نظمت جمعية الاقتصاديين المغاربة فرع طنجة ندوة حول موضوع الجهوي بعنوان : أي نموذج جهوي لتحقيق تنمية سوسيو اقتصادية متوازنة بالمغرب ، وذلك يوم السبت الماضي 29 ماي 2010 م ، حيث اعتبر الدكتور محمد يحيا في بداية الندوة أن هذه المحطة تأتي لتوسيع النقاش الوطني حول موضوع الجهوية بحثا عن النموذج الملائم للتجربة المغربية، كما اعتبر أن هاته المحطة من تاريخ المغرب تدخل ضمن مسار طويل من محطات التأسيس والتقعيد القانوني للجهوية بمختلف درجاتها الإدارية والاقتصادية ثم السياسية التي يسعى المغرب لتحقيقها حاليا. فيما ألح الأستاذ مصطفى الكثيري في مداخلته على ضرورة بناء جهة على أساس كيانات جهوية قوية وذات قدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي وحشد قدرات الاستثمار ، بما يقوي التنافس الخلاق بين مختلف الجهات لأجل انصهار الجميع في بوثقة واحدة. السيد عمر مورو من جانبه كرئيس لغرفة التجارة والصناعة التقليدية بطنجة اعتبر أن تقوية الصبغة الاقتصادية للجهة هو ضرورة تنموية ، وأن ذلك لايمكن تحققه من دون تقطيع جهوي متجانس ، يتناسب مع مطالب التنمية الاجتماعية والاقتصادية. واعتبر الدكتور جلول صمصم رئيس المركز الجهوي للاستثمار بطنجة أنه ومن خلال دراسة أوربية حول الجهوية يتبين أنه لا يوجد نموذج واحد للجهوية بأوربا خصوص في الدول التي تعتمد النظام الفدرالي والذي تنشده التجربة المغربية . واعتبر الدكتور صمصم الأهمية القصوى للرسالة الملكية لسنة 2002 في موضوع اللاتمركز الإداري ، والتي ألحت على ضرورة التفويض العاجل للسلط إلى ممثلي الحكومة بالجهات . كما اعتبر الأستاذ صمصم أن منطلق بناء النموذج الجهوي ينبني على ثلاثة أمور هي : 1 رصد المؤهلات الجهوية، 2 ضبط السياسات القمينة بتثمين هذه المؤهلات، 3 وضع آليات لاستقطاب الاستثمار اللازم لتحقيق التنمية . ونبه السيد جلول صمصم من خطر التعارض بين السياسات الجهوية والسياسات العامة الوطنية بل إنها امتداد لها ، تتجاوران بشكل متواز يصاحب أيضا تطبيق نظامي اللامركزية واللاتمركز الإداري. في تدخله اعتبر الأستاذ علي بوعبيد أن الحديث عن الجهوية يأتي في سياق الانتقال الديموقراطي ، وأنها كيان سياسي يضمن تحقيق حركية ديموقراطية متدرجة ، وأن البحث عن نموذج جهوي ينطلق من الإيمان بأن أي نموذج لابد وأن يكون وفق مقاس كل بلد وكل جهة وضرب مثالا على ذلك بالجهوية الإسبانية وذكر بالتمايز المعروف بين خصوصية كل جهة . ونبه من أن غياب التضامن بين الجهات والعجز الواضح لعدد من جهات المغرب قد ينذر بخلق جهات يتيمة في المستقبل. وألح بوعبيد تفاديا لذلك على تحقيق التجانس بين الجهات وبين مخططات التنمية الجهوية والوطنية والقطاعية ، مع ضرورة تحقيق التوزيع العادل للثروات ونقل السلطات كاملة إلى الولاة وتحقيق الانسجام بين مختلف المصالح والقطاعات التابعة له وتعزيز السلطة الجهوية بيده ، فيما قدم سيناريو آخر لم يكن متفائلا بشأنه وهو سيناريو نقل السلطات إلى مجالس الجهات في انتظار أن تلتحم وتتطور التجربة الجهوية رويدا رويدا ومعها تجارب المنتخبين. ونبه السيد علي بوعبيد من غياب القواعد القانونية لترسيخ الجهات إذا ما استثنينا الأساس الدستوري ، والرسالة الملكية حول اللاتمركز الإداري ، وأوضح أن هناك تجارب عملية للجهوية على رأسها المبادرة الوطنية للتنميةو البشرية فيما تدخل الدكتور بلخيري عمر ليوضح بالأرقام والإحصائيات مخاطر الوضع الحالي للجهات ، والتي تعرف فروقا شاسعة بين الجهات ، بريادة مطلقة لجهة الدارالبيضاء ، وأكد على أن التجربة أثبتت إمكانية استدراك هاته الهوة من خلال عدد من التدخلات التنموية . من جانبه أكد الدكتور البوسلهامي على جملة من الملاحظات من أهمها الثروات (كالبرتقال مثلا) والتي تحمل من جهة إلى جهات أخرى ليتم احتساب مؤشرها الاقتصادي ضمن الجهات التي تقوم بتثمينها، كذلك وجود بعض القرارت الاقتصادية الكبرى التي اتخذت محليا ، وأثبتت فشلها الدريع، وهو مؤشر سلبي ليس في صالح الجهوية ، ويرفع الهواجس بشأنها . واعتبر أيضا أن التحدي المطروح هو النجاح في اختيار جبايات محلية منضبطة مع الجهة ، وتكون منسجمة مع الجبايات الوطنية . أما الدكتور عبد الرحمن الصديقي الذي كان عمليا للغاية فقد قدم جملة من الخلاصات الحسابية والمنطقية التي أنتج من خلالها خريطة واقعية ومقنعة لتسع جهات في المغرب بدل ستة عشر، اعتمدت ما اعتبره مؤشرات الجهوية الذكية في المغرب النابعة من الخطاب الملكي بهذا الخصوص، كما ألح على أن هناك مؤشرات اقتصادية واجتماعية وثقافية ... تختلف من جهة إلى أخرى وتساعد في البحث عن النموذج والتقطيع الجهوي المناسب . واعتبر الدكتور عبد الرحمن الصديقي أن تطبيق الجهوية له تكلفة اقتصادية ، وبالتالي لا يجب تجاوز التجارب السابقة في هذا المجال مع ضرورة تصحيح أخطائها. فيما اعتبر الدكتور سعيد كوبريت أن الإعلام هو جزء من التجربة الجهوية ومساعد على تحقيقها باعتبارها أداة لتحريك الرأي العام ، ومن خلاله يمكن تحقيق التوعية والتضامن اللازم الكفيل بإنجاح الجهوية ، إلا أنه ميز بين الأشواط التي قطعتها الجهوية الإعلامية واعتبر أن التجربة الإذاعية تبقى متقدمة على تلك المرتبطة بالإعلام المرئي . ولم يفت الأستاذ كوبريت بالدور الرائد لطنجة في هذا المجال على اعتبار مساهمته في تاريخ الحركة الوطنية ( تجربة المرحوم المكي الناصري وغيره من رموز الحركة الوطنية ) كذلك تجربة إذاعة طنجة وعدد من الجرائد والإذاعات المحلية . وفي ختام الندوة رفع المشاركون برقية ولاء وإخلاص لجلالة الملك محمد السادس ، كما قدمت الندوة عددا من التوصيات من بينها تنويع آليات تمويل الجهات ، وبناء المهارات لتطوير البنية البشرية اللازمة لتسيير الجهات ، إنجاز مخططات اقتصادية واجتماعية عملية قابلة للتنفيذ، وإعطاء الأولوية للبعد التنموي للجهة ، مع تكريس دعم الجهات المهمشة ... واختتمت بترديد النشيد الوطني .