لم يتمكن ريال مدريد وملايينه من ايقاف قاطرة برشلونة وفرقة الارجنتيني ليونيل ميسي، اذ وقف عاجزا أمام عباقرة المدرب جوسيب غوارديولا الذين تركوا بصمة تاريخية جديدة في عقر دار العاصمة الملكية الاسبانية. فوز صريح في افتتاح المرحلة الحادية والثلاثين من الدوري الاسباني لكرة القدم بهدفين للمعجزة ميسي والتلميذ النجيب بدرو، وضعا برشلونة على قمة ترتيب الليغا، انتزعه من ملعب "سانتياغو برنابيو" الذي عاش هزة أخرى من الاستقلاليين الكاتالان بعد مجزرة العام الماضي 6-2. يقول العبقري ميسي ان فريقه قد يكتب فصولا جديدة في تاريخ النادي بعد فوزه على ريال : "اللقب لم يحسم بعد لانه يتبقى لنا مباريات صعبة، بيد ان الفوز كان خطوة هامة وبامكاننا مواصلة كتابة التاريخ". ثلاث نقاط تفرق برشلونة عن ريال مدريد، وهو لا يزال مبحرا في مسيرة دفاعه عن لقبه في دوري ابطال أوروبا حيث تأهل الى نصف النهائي لمواجهة انتر ميلان الايطالي، في حين خرجت مجموعة المدرب التشيلي مانويل بيليغريني من الباب الضيق أمام ليون الفرنسي في الدور الثاني. قال بيليغريني بعد اللقاء: "أجبرنا برشلونة على خسارة الكثير من الكرات ونجح في ترجمة فرصته الاولى. مررنا بسلسلة ناجحة لكن خصمنا أفضل منا حاليا. يبقى 21 نقطة في الدوري ولن نستسلم من الان، وسنحارب حتى النهاية. ظهر برشلونة واثقا من الكرة خصوصا عندما يكون متقدما. افتقدنا للصفاء في اللعب. كانت المباراة أساسية، لكن لا أعتقد ان برشلونة يشعر من الان باحساس الفوز في اللقب". برشلونة أوقف 12 انتصارا متتاليا لريال وجدد فوزه عليه بعدما كان تغلب عليه 1-صفر ذهابا، علما بانه حقق الانجاز ذاته الموسم الماضي، ليحقق فوزه ال62 في 160 مباراة بينهما مقابل 68 فوزا لريال مدريد و30 تعادلا. فاحت رائحة النخبة من مستطيل برنابيو الرائع، خصوصا عندما بدا ان أصحاب الارض ينوون قض مضاجع فيكتور فالديس، لكن غوارديولا حبك خط دفاعه كما لم نراه من قبل. القائد كارليس بويول استلم الجبهة اليمنى وجيرار بيكيه والارجنتيني غابريال ميليتو في القلب يعاونهما الظهير البرازيلي ماكسويل يسارا، في حين أغلق سيرجيو بوسكتس والمالي سيدو كيتا المحاور الوسطية افساحا في المجال لشابي في صناعة اللعب وكان خارقا بتمريرتين حاسمتين. واحتفظ غوادريولا باندريس انييستا على مقاعد الاحتياط مفضلا عليه بيدرو رودريغيز على الجهة اليسرى كما قام البرازيلي دانيال الفيش بدور فاعل على الجناح الايمن، ولعب ميسي بمفرده في خط الهجوم في ظل غياب السويدي زلاتان ابراهيموفيتش بسبب الاصابة، وهو مركز مغاير للعملاق الصغير اذ كان يتألق سابقا على الممر الايمن. قال مدرب الفريق الكاتالوني بعد لوحته الفنية: "واجهنا المتصدر الذي فاز في 15 مباراة من أصل 15 على أرضه. فزنا في مباراة غلبت عليها الجدية. نحن راضون لكن يبقى الكثير (من المباريات). يجب ان ننتظر كيف سنخوض مباراة الاربعاء (في المرحلة 32)، خصوصا من الناحية الذهنية". لم يتأخر "الجوهرة" ميسي بالتوغل في عمق دفاع الميرينغيس، فاستقبل لولبية شابي وغمز بيمناه الحارس كاسياس الذي بدا عاجزا عن مقارعة اسطورة جديدة لا يتوقف عن تقديم المزيد من الابتكارات النادرة. سبعة أهداف لميسي في لقاءات الكلاسيكو، و27 في الدوري هذا الموسم ليعزز موقعه في صدارة لائحة الهدافين، أما في مختلف المسابقات فقد سجل هدفه ال40 هذا الموسم . يتابع ميسي الخجول على أرض الملعب: "أظهر الفريق ان بامكانه التفوق على اي خصم أذا أردنا ذلك، لكن علينا أن نقوم بالمهمة على أرض الملعب كما حصل الليلة". بعد الاستراحة، فتح غوارديولا علبته السحرية، فحول بويول الى الجهة اليسرى، وأعاد ألفيش الى الخلف، ودفع بماكسويل الى الوسط، كي يحافظ أكثر على الكرة، ثم يدورها ويباغت الخصم النائم بكرة مرتدة قاتلة، قبل ان يدفع باينييستا صاحب القدرة الهائلة على الاحتفاظ بالكرة. وأضاف غوادريولا ان "عمل بيليغيرني (مدرب ريال) رائع. تعين علينا مراقبة كريستيانو رونالدو جيدا. تكتيكيا، عملنا على تنظيم وتوزيع اللاعبين ثم الانطلاق في العمق بسرعة. ضغطنا كثيرا على قلبي الدفاع". هيمنة البلاوغرانا أثمرت خسارة قاسية لريال هي السادسة عشرة على ارضه امام برشلونة في تاريخ لقاءات الفريقين. هذه الهيمنة حملت منافسة رديفة، خرج منها ميسي متفوقا على البرتغالي كريستيانو رونالدو اذ بدا خارج مستوياته المعهودة. ويمر ميسي بفترة رائعة كانت اخر محطاتها رباعيته النادرة في مرمى ارسنال الانكليزي في اياب نصف نهائي دوري ابطال اوروبا. وعن المواجهة مع رونالدو الذي ضبطه بيكي وقطع عنه الهواء داخل المنطقة، قال ميسي: "لم تكن المواجهة بيني وبينه، بكل بساطة تفوق برشلونة على ريال مدريد". حضر رونالدو والارجنتيني غونزالو هيغواين جسديا وغابا فعليا، فحاول بيليغريني تنشيط فريقه من خلال الزج بغوتي وراوول والفرنسي كريم بنزيمة، لكن قطار مدريد توقف في عقر داره تحت انظار المشجعين الذين لم يتمكنوا من التعبير عن غضبهم سوى بانتقاد تبديلات المدرب التشيلي. وعن استمراره مع ريال مدريد قال بيليغريني: "لست أنا من يجيب على هذا السؤال". كان غوارديولا متواضعا كالعادة ورغم تنظيمه لاعبيه بطريقة مدهشة، الا انه ختم: "الفضل يعود الى اللاعبين، ولا أملك الكثير من الأسرار".