بتعليق المعتقلين السياسيين في ملف ما يسمى" بقضية بليرج" ومن معهم إضرابهم عن الطعام الذي دام حوالي 18يوما ،مباشرة بعد الاستقبال الأول من نوعه الذي حظيت به هيئة الدفاع من طرف وزير العدل المغربي محمد الناصري وذالك قبيل اتمامه المائة يوم على وصوله للوزارة المثيرة للجدل ،يكون "ملف بليرج" قد دخل مرحلة جديدة ،يرى العديد من المراقبين أنها بمثابة منعطف في اتجاه الانفراج. وعرف الملف منذ انطلاق مرحلته الاستئنافية العديد من التحولات : وأول تحول بدأ قبيل انطلاق جلسات الدرجة الثانية ،ولم يثر أنذاك اهتمام المتتبعين بالشكل الكافي ،حيث أصدر ولأول مرة جميع المتابعين في هذا الملف بيانا مشتركا ،فمن المعلوم أن البيانات الصادرة عن المعنيين بهذا الملف كانت توقع فقط من طرف الرجال الستة -أمين عام حزب الأمة الأستاذ محمد المرواني،أمين عام حزب البديل الحضاري الأستاذ مصطفى المعتصم،والدكتور محمد الأمين الركالة الناطق الرسمي لذات الحزب،العبادلة ماء العينين عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية،عبدالحفيظ السريتي صحافي،وحميد نجيبي المفرج عليه بعد قضائه لعقوبته-البيان المشترك اعتبر أن الأمر "يتعلق بنازلة سياسية وظفت من طرف جهات معينة خدمة لأجندة سياسية تندرج تحت عنوان ،اعادة تشكيل المشهد السياسي المغربي "الموقعون على البيان أكدوا على أن "الأثر السياسي الذي يترتب على ذالك هو أن جميع المعتقليتن في هذه القضية معتقلون سياسيون بالضرورة ،حتى لو لم يكن انتماءاتهم سياسية حزبية "وأريد أن أضيف الى هذا أمر وقف عنده الاعلام المغربي المكتوب والاكتروني طويلا ،ويطرح أكثر من علامة استفهام حول حيثيات علاقة عبد القادر بليرج بهذا الملف الغامض ،وهو العناق الحار الذي جمع بين عبد القادر بليرج واليساري حميد نجيبي عقب أول حضور لهذا الأخير للمحكمة بعد اطلاق سراحه ،بعد قضاء عقوبته الحبسية. ثاني تحول يتعلق بصدور تقرير للمخابرات البلجيكية بداية شهر فبراير الماضي حيث برأ عبدالقادر بليرج من كافة التهم وعمليات القتل فوق التراب البلجيكي ،وأدانه القضاء المغربي بسببها ،بل إن المخابرات البلجيكية ذهبت بعيدا وأكثر مما توقعه المهتمين،وشككت وبوضوح مثير في الرواية الرسمية ،وفي جرأة فريدة قال التقرير:إن المعلومات والمعطيات التي قدمتها السلطات المغربية متناقضة وغير كافية وتفتقد الى الدقة.. ثالث تحول يتجلى في المفاجأة الكبيرة التي فجرها الدفاع خلال شهر دجنبر الماضي ،وتسببت في أزمة كبيرة بعدما أشهر في وجه القاضي الحكم الابتدائي الصادر في حق المتابعين دون أن يكون مستهلا بعبارة"باسم جلالة الملك"التي تتصدر الأحكام عادة،وطالب دفاع أصدقاء المعتصم وبقوة بإلغاء الأحكام ،واعتبارها باطلة من الناحية القانونية بمقتضى المواد83من الدستور المغربي،و365و370من قانون المسطرة الجنائية ،ورغم أن البعض اعتبر هذه النقطة شكلية الا أن لها أبعاد متعددة عند التأمل فيها. رابع تحول يتمثل في صدور اتباعا تقارير طويلة ومفصلة لمنظمات حقوقية وطنية وعربية ودولية:اللجنة العربية لحقوق الانسان،منظمة هيومن رانش،وجمعية عدالة ،المنظمة المغربية لحقوق الانسان،مندى الكرامة لحقوق الانسان،والجمعية المغربية لحقوق الانسان..كلها تؤكد بشكل قاطع بأن الملف طالته جملة من الخروقات ،وشابته رزمة من التجاوزات،نذكر منها:انتهاك مبدأ قرينة البراءة من خلال توجيه القضاء،والإدانه المسبقة للمعتقلين من طرف وزير الداخلية وزميله في الاتصال،وإقدام الوزير الأول في سابقة هي الأولى من نوعها وبدن الرجوع الى مؤسسة القضاء على حل حزب البديل الحضاري ،ثم عدم التحقيق في ما ذكره المعتقلين من تعرض بعضهم للتعديب الجسدي والنفسي،وكذا عدم اجراء أي بحث في طلبات التحقيق في التزوير ،زد على ذالك رفض هيئة المحكمة لمعظم ملتمات الدفاع أبرزها على الاطلاق رفضها استدعاء الشهود ،وكان بعضهم قد عبر عن استعداده لتقدبيم شهادته ...وغيرها كثير أشارت اليها تقارير المنظمات الحقوقية السالف ذكرها بتفصيل ينم عن المتابعة الدقيقة لهذه الجمعيات للملف. خامس تحول يتجلى في انسحاب هيئىة دفاع المعتقلين،وكان بيان لهيئة الدفاع قد أكد أن سبب الانسحاب جاء بعد أن لم "يبق هناك أمل في محاكمة عادلة وصدور حكم عادل ،فقد تقدمنا يقول البيان-بعدة ملتمسات:تقدمنا بملتمس احضار المحجوزات ،وملتمس لضم الملفات التي صدرت فيها الأحكام ،وملنتمس احضار الشهود ،فضلا عن دفوعات شكلية وازنة وثابثة ومعززة بالحجج لكن مرافعة النيابة العامة كانت خارج السياق ،فقررت المحكمة ضم الدفوعات الشكلية الى الجوهر ،لنجد أنفسنا يتابع البيان-نناقش نفس الملفات انطلاقا من نفس المعطيات ،ونفس الوثائق ،وفي غيلب الشهود والأسلحة" التحول السادس هو اقدام المعتقلين في هذا الملف على خطوة اعتبرت تصعيدية احتجاجا على ظروف المحاكمة ،شكلت الحلقة الأقوى ضمن هذه التحولات ،وأعادت الملف من جديد الى الواجهة،مما أحرج السلطات ووضعها أمام أمر واقع لم تكن تننتظره بتلك الحدة ،التي أبانت عن أي فصيلة ينتمي هؤلاء الرجال الشجعان ،هذا الصمود والثبات لا يتأتى لأي كان ،أرغم الذين دبروا هذا الملف وراء الستار أن يبحثوا عن تخريجة تحفظ لهم وجه مائهم،فكان ان استقبل وزير العدل المغربي هيئة دفاع محمد المرواني ومن معه،وقدم وعود اعتبرها الدفاع ايجابية ،وتفاعل معها المضربين عن الطعام انسجاما مع موقف محاميهم الذين أكدو مرة أخرى انتمائهم لفصيلة المناضلين من الدرجة الممتازة. أماسابعها فيتجلى في دخول عائلات المعتقلين على الخط وبشكل عملي هذه المرة من خلال التحاقهم بذويهم في الدخول في اضراب عن الطعام بالمقر المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان. اليوم وبعد استقبال وزير العدل المغربي لهيئة دفاع الرجال الستة،وبعد تقديمه لوعود أبرزها اجراء محاكمة عادلة ،لا خيار أمام السلطات المعنية الا الوفاء ،الذي يعني بكل بساطة براءة المفكر الاسلامي محمد المرواني ومن معه . وتجدر الاشارة في الأخير الى أن السلطات تابعت هؤلاء الرجال من أجل" تكوين عصابة اجرامية لإعداد أعمال ارهابية وارتكابها ،والمشاركة في إطار مشروع جماعي يهدف الى المس الخطير بالنظام العام ،والقتل العمد ومحاولة القتل بواسطة أسلحة نارية مع سبق الإصرار والترصد ،ونقل وحيازة أسلحة نارية ،وذخيرة بغرض استعمالها في تنفيد مخططات إرهابية"حسب التكييف الجنائي الذي توبعوا به من طرف قاضي التحقيق ،وهي تهم إذا كان البعض قد شكك فيها في البداية ،فإن اليوم الجميع يكذبها ويعتبرها وسيلة لتصفية حسابات سياسية ليس إلا.