لم أجرب يوما أن أكتب نعيا وأنا أشارف على البكاء، لكنني أفعل الآن متخيلا أنك ستقرأ نعيي يا إدريس. هل يقرأ الموتى رسائلنا؟ نعم ، أنت ستقرأ نعي أصدقائك كما كنت تقرأ دائما مقالاتهم، لكنك هذه المرة لن تربت على أكتافهم معجبا، فقد غبت إلى الأبد كما غاب الكثيرون قبلك وظلت في القلب حسرة أن نراك ولو لدقائق، ستغيب كما غاب الكثير وسيكون علينا انتظارك في عالم المنام لتزورنا كشبح حتى إذا حدث ذلك استيقظنا.. الكل مشتاق إليك، وهم محقون في ذلك، فنحن الأحياء سرعان ما نشتاق لمن نفقد حتى لو لم نكن معتادين على رؤيتهم كل يوم. ما أن يرحل أحدهم حتى نشتاق له ونتمنى لو أنه حي الآن فنزوره في بيته أو نلتقيه في المقهى... أنا أيضا اشتقت إليك يا إدريس، اشتقت لضحكاتك وقفشاتك وطرائفك التي لا تتوقف، وأنا الذي التقيتك لمرة واحدة فقط.. الحق يا إدريس أنني لا أريد تقليب مواجعك لكن أصدقاءك حزانى وغاضبون وقد كتبوا لك آلاف الرسائل التي يتوقع الكل أن تصل.. لا أعرف الشخص الغريب ولا مآثرهُ رأيت جنازةً فمشيت خلف النعش، مثل الآخرين مطأطىء الرأس احتراماً لم أجد سببا لأسأل من هو الشخص الغريب محمود درويش ..........................................بدر البقالي الصورة للمرحوم إدريس أشكور