يخلد العالم و معه شمال المغرب/الريف العيد الأممي للعمال في ظرفية عامة تتسم دوليا باستمرار تفاعلات الأزمة الاقتصادية العالمية و تطوراتها الخطيرة و انعكاساتها السلبية على الطبقة العاملة خاصة أمام استهداف حقوقها و مكتسباتها و محاولات تحميلها فاتورة هذه الأزمة و الفضاء النقابي الديمقراطي يضم صوته إلى مختلف الأصوات الداعية إلى إعادة الاعتبار للبعد الاجتماعي و البيئي و لقيم المواطنة و الحد من تحكم الأسواق المالية في توجيه السياسات الرسمية الدولية كمدخل أساسي لتجاوز الأزمة العالمية الحالية. وطنيا أهم السمات المميزة للظرفية التي نخلد فيها فاتح ماي هذه السنة استمرار التقهقر في مؤشرات التنمية البشرية و تراجع المغرب بين 177 دولة من المرتبة 125 سنة 2005 إلى المرتبة 126 سنة 2008 ثم المرتبة 130 عالميا حسب التقرير العالمي لأكتوبر 2009 و تعكسه المعطيات الواقعية في ظل انهيار القدرة الشرائية لفئات واسعة من الشعب المغربي و على رأسها الطبقة العاملة أمام ضعف الأجور و غلاء تكاليف المعيشة و أمام نسب مرتفعة من الفقر و البطالة و الأمية و تدني الخدمات الاجتماعية، و في ظل فوارق مجالية صارخة مازالت تحكم على العديد من الجهات و المناطق المغربية بالتهميش و العزلة و تكرس عدم تكافؤ الفرص في استفادة الشعب المغربي من ثرواته و حقوقه و في ظل الفشل الذريع لمشاريع الإصلاح المبرمجة خلال العشرية الماضية و الحالية حيث لا إصلاح تعليمي ناجح و لا تحسن صحي ملموس و لا سياسة بيئية واضحة...رغم ما أنفق من ميزانيات باهضة تفرض الإجابة حول مصيرها ... أمام هكذا وضع يسجل تخبط واضح للدولة في تدبير الأزمة فهي من جهة تتبنى في خطابها الجديد الجهوية كخيار لتجاوز الحصيلة الهزيلة في مجال الديمقراطية و التنمية لعقود من التدبير المركزي و من جهة أخرى فهي تتمادى في تكريس نفس المنهجية السياسية المركزية في مختلف ممارساتها، و لعل ذلك ما تؤكده محدودية النتائج الأولية للمخططات الإستعجالية المبرمجة لتدارك الأمر و تبدد عليها أموال عمومية هائلة، و كذلك التمادي في العمل بقوانين و إعداد أخرى تكرس تحكم نخب مركزية دون سواها في السلطة و الثروة الوطنية على حساب الحريات و الحقوق الأساسية لمختلف الجهات التاريخية للمغرب ( قانون تأسيس الأحزاب، قانون النقابات، قانون الإضراب مدونة السير...) محليا و جهويا: تبقى الاستجابة الرسمية لمطالب الإقليم خصوصا و جهة شمال المغرب/الريف عموما رغم ما يسجل من بعض الإنجازات بعيدا كل البعد عن طموحات و انتظارات أهالي المنطقة و مطالبهم التاريخية و ما يستحقه الريف من إنصاف عادل مقارنة بمكانته المتميزة على المستوى الإستراتيجي و بحجم ثرواته و موارده المالية الداخلية و تحويلات أبناءه بالخارج و كذا مؤهلاته الطبيعية و البشرية حيث لازالت المنطقة تعاني بشكل كبير من تبعات الجرائم التاريخية و عقود الإقصاء و التهميش في ظل أوضاع بنيوية و اقتصادية و اجتماعية تتسم باختلالات تقض مضجع التنمية بالإقليم و تحكم عليه بالعزلة أمام مسالك طرقية هزيلة مهترئة تربطه بمجاله الداخلي و الخارجي و خصاص في المرافق و التجهيزات، استمرار ضعف و هشاشة النسيج الاقتصادي ( الفلاحة، الصيد البحري، السياحة...) استمرار تدهور القطاعات العمومية و على رأسها التعليم و الصحة في ظل استشراء الفساد الإداري و سوء التسيير و التدبير و مردودية متدنية، نسب مرتفعة من الأمية و الفقر و نسب عالية من البطالة لاسيما في صفوف حاملي الشهادات و الدبلومات و عوامل أخرى بالإضافة إلى تسجيل انتهاكات في حق أبناء المنطقة من خلال قمع حركاتهم الاحتجاجية و استمرار سلوكيات مخزنية قروسطوية في التعامل مع المواطنين. و في ظل واقع الحال البنيوي هذا، تجد الطبقة العاملة نفسها أمام إكراهات اجتماعية متفاقمة تنضاف إلى معاناتها اليومية متمثلة في ضعف القدرة الشرائية بسبب جمود الأجور، ركود الرواج الاقتصادي، الغلاء الفاحش في المعيشة، الزيادة الصاروخية في الأسعار و صعوبة الحصول على السكن بسبب غلاء العقار و فآت واسعة من المأجورين و المهنيين تهضم حقوقهم في ظل قطاعات يشوبها سوء التنظيم و ضعف الهيكلة ( الصيد البحري، النقل...) و الكثير منهم محرومون من أية حماية اجتماعية أو تغطية صحية ،( سائقي الطاكسيات بصنفيها ،أجراء، مهنيون ...) خاصة أمام إغلاق الدولة في وجههم الحق في الانخراط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بدون مبرر يذكر، هذا مع تسجيل خصاص كبير في الخدمات التعاضدية و كذلك ضعف كبير في مساهمة الدولة بخصوص دعم الأعمال الاجتماعية لفائدة العمال و الموظفين بالمنطقة( السكن، الصحة، النقل و خدمات أخرى...) إسوة "بالمغرب النافع"، إن الفضاء النقابي الديمقراطي و في إطار استعراضه للوضع البنيوي بالإقليم و الأوضاع الإجتماعية التي تعيشها فئات واسعة من المأجورين و المهنيين و الموظفين بمختلف القطاعات العمومية، و استشعارا منه بحجم الأزمة المتفاقمة التي تعاني منها المنطقة لعقود من الزمن ،و ما يشكله ذلك من عرقلة كبيرة لمساعي التقدم الشامل ،و انطلاقا من قناعاته المبدئية و خياراته الإستراتيجية، يجدد تأكيده على أن أي إقلاع تنموي حقيقي بالريف خصوصا و المغرب عموما رهين بإصلاحات سياسية عميقة تمنح بموجبها للريف حقه الطبيعي / التاريخي في التسيير الذاتي ضمن دولة الأطونوميات المتضامنة،و تضمن حقوقه في الإنصاف لتجاوز مخلفات الماضي.و يخلد فاتح ماي 2010 تحت شعار" من أجل تحقيق الإنصاف، المواطنة، التنمية بالريف و اقرار كيانه التاريخي و الثقافي"و يطالب الدولة ب: *رفع كل القيود المركزية و أشكال الوصاية التي تقيد حرية أبناء المنطقة بما يضمن حقهم في تسيير شؤونهم بأنفسهم و مساهمة فعالة و مواطنة في أوراش التنمية الشاملة و إلغاء كل القوانين المجحفة في هذا الصدد. * امتلاك جرأة حقيقية في الكشف عن ملف ماضي الإنتهاكات الجسيمة بالمنطقة لوضع أسس حقيقية للمصالحة مع التاريخ بصفة عامة و مع شمال المغرب/الريف بصفة خاصة. * انصاف حقيقي للريف يراعي حجم الدين التاريخي الذي يستحقه على الدولة لتدارك التأخر الحاصل في التنمية الشاملة و هو ما يتطلب التسريع في: - تأهيل الإقليم بنيويا و اقتصاديا عبر شق الطرق و توفير البنيات اللازمة و خلق مشاريع تنموية مستدامة تسهاهم في فك العزلة و إنعاش الشغل و تأهيل المنطقة لتستعيد مكانتها الطبيعية ضمن قطب اقتصادي شمالي قوي يساهم بدوره التاريخي في تحريك عجلة التنمية في الريف و البلاد. - ضمان تنفيذ المخطط السياحي " رؤية الحسيمة 2015" و ضمنه مشروع السواني ضمن معايير ترتكز على احترام البيئة و الموروث التاريخي و الثقافي و تشغيل الساكنة ليشكل جزء من القطب السياحي المنشود و الملائم بالإقليم. - إصلاح القطاعات العمومية بالإقليم و خاصة التعليم و الصحة بدء بسد الخصاص في الموارد البشرية و البنيات و التجهيزات، تفويت صلاحيات واسعة للمندوبيات و النيابات الإقليمية في التسيير، اعتماد تدبير إداري قائم على الشفافية و القدرات و الكفاءات في التشخيص و تحديد الإهداف و الأجرأة و التقييم و الدعم ،و إشراك حقيقي للعاملين بالقطاعات لتحقيق إصلاحات من شأنها أن تشكل نماذج يحتدى بها على المستوى الوطني في مجال التسيير و التدبير و النتائج. - تأهيل قطاع النقل بالإقليم و توفير بنياته من المحطات و الخدمات الحيوية على طول الطرق ،ليلعب دوره في تنظيم حركة السير و توفير النقل للمواطنين في ظروف حسنة ،وضمان شروط أفضل للعمل بالنسبة للأجراء في القطاع. و في هذا الإطار نذكر بالمطالب العادلة لسائقي الطاكسيات بصنفيها وحقهم في الضمان الإجتماعي . - تأهيل قطاع الصيد البحري عبر تحديث أسطوله و تقوية بنيات و تجهيزات الميناء و تنظيم عمليات البيع و الشراء ليساهم بدوره الطبيعي في إنعاش الاقتصاد المحلي و تحسين الأوضاع الاجتماعية للبحارة و توفير الموارد السمكية بأثمنة مناسبة للمواطنين، مع ضرورة احترام البعد الإيكولوجي البحري وفق المعايير المتفق عليها عالميا و إشراك ممثلي البحارة/الصيادين كطرف أساسي في أية عملية تهم مستقبل هذا القطاع مشروع إلغاء رخص الصيد من نوع" بونيتيراس" نموذجا. - تأهيل القطاع الفلاحي عبر دعم الفلاح الصغير و تشجيع التعاونيات الفلاحية لتلعب دورها في تحفيز الإنتاج و تطوير تقنياته و تنظيم، عمليات التسويق و هو ما من شأنه توفير مناصب شغل قارة للساكنة و تحقيق الإكتفاء الذاتي في بعض المنتوجات الفلاحية، وفي هذا الصدد نجدد تأكيدنا على ضرورة تنفيذ الإتفاقيات و التوصيات الرسمية المبرمة مع العمال في شأن تأهيل تعاونية الحليب بني بوعياش . - دمقرطة صناديق الاحتياط الاجتماعي و تدبير جهوي شفاف يضمن تقريب الخدمات من المواطنين و تكافؤ الفرص في الاستفادة، و تمكين مختلف الأجراء و المهنيين بالإقليم من حقهم في الانخراط بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عبر فتح المجال أمام الراغبين كخطوة أولى في اتجاه توسيع قاعدة المنخرطين بالصندوق و ضمان حماية اجتماعية لفئات واسعة من المواطنين. - دعم الأعمال الاجتماعية لفائدة الموظفين و مختلف الإجراء بالإقليم خاصة في ما يتعلق بالسكن و الذي من شأنه أن يضمن استفادتهم و يساهم في التخفيف الجزئي عن معاناتهم و في هذا الشأن نجدد مطالبنا العادلة في ضمان توفير منتوج سكني اجتماعي في متناول القدرة الشرائية و اعتماد معايير استحقاق موضوعية في ما يتعلق بالإستفادة من المشروع السكني" بادس/أبولاي" الذي أنشئ لغرض إجتماعي و "ميرادور " الذي تبنته FM6 لأسرة التعليم.