لموائدنا الزاخرة … عذرا لملابسنا الفاخرة … عذرا لضحكاتنا السافرة ... عذرا للهدايا تملأ أيدينا … عذرا للدفء لملاقاة كل أهلينا … عذرا لا أملك إلا الاعتذار... فما بيدي من حيلة … سوى التضرع إلى من بيده الأمر والوسيلة الرحمن الرحيم ... الواحد القهار، أن يفك قيد المأسورين، ويرفع القهر عن المظلومين، ويكتب الفرج القريب للمبعدين وكل المشردين …وأن يبث الرحمة في قلوب عباده المؤمنين فنصل أرحامنا، وننبذ أحقادنا، ونبر أبناءنا، ونضم إلينا أيتامنا المؤمنين إخوانا لنا في الله متحابين …اللهم آمين.