في الوقت الذي أصبح فيه الجميع يكذب "الرواية الرسمية" التي قدمها وزير الداخلية السابق في ندوته الشهيرة، بخصوص ما بات يعرف إعلاميا "بشبكة بليرج"، بما في ذالك الذين صدقوها في البداية، وتأسست مباشرة بعد الإعلان عن الخلية "المزعومة"، لجنة وطنية تضامنية مع المعتقلين السياسيين تضم مختلف القوى الحقوقية والسياسية والجمعوية والفكرية والفنية؛ وفي الوقت الذي نددت فيه جميع المكونات الحقوقية بالأحكام الجائرة التي أصدرتها استئنافية سلا ليلة الجمعة الماضية، والتي خيبت آمال المراقبين والمتتبعين، الذين كان يعتقد البعض منهم "حسن نية السلطات المغربية" بإمكانية إجراء محاكمة عادلة، التي تعني بكل بساطة البراءة؛ في هذا الوقت خرج علينا صوت نشاز لا يمثل إلا نفسه، ويطرح أكثر من علامة استفهام حول دواعيه وخلفياته، حيث جاء سعيد الكحل الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية إلى قناة الجزيرة وبالضبط إلى حصادها المغاربي ليوم السبت17 يوليوز ليقول للرأي العام أن الأسلحة التي ضبطتها الأجهزة الأمنية "دليل كافي يمكن للمحكمة أن تستند إليه سواء في المرحلة الابتدائية أو الاستئنافية، لإدانة هؤلاء المعتقلين". وزعم الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أن القضية ليست سياسية كما يروج، لأن الدولة ليس لها ربح ولا فائدة من وراء هذا الملف، إضافة يقول سعيد الكحل أن ما ضبطته الأجهزة الأمنية من أسلحة ونوعيتها والمخططات التي كانت تستهدف الرموز، تنفي التهمة عن الدولة. ولم يكتفي المحلل المسكين بهذا بل استدل بمثل فرنسي قديم يقول "الحقيقة تجرح لكنها لا تقتل" في إشارة إلى صحة الرواية الرسمية. وأنا أستمع الى هذا المحلل "المبدع" اعتقدت في البداية أنني أمام مسؤول في الأجهزة الأمنية لكن سرعان ما انتبهت من جديد إلى أنني أستمع إلى محلل اسمه سعيد الكحل. الحقيقة الساطعة والماثلة أمامنا هي أن الكحل خرج عن خط التحليل الموضوعي المفترض توفرها في باحث مثله، وانحاز من حيث يدري أولا يدري إلى الدفاع عن الرواية الرسمية التي ثبت زيفها من خلال أطوار المحاكمة، وانهارت بسهولة غير منتظرة فاجأت الجميع أمام ما قدمه دفاع المتهمين من حجج وبراهين. والمتتبع الرزين والرصين سيقف عند معطيات تدحض كل ما نسبته محاضر الضابطة القضائية للمتابعين وما نسبه اليهم شكيب بن موسى، بما في ذالك الأسلحة التي اعتبرها الكحل سبب كافي للإدانة. وإذا كانت قضية الأسلحة صحيحة كما ادعى الباحث، فلماذا لم تقدمها المحكمة بالصيغة القانونية المعلومة، كتشميعها وختمها ووضع اسم الضابط الذي ضبطها، وأسماء المتهمين الذين ضبطت معهم الى غير ذالك. والمثير أنه لما ردت عليه بقوة سكينة قادة زوجة أحد المعتقلين، في ذات النشرة وطالبته بتقديم أدلة على مزاعمه الخرقاء، ليسعف بها على الأقل المدعي العام الذي لم يجد ما يعضض بها كلامه، لم يجد ما يرد به سوى نهجه لسياسة الهروب إلى الأمام، مقترحا على المتابعين مسلكين لطي الملف، الأول الذهاب إلى المجلس الأعلى للنقض والإبرام، والثاني طرق باب العفو محاولا إيهام الجميع أنه الطريق الأنسب وأنه يجب طرقه في أقرب الآجال، ناسيا أو متناسيا أن هذا الباب لا يطرقه إلا المذنبون. ما قاله الباحث سعيد الكحل ليس جديدا عليه فهو معروف بابتعاده عن قواعد التحليل الموضوعي خاصة عندما يتعلق الأمر بالحركات الإسلامية، ويكفي للتأكد القيام بإطلالة بسيطة على ما يكتبه في إحدى اليوميات لنقف على هذه الحقيقة. [email protected]