الساعة تجاوزت الثالثة بقليل من يوم الجمعة الأخير، عاد المصلون من المساجد في وقت استقوت فيه حرارة الطقس، فرصة استغلها الشرطة القضائية بتكيوين بأكادير لمداهمة مصنع سري لتقطير ماء الحياة. تسلل أفراد الأمن من فوق سياج ضيعة، مقتفين أثر روائح المسكر وسط حقول الفصة المزهوة بالأزهار وحشرات النحل. لم تمض سوى دقائق معدودة حتى وجد الشرادي نفسه محاصرا من قبل أفراد الأمن. حوصر وسط حقول الكلأ بضيعة فلاحية بحي أخليج بتيكيون، أشهروا في وجهه مسدساتهم من فوق عندما كان منهمكا في طهي التين وتقطير ماء الحياة بمصنع تحت أرضي محاط بالخضروات والأشجار . بدا الأمن متأهبا من كل جانب عندما رفع رأسه، أدرك في الحين أنه مطوق من كل جانب، فوضع آنية كانت في يده، رافعا يديه عاليا، واستسلم في هدوء لرئيس الشرطة القضائية وهو يصفده. لن يكون الشرادي سوى مسستخدم لدى صاحب الضيعة الذي يزوال الفلاحة وتربية الأبقار للتغطية على نشاطه المتمثل في إعداد ماء الحياة وبيعه بالجملة للمروجين بالأقاليم المجاورة. أخرج الأمن الشرادي من مصنع على شكل حفرة عمقها ثلاثة أمتار، طولها 10 أمتار وعرضها أربعة أمطار، اقتيد غير بعيد نحو بيت مالك المصنع بنفس الضيعة. كان خوار الأبقار يملا الدنيا، عندما طرق الأمن البيت، أطل صاحب المصنع من الشرفة بثياب النوم، وشاهد بأم عينيه مستخدمه الشرادي شارد الذهن، مكبل اليدين، فأدرك أنها النهاية، لم يتردد في ارتداء ثيابه وتقديم نفسه. في شبه جولة سياحية وسط خضرة المكان، طاف رجال الأمن بمحمد مكتري الضيعة ومستخدمه ليكتشفوا من جديد، مصنعا سريا مجاورا للأول حيث ضبط الشرادي، ليبدأ عد الآليات، والكمية المحجوزة. ..طن ونصف من مسكر ماء الحياة في طور التحضير عثرث عليه الشرطة القضائية وهي تقلب البرامل وتفتح أغطيتها، حاويات متنوعة الأحجام والأشكال، من بينها 7 برامل من سعة 80 لترا، و 8 برامل سعتها مائتي لتر، كما وقف المحققون لحظتها على براميل أخرى تضم 200 لترا من ماء الحياة من نوع " النكعة " أي " التقطيرة الأولى" معدة للبيع، إلى جانب احتياطي من التين المجفف وسط أكياس من الحجم الكبير. وفضلا عن ذلك تم حجز 10 قنينات غاز من الحجم الكبير، و5 أواني من سعة 30 لتر من الألمنيوم " بدوزات " موضوعة لطهي التين. وبرامل بالعشرات أخرى فارغة، وآيات التقطير. و 7 أفرنة. مالك المصنعين السريين من مواليد 1963 بمنطقة لوداية بمراكش المعروف بعنبها وخموها المعتقة، أب لأربعة أبناء، استطاع أن يرسخ قدمه بالمنطقة بسرعة، يربط بين بيع الحليب لتعاونيات تجميع هذه المادة، وبيع ماء الحياة بالجملة للمروجين بمنطقة سوس، وفضلا عن ذلك بين التحقيق في هويته أنه مطلوب من قبل أمن طنجة بتهمة خيانة الأمانة، من ذوي السوابق في مجال ترويج الخمور. بينما مساعده من مواليد 1972 بالصويرة. أمن تيكيون سيحيل المروجان اليوم أمام وكيل الملك بابتدائية أكادير بتهمة ترويج وتقطير وتصنيع ماء الحياة، مع حالة العود بالنسبة لمالك المصنعين السريين. إدريس النجار –الأحداث المغربية