دوار أكرض أفقير بجماعة أيت وافقا بدائرة تافراوت بإقليم تيزنيت، شهدت الأسبوع المنصرم فصول قصة حقيقية حبكتها يد الأقدار لتنهي معاناة طالما رفعت الأكف إلى السماء طالبة أن ينقشع عن أهل الجماعة والدواوير وأحواز القبيلة. قصة تستحق أن نبدأها بما يبدأ بها الراوي روايته. فكان يا ما كان بين قمم جبال أراضي إبودرارن بتافراوت سارق ولص خطير، قهر عتاة الرجال وأقض مضجع كل أمين ورجال أمن. يدعى “لحسن أمجوض” نسبة إلى قبيلته إمجاض وإن كان قد استقر بدوار دوكادير بتافراوت التي آواه أهلها من جوع وآمنوه من خوف يوم جاءهم وحيدا مهاجرا من قبيلته... . كان لا يرى بالنهار شيئا ثمينا أو تافها في ملك غيره إلا وخطط لسرقته وترويع مالكيه، وتعددت الروايات والأساطير التي زاد في نسجها حول شخصه الخيال الواسع لسكان الجبال من البدو الذين مازال أغلبهم على فطرته. ومع توالي أحداثه توالت على مكاتب السلطات والدرك والنيابة العامة شكايات متهميه بالسطو على ممتلكاتهم وممن اعترض طرقهم ورَوَّع أمنهم. مسار كلف "صعصاع أيت وافقا" متابعات عدة، وكل مرة تزداد رهبة الرجال منه أكبر فضلا عن النساء والأطفال. لكن فزاعة "صعصاع" ستنهار منذ الأسبوع الماضي على يد أضعف أفراد القبيلة في سيناريوه لا يخلو من احتفالية قدرية بالحدث. ففي وقت متأخر من إحدى الليالي المقمرة وبينما القبيلة عن بكرة أبيها غارقة في الاستمتاع بلوحات الفولكلور المحلي احتفالا بزفاف شاب من أبناء الدوار، كانت عجوز طاعنة في السن من بين الحضور لم يهدأ لها بال عن أمن بيتها فكانت من حين لآخر تستعجل فتيات ونسوة للانصراف، إلا أن الفرجة التي وصلت ذروتها جعلتهن لا يعبأن بالعجوز فانصرفت الأخيرة متوكلة على الله نحو بيتها. وكأنها على موعد مع دخلة من نوع آخر غير التي تحتفل بها القبيلة، ونزال غير الذي يختلي له العريس والعروسة. كان موعد العجوز مع "صعصاع" الذي وجدته وسط البيت يفتش كل أنحائه باحثا عما خف وزنه وغلى ثمنه، ولما تأكد أن العجوز كانت لوحدها قرر أن يشل حركتها ويتم بحثه عن غنيمته في ليلة قل ما تتكرر في قليل من الزمن كفرصة سانحة للصوصية، فأمسك بها وأغلق عليها باب كوخ تستعمله المسكينة مطبخا لها. وهناك لم تستسلم المحتجزة لخطة محتجزها، بل بحثت في الظلمة على أداة تستعين بها على فك ورطتها فعثرت على ساطور استعملته لفتح الباب بتأن وتوجهت نحو اللص لتفاجئه بضربة عند التفاتته نحوها لتذهب بملامح وجهه وتستأصل أنفه عن كامله، فما كان من "صعصاع" من شدة الألم وشدة الإصابة أن وجه للعجوز بدوره ضربة كسر بها ساقها فولى هاربا يجر أذيال الهزيمة، ولم يتوقف به هربه إلا في المستشفى الإقليمي بتيزنيت حيث تلقى العلاج. ولما انبلج فجر اليوم الموالي وانتهى حفل الزفاف بالقبيلة انكشف وضع العجوز لتُنقل على الفور بدورها إلى المستشفى الإقليمي حيث حكت لطبيبها المعالج قصتها، ليكتشف الطبيب أن الجاني لم يكن سوى المريض الذي يعالج لديه لجروح غائرة في وجهه لكن لأسباب غير التي ذكرت العجوز، فقد أخبره أن جروحه كانت نتيجة سقوط من دراجته النارية. وهنا أبلغ الطبيب مصالح الأمن التي أوقفته لتنهي فصول قصة قال أحد أبناء أيت وافقا أن العجوز تستحق عنها لقب البطولة وأن تُستقبل بعد تماثلها للشفاء استقبال الأبطال.