كثيرة هي الخروقات القانونية والممارسات اللإنسانية التي تحدث داخل المنطقة الصناعية " كزناية " بطنجة لدرجة تجعلنا نطرح سؤالا محيرا حول ما إذا كانت هذه المناطق التي تنعت ( بالحرة ) خارجة عن نطاق سيطرة الدولة والقانون ؟؟ تقع المنطقة الصناعية الحرة "كزناية " خارج المدار الحضري لطنجة وهي منطقة حديثة التشيد تضم عددا كبيرا من الشركات والوحدات الصناعية الخاصة بصناعة ألياف السيارات والنسيج والإعلام وهي بمثابة قلب طنجة الصناعي وأحد أهم الأقطاب الصناعية في المغرب ككل ،غير أن هذا الواقع يخفي أشياء أخرى قد تكون أكثر قتامة وسوداوية بالنسبة لمن يشتغلون في ظروف أقل ما يقال عنها أنها ظروف تبدو قريبة للعصر الفيودالي الذي عرفته أروبا المظلمة حيث يتحول الوصف من منطقة حرة إلى منطقة عبيد يستعبد فيها البشر بدون شفقة ولا رحمة . عند أبواب المنطقة الصناعية بطنجة تصادفك عبارات مدونة بلغات عديدة وكلها تعني" مرحبا "غير أن قسمات وملامح الحراس، ولا هزال العمال وتذفقهم عبر أساطيل لا تنتهي من حافلات النقل يدل على أنه فردوس صناعي تحفظ فيه الكرامة الإنسانية والحقوق العمالية . في المنطقة الصناعية "كزناية " بطنجة استنتجنا الوحيد كان هو أن بعض الشركات لا تسري عليها القوانين المغربية بما فيها قانون الشغل المغربي بل حتى حين طرحنا السؤال حول ما إذا كانت هذه المناطق أصلا خارجةعن سيطرة الدولة والقانون المغربي ؟فإن ذلك يبدو قريبا من الواقع لعدة أسباب أهمها : 1- أن بعض هذه الشركات تلجأ لخرق مقتضيات قانون الشغل المغربي من خلال ابتداع " تقليعة" جديدة قل لها نظير وهي التشريع بوضع قوانين وبنوذ تعسفية تحت يافطة القانون الداخلي وهو شيء خطير لأنه يجرد الدولة المغربية من أهم وظائفها الحيوية وهي التشريع (قانون الشغل )واستبدال الأخير بقوانين من صنع اللوبي الصناعي الأجنبي وبالتالي تكون الدولة المغربية التي هي ملزمة بحفظ كرامة مواطنيها قد أخلت بأهم واجباتها الدستورية . 2-فيما يخص القاون المغربي الخاص بالشغل فإنه ينص بصريح العبارة على سبيل المثال (فترة التدريب داخل المقاولة) على ما يلي " بالنسبة للعقود المحدودة المدة فلا يجوز أن تتجاوز فترة الإختبار شهرا واحدا بالنسبة للعقود المبرمة لمدة تفوق 6 أشهر " في حين نجد أن بعض الشركات تسلم العمال الجدد عقود تدريب لمدة 4 أشهر وأكثر، وهذا ما يؤدي إلى إهدار حقوق الكثير من العمال و المستخدمين . 3- جل الشركات العاملة بالمنطقة الصناعية تمنع عمالها من تأسيس النقابات أو أي تكتل عمالي من شأنه الدفاع عن حقوق العمال والمستخدمين تحت طائلة التعرض للطرد من العمل . والحقيقة أني تأسفت كثيرا لحال العمال المغاربة الذين يعانون أوضاعا مزرية خاصة مع موجة الغلاء الفاحش الذي تعرفه الأسعار والموادالإستهلاكية الأساسية وتساءلت مع نفسي وأنا أشاهد حجم الإضرابات والإحتجاجات العمالية في عدد من الدول الغربية عن حجم الفرق بيننا وبين الأوروبين وما إذا كان المغاربة تنقصهم الرغبة أو الإرادة في تغيير أوضاعهم الإقتصادية والمعيشية للأحسنن خاصة بعد تراجع عدد كبير من النقابات عن الدفاع عن مصالح العمال وإفلاس الأخرى أو تشرذمها في أحسن الأحوال ، ذلك أننا لا نجادل في أهمية هذه المناطق في توفير الشغل والعمل لشباب المغرب لكن ليس على حساب حقوقهم ومصالحهم الإقتصادية والمعيشية لأن تراجع الدولة عن دورها الأساسي في حماية الطرف الضعيف / العامل في مواجهة الطرف القوي / "الباطرونا " لن يساهم إلا في تدهور واستفحال المشاكل الإجتماعية وتحوييل مراكز الصناعة إلى براكين قابلة للإنفجار في أية لحظة .