تلقيت قبل مدة، دعوة من قبل (مؤسسة تحقيق الحلم) التي اسست على يد مارتن لوثر كينج الحفيد، ومؤسسة الشرق الاوسط لللاعنف والديمقراطية، والتي مركزها مدينة القدس ومركز الديمقراطية وتنمية المجتمع، وحضرت المؤتمر، والذي عقد في فندق البست ايسترن في مدينة رامالله يوم الأربعاء الموافق 14/4/2010م، وقد كان الحضور كبيرا جدا وملفتا للانتباه، وبعد ان عرض المتحدثون اوراقهم، والتي في معظمها تحث على تعزيز سياسة اللاعنف في المجتمع الفلسطيني، وجاء دور المناقشات، واعترضت في مداخلتي حقيقة، على عنوان المؤتمر، والذي كان بعنوان: (تعزيز سياسة اللاعنف في فلسطين)، وهذا لا يعني انني لا اؤيد سياسة تعزيز اللاعنف في فلسطين، بل على العكس من ذلك، ولكن عنوان المؤتمر في حقيقته، هو كلمة حق يراد بها باطل، حيث لا اعتقد شخصيا، يوجد في فلسطين، من يؤيد سياسة العنف، ولا حتى في العالم العربي من يؤيد سياسة العنف بشكل عام، وقد قلت في مداخلتي، ان عنوان المؤتمر، غير سليم، وغير منطقي، وغير موضوعي، لأن الواضح من العنوان وكأن شعبنا الفلسطيني شعب يحب العنف بدون سبب، وكأننا جبلنا على العنف كفطرة وكعامل وراثي، وهذا كذب وافتراء على الواقع، واي نوع من العنف المقصود في المؤتمر، ولا شك بأن المقصود، به هو العمل المجسد والمقاوم ضد الأحتلال الصهيوني، لأراضينا الفلسطينية، ومن هنا كان اعتراضي على عنوان المؤتمر، لأن شعبنا الفلسطيني معروف منذ القدم، بانه شعب مسالم، وضد سياسة التمييز العنصري منذ مئات السنين، ولا يؤمن بالعنف في تعامله مع ابنائه، او مع اي شعب آخر، سواء كأفراد او كجماعات، مهما كان اصلها وفصلها، او جنسها او معتقداتها الدينية، أوعرقها ولونها، وهو في نفس الوقت، يمد كلتا يديه لدولة الاحتلال الصهيوني، من صنع اجل السلام في المنطقة، وانهاء الاحتلال، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بعاصمتها القدس الشريف، ولكن دولة الاحتلال الصهيونية، وشعبها الذي يجنح لسياسة الاحتلال، يظهر انهما غير جاهزين لعملية السلام، والانسحاب من الاراضي الفلسطينيةالمحتلة، وخاصة من مدينة القدس الشريف، وقد نوهت الى سياسة الاحتلال الاجرامية في فلسطين، والى عدد الشهداء الذين سقطوا في العام 2007/2008م اثر الهجوم الاجرامي على قطاع غزة، حيث بلغ عدد الشهداء اكثر (1450) شهيدا، وعشرات الآلاف من الجرحى، وآلاف المنازل المهدمة، وبلغ عدد الشهداء الاطفال، اكثر من (450) شهيدا، اضافة الى عشرات الشهيدات من النساء الفلسطينيات، وهذا يدل على مدى العنف الذي تمارسه دولة الأحتلال الصهيونية، الدولة المحتلة للأراضي الفلسطينية، واذا كان لدينا عنف في فلسطين، فانه حقيقة، لا يصل ولا يقارن بمدى العنف الذي تكيله دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين المدنيين العزل من السلاح، فالعنف الاسرائيلي، ادين بعشرات القرارات الصادرة عن هيئات الأممالمتحدة، ومؤسسات حقوق الانسان الدولية، وابسط مثال على ذلك، ما جاء في تقرير جولد ستون، عن العنف الصادر عن دولة الاحتلال، في عدوانها على ابناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، والذي فضح المزاعم الصهيونية، والتي تدعي بانها دولة ديموقراطية وحامية لحقوق الانسان في المنطقة. مع الأسف الشديد، ان معظم المتحدثين، تجاهلوا العنف الصهيوني الواضح ضد ابناء شعبنا الفلسطيني، والذي يرقى لمستوى الجرائم البشعة ضد الانسانية، ولم يلفتوا الانتباه اليه، مع انه ظاهر كالشمس، للقاصي والداني، وقد ادانه المجتمع الدولي بشكل شبه كامل، ما عدا الدول المستبدة والحاقدة، والتي تجري في ركب وفلك السياسة الأمريكية والصهيونية وحقيقة، كان الأفضل لو وجهت رسائل المتحدثين وكلماتهم واطروحاتهم كلها للشعب الاسرائيلي وحكومته المستبدة، وليس للشعب الفلسطيني، فهو الأكثر حاجة لتعزيز اللاعنف، ولوقف العنف والاجرام بحق المواطنين الفلسطينيين، وبحق الاطفال والشيوخ والنساء الآمنين، وهذا العنف لا يتجلى فقط بالعدوان الغاشم على اهلنا في قطاع غزة فقط، بل يجسد ويمارس على ابناء شعبنا صباحا ومساءا، وفي كل يوم وساعة، مع طلوع الشمس وحتى غروبها، على الحواجز والطرقات، وفي المعتقلات والسجون الصهيونية، وفي القرارات الجائرة التي تتخذها حكومة الاحتلال، ضد ابناء شعبنا، وآخرها القرار المعروف رقم 1915 والذي يعمل على طرد ابناء شعبنا في الضفة الغربية، من ابنائنا في القطاع المحاصر، وقد يعود هذا الى خطأ المنظمين للحفل، وقد يكون ليس خطأ، بقدر ما هو كان مقصودا، لوسم الشعب الفلسطيني، بانه شعب يحب العنف، في اشارة منه للمقاومة الشعبية السلمية والمدنية وحتى المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، فكأن المقاومة الشعبية وغير ها من أشكال المقاومة للاحتلال، هي العنف المقصود، فمقاومة الأحتلال بكل اشكالها، اقرتها المواثيق الدولية والشرعية، ولا تعتبر عنفا، بل هي مقاومة شرعية وحقة ومطلوبة، والمفروض دعمها بكل صورها واشكالها، كونها ضد محتل غاصب، وهو المحتل الصهيوني، وكأن الشعب الاسرائيلي هو الحمل الوديع في المنطقة، والشعب الفلسطيني هو الذئب، مع ان هذه المعادلة الخاطئة، منذ زمن بعيد، قد تغيرت، ولم تعد تنجلي كذبها ورياؤها على أحد، وكشفت الشعب الاسرائيلي حقيقة صورته القبيحة، في المجازر التي ارتكبها في حربه على شعبنا في غزة، وادانتها كل شعوب العالم، ما عدا الشعب الصهيوني المحتل، لأراضينا الفلسطينية. ويظهر ان الجهات الممولة للمؤتمر، وراء ذلك المضمون والهدف من المؤتمر، ومع هذا وذك، فان اموال الممولين للمؤتمر، لن تغير من صورة الاحتلال الاسرائيلي المجرم والنازي، والقاتل لطموحات وأحلام الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال، واقامة دولته الفلسطينية المستقلة على ارض ترابه الوطني. كان الأجدى والأشرف لممولي مثل هذه المؤتمرات ان يقيموها في دولة الاحتلال كي يحدوا من العنف الصهيوني ضد ابناء الشعب الفلسطيني المسالم والآمن، وانا ارجو من الممولين لمؤتمرات تعزيز اللاعنف في فلسطين ان يطلبوا من قادة دولة الاحتلال الصهيوني، ان لا يوقفوا العنف ضد الفلسطينيين، بل على الأقل، التقليل من شدته وعنفه، واساليب التقنية المستخدمة عند ممارسته علينا، فحقيقة، ادمان العنف، لا يمكن نزعه او القضاء عليه بسهولة، وانا اقدر العوامل الوراثية التي تتحكم بالشعب الصهيوني، وجعله غير ناجح لوقف العنف ضدنا، لهذا كان رجائي. [email protected]