تستمر الطريق الإقليمية 1903 (والرابطة بين جماعتي مستي وتيوغزة عبر جماعتي امللوا وتنكرفا إقليمسيدي افني) في حصد المزيد من الأرواح، لتُطلق عليها بحق اسم "طريق الموت". فلقد باتت معاناة مستعملي هذه الطريق، سواء من المارة أو مهنيي النقل، تُشكل مأساة يومية أمام مرأى المسؤولين والمنتخبين الذين يبدو أن بعضهم يُفضل البحث عن الأصوات الانتخابية والبعض الآخر عن تسمين الرواتب الشهرية، دون الالتفات إلى خطورة الوضع. فمند بداية الاشغال في هده الطريق أثارت الطريقة التي تتم بها إنجاز الأشغال العديد من التساؤلات حول مدى احترام دفتر التحملات حيت إلى حدود اليوم لازالت بعض المقاطع منها تعاني من غياب علامات التشوير وتحديد السرعة، مما يزيد من احتمال وقوع الحوادث. ورغم التحذيرات المتكررة من المجتمع المدني والشرفاء من أبناء المنطقة، ورغم التعبئة الشعبية لتنبيه المسؤولين إلى خطورة الوضع، لم يتم اتخاذ أي خطوات ملموسة لإصلاح الوضع. وصدق المثل القائل: "لا حياة لمن تنادي". فبعد سلسلة الحوادث الخطيرة التي شهدتها هذه الطريق، والتي راح ضحيتها مواطنون أبرياء، اهتز سكان دوار زاوية سيدي سليمان جماعة امللوا على وقع حادث آخر مساء يوم الأحد 12 يناير 2025، حيت شهدت الطريق حادثاً مميتاً بعد أن صدمت دراجة نارية سيدة من ساكنة الدوار كانت تهم بعبور الطريق، ورغم نقلها على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليميبسيدي افني فلقد فارقت الحياة متأثرة بإصابتها، تاركةً وراءها أهلها وأحفادها وعموم سكان الدوار في حزن وصدمة كبيرين. ففي الوقت الدي سيخرج علينا البعض ويعتبر أن حوادث السير والإهمال في هذه الطريق هي قضاء وقدر، مستندين إلى أن "المؤمن مصاب"، نجد ان هذا التفسير يُغفل جوهر المسؤولية البشرية في العمل والإتقان. فقد قال الله عز وجل: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله من عمل عملاً فأتقنه". فالله سبحانه وتعالى أمرنا ببذل الجهد واتخاذ الأسباب، وجعل الإتقان والحرص على سلامة الآخرين من أسمى القيم الإنسانية بما فيها الحفاظ على حياة الاشخاص، ومن جهة اخرى نجد القانون الوضعي وضع آليات واضحة للمراقبة والمحاسبة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، إلا أن هذه الآليات تبدو معطلة في حالة الطريق الإقليمية 1903، حيث ما زالت دار لقمان على حالها رغم تنبيه المجتمع المدني والشرفاء من أبناء الإقليم من خطورة هده الطريق، حيت لا يمكن بتاتا اعتبار هدا الإهمال قدراً محتوماً، بل هو نتيجة مباشرة لتقاعس المسؤولين عن أداء واجباتهم. ووسط هذا الواقع المؤلم، وجهت البرلمانية ابنة الإقليم عائشة زلفى، اليوم، سؤالاً كتابياً إلى رئيس مجلس النواب، تُطالبه فيه بتوضيحات حول وضعية الطريق الإقليمية 1903 والخطوات التي سيتم اتخاذها لإنقاذ مستعمليها من الحوادث المتكررة، فباعتبارنا أحد أبناء الإقليم وشاهد عيان على هده الطريق الكارثة، أظن أن السيد رئيس مجلس النواب سيكون في وضع لا يحسد عليه ادا علمنا أن زميلته في الحزب رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، كانت هي الحاملة لهذا المشروع في بداياته وبالتالي يمكننا أن نتساءل إلى أي حد سينتصر الضمير الإنساني، والاحساس بالمسؤولية وضرورة حفظ أرواح مستعملي هدا الطريق على الانتماء الحزبي وقضي لي نقضي ليك…. فالحديث عن هده الطريق لايمكن ان يستقيم ادا ما حاولنا اختزاله في حوادث السير فقط، دون التدكير بأن هده الطريق أصبحت ممراً آمناً للمهربين وتجار المخدرات. فعادة ما تتحرك شاحنات محملة بالمواد المهربة تحت غطاء الظلام، مستغلة غياب الرقابة الأمنية. ويزيد من الخطر انعدام الإنارة، حيث تتحول الشاحنات إلى مصدر تهديد كبير لمستعملي الطريق ولساكنة الدواوير المحادية لها خاصة عندما تسير بمصباح واحد أو بدون إضاءة. أما الدراجات النارية، فهي تظهر فجأة أمام المارة دون أي إشعار مسبق، ما يجعل القيادة في هذه الطريق مغامرة قد تكلف السائقين وكدا المارة حياتهم كما وقع بالامس. إن حياة المواطنين لا تُقدّر بثمن، ولا يمكن التهاون مع هذا الوضع الكارثي. فعلى الجهات المعنية وخاصة وزارة الداخلية ووزارة التجهيز التحرك فوراً لإعادة تأهيل الطريق الإقليمية 1903، بدءاً من وضع علامات التشوير، وتحديد السرعات، وتعزيز المراقبة الأمنية، وصولاً إلى محاسبة كل من تورط في إنجاز هذه الطريق بطريقة مشبوهة. فاظن انه حان الوقت لوضع حد لمسلسل الإهمال والموت على هذه الطريق واعتبار حياة المواطنين مسؤولية الجميع، وصمتنا لن يُغفر إذا استمر هذا الوضع الكارثي دون تدخل عاجل، فكفى من صناعة الأرامل والأيتام….. عمر بنعليات باريس 13 دجنبر 2025