أكد الكاتب العام للعمالة أن الهدف الأساسي من المخطط هو جبر الضرر الذي لحق بساكنة المنطقة، وفتح صفحة جديدة تعيد الثقة إلى المواطنين في المشاريع التنموية المقررةرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين مر أزيد من سنة على اللقاء الذي جمع بين الكاتب العام لعمالة الفحص أنجرة والمكتب المركزي لرابطة الدفاع عن حقوق المستهلكين المنعقد بتاريخ 13/10/2008 والذي سجل خلاله تحمل سلطة الإقليم لمجموعة من الالتزامات المسطرة ضمن البرنامج الطموح للمخطط الثلاثي لتنمية الإقليم الممتد من 2007 إلى 2009 ، حيث أكد الكاتب العام للعمالة أن الهدف الأساسي من المخطط هو جبر الضرر الذي لحق بساكنة المنطقة، وفتح صفحة جديدة تعيد الثقة إلى المواطنين في المشاريع التنموية المقررة، وكذلك إدماج الساكنة ضمن مشاريع التنمية التي انطلقت بالإقليم، وقد استعرض أمامنا جملة من المنجزات المقررة من أجل تغيير ملامح الإقليم، وبعث روح الأمل والثقة في المستقبل، كما أبان سيادته عن خطاب منفتح ومتفهم لكل المشاكل والمطالب المطروحة من طرف السكان، والتزم بالعمل على حلها عن طريق الحوار المستمر وإشراك الأطراف المتدخلة. ولكن حينما تعلق الأمر بالتنفيذ الفعلى للالتزامات، وقف حمار الشيخ في العقبة، وتبخرت الوعود، وأقفلت الأبواب، واستمرالوضع على ما كان عليه، مما زاد من تفاقم المشاكل واتساع رقعتها واشتداد درجة الحصار المضروب على الساكنة جراء التهديدات المرتبطة بتنفيذ مراسيم نزع الملكية وإقامة المشاريع المدمرة للبيئة، وتنفيذ عمليات إجلاء للسكان والتضييق على حركيتهم ونشاطهم المعاشي. ولم يتبق أي شيء يستند إليه بعد هذا اللقاء إلا وثيقة المخطط الثلاثي الذي أعد في عهد العامل السابق، بتشارك بين 12 من المتدخلين الذين يمثلون عددا من القطاعات والمصالح الخارجية، للقيام بعدة منجزات تهم الإقليم قدر غلافها المالي بأزيد من 50 مليار سنت. وجاء العامل الجديد الذي سن سنة حسنة حينما قرر النزول إلى الميدان والطواف على المراكز القروية بواسطة سيارة الدفع الرباعي من أجل التواصل مع السكان والمنتخبين. وفي ظل الزيارات المفاجئة -أحيانا - التي كان يقوم بها داخل تراب الإقليم، كانت تصل بعض الأصداء الإيجابية التي توحي بالجدية وبالنبرة القوية في التعامل مع قضايا تدبيرالشأن العام، ومع تلك الزيارات تم الإصغاء بإمعان إلى المشاكل المطروحة، و قدمت الوعود بإنجاز التدخلات وإيجاد الحلول. والملفت للنظر هو أن مبادرة السيد العامل قد جاءت مباشرة بعد تعيينه في منصبه الجديد ، بتزامن مع دخول الموسم الاجتماعي لسنة 2009، أي في أواخر السنة التي كان من المقرر أن ينتهي العمل بالمخطط الثلاثي المذكور، مما يدعو إلى التساؤل عن الهدف الأساسي من تلك الزيارات التي ولدت آمالا لدى الساكنة . فهل كانت تدخل في إطار تتبع ما تم إنجازه من المخطط أم أن الغاية هي التمهيد لرسم مخطط جديد لم يبتدئ بعد، ولا زال في طور أحلام اليقظة ؟ وذلك أن العامل وجد المخطط جامدا عند نقطة الصفر، إذ لم يتحقق إنجازه إلا بنسبة ضئيلة للغاية بسبب عدم إلتزام الأطراف المشاركة بدفع مستحقاتها، وعدم وفائها بالالتزامات المتعلقة بالتدخل والمتابعة والإنجاز والإعلان عن الصفقات، وهو ما حكم على كل مرافق ومصالح الإقليم بأن تظل معطلة بمعدلات جد مرتفعة سواء على مستوى تأهيل المراكز القروية، والمؤسسات الاجتماعية، والطرق والمسالك، وتزويد الدواوير بالماء والكهرباء، ومعالجة المشاكل السكنية. فمنذ سنوات والإقليم يشكو من تدهور البنية الطرقية المهدمة بنسبة 100% والذي سبق وان نشرت شبكة طنجة بهذا الخصوص، إذ لم يسلم حتى الطريق السيار الذي يشكو من كثير من العيوب التقنية، مما حكم على الإقليم بأن يظل مقطوع الأوصال في كل الاتجاهات داخل الامتداد الترابي لثمان جماعات قروية تعاني من كل أنواع التهميش والحصار الدائم جراء هشاشة البنيات الطرقية التي لها علاقة بالإهمال المتعمد وبالدور التدميري الذي تمارسه شاحنات الوزن الثقيل التابعة للمقاولات المكلفة بإنجاز المشاريع الكبرى في المنطقة، وبالغش في إنجاز الصفقات المتعلقة بالإصلاحات. ولا يمكن إغفال الأثر السلبي لهذا الجانب على حياة السكان الذين يعانون من انعدام المرافق الضرورية والمسالك الرابطة بين الدواوير، وغياب وسائل النقل وارتفاع تكلفة المعيشة، وتردي مستوى كل أنواع الخدمات الاجتماعية . وبالعودة إلى مشروع المخطط الذي ظل حبرا على ورق، يتساءل الرأي العام عن مدى مصداقية الخطاب الرسمي، والوعود المقدمة لساكنة منطقة منكوبة من أجل فتح صفحة جديدة تكفر عما اقترف في حقهم من الذنوب بسبب التوجه الأعمى للمخططات التنموية التي تحتمي بسياسة فرض الأمر الواقع والهروب إلى الأمام وعزل العنصر البشري عن البعد التنموي الحقيقي. فالمخطط الثلاثي توزعته عدة محاور مذيلة بأهداف حددت في إنجاز المشاريع التالية : 1- مشروع دعم البرنامج الوطني للطرق القروية الثاني بالإقليم في إطار الشراكة بين الجماعات القروية، ومديرية التجهيز، والمجلس الإقليمي، والمجلس الجهوي، ويشمل تغطية إصلاح 13 طريقا بغلاف مالي قدره 86.200 مليون درهم . 2- تهيئة مسالك على طول 43 كلوميترا بتشارك بين مديرية الجماعات المحلية، ومديرية الشؤون القروية، والمجلس الإقليمي، والجماعات القروية، ويتعلق الأمر بتهيئة 19 مسلكا بغلاف مالي قدره 63.200 مليون درهم. 3- تأهيل المراكز القروية بغلاف مالي47.600 مليون درهم بتشارك بين كل من مديرية الجماعات المحلية، ووكالة تنمية الشمال، ووزارة السكنى والتعمير، ومجلس جهة طنجة تطوان، والمجلس الإقليمي، ويشمل ذلك 7 مراكز قروية وبناء 6 مراكز اجتماعية(دور الشباب، مركز صحي ، نوادي) 4- تاهيل المؤسسات التعليمية بتعاون بين المجلس الإقليمي، ووزارة التعليم، والوكالة الخاصة طنجة المتوسط بغلاف مالي قدره 29.203 مليون درهم، ويتعلق بتأهيل 81 مؤسسة، بناء ست حجرات، بناء ثانوية تقنية وداخلي. 5- برنامج تزويد جماعات الإقليم بالماء الصالح للشرب بشراكة بين جماعات الإقليم، والمكتب الوطني للماء ، ويشمل ذلك تغطية 131 دوارا بغلاف مالي قدره 164.760 مليون درهم. 6- مشروع تدعيم حصة الجماعات القروية المتعلقة بتأخيرات مساهمتها في إطار اتفاقية PERG. بتعاون بين مديرية الجماعات المحلية، ومجلس الجهة بميزانية قدرها 1.884 مليون درهم . 7- البرامج التي ستنجز في إطار ميزانية التجهيز لوزارة التعليم بغلاف مالي قدره 38.800 مليون درهم لبناء ثانويتين إحداهما مزودة بقسم داخلي، وأربع إعداديات وتوسعة مدارس، وبناء 6 حجرات. 8- البرنامج الذي سينجز في إطار ميزانية التجهيز لوزارة الصحة بغلاف مالي قدره 28.488 مليون درهم من أجل اقتناء 4 وحدات صحية وبناء مستشفى إقليمي وبناء وتوسيع 4 مراكز صحية . 9- البرامج التي ستنجز في إطار ميزانية التجهيز لوزارة السكنى والتعمير بشراكة مع المجلس الإقليمي، بغلاف مالي يقدر ب41.457 مليون درهم، وتتعلق بإحداث تجزيئة سكنية، وتاهيل تجزيئتين، وإعادة هيكلة 7 دواوير . 10- برامج ممولة من طرف ميزانية التجهيز للمجلس الإقليمي بغلاف مالي قدره 13.781964.00 درهم تخص تأهيل 3 تجزيئات وتاهيل مركز قروي وبعض المؤسسات الاجتماعية . إن مهندسي هذا المخطط الذي قيل عنه الكثير، ظلوا يرددون خطابا تفاؤليا من أجل إنقاذ الإقليم الفتي وفتح صفحة جديدة تحقق تصالحا مع السكان من خلال تقديم حلول عملية لما يعانونه من مشاكل مزمنة ترتبط بالملفات الاجتماعية الكبرى كالبطالة القاتلة، وضيق الأفق التعليمي بسبب قلة الإعداديات وانعدام مؤسسات التعليم والثانوي، وغياب المرافق الصحية، والمسالك والطرقات ووسائل النقل العمومي، وبعد الدواويرعن المرافق الإدارية، وغياب أي تصورعمراني سكاني واضح يراعي حقوق الساكنة في الاستقرار والعيش الكريم، هذا فضلا عن استمرار التهديدات الناتجة عن فرض مقررات نزع الأراضي لفائدة المصلحة العامة دون توفير بديل معقول لأبناء المنطقة كالحق في الشغل والاحتضان في إطار منظومة المشاريع المقررة . والمثير للاستغراب أن الإقليم الذي يحتضن أكبر مشروع تنموي مبشر به على الصعيد الوطني والإفريقي، يعيش سكانه في أقصى درجات العزلة والحرمان من حقوق المواطنة على امتداد مساحة تقارب 500 كلم/2، حيث أنه بعد مرور قرابة ست سنوات على انطلاق مشروع الميناء المتوسطي، لم تبد في الأفق أية ضمانة لإدماج الساكنة في هذا المخطط التنموي الواعد بالشكل الذي يكفل لهم حق الاستقرار بأرض الآباء والأجداد والإحساس بالكرامة والانتماء للوطن الواحد الذي يساوي بين أبنائه من كل المواطنين، وذلك لأن القرارات المتعلقة بتدبير مستقبل الإقليم تتجاوز في مجملها مستوى الصلاحيات المخولة على الصعيد الجهوي، كما أن المداخيل والأرباح المحققة في إطار المشروع تحول بالكامل إلى الحسابات الخصوصية للجهات الحاضنة دون أن يكون للإقليم والجهة أي نصيب يذكر، بل حتى مناصب الشغل التي رافقت انطلاقة المشاريع لم يستفد منها أبناء الإقليم إلا بنسبة ضئيلة تكاد لا تذكر. فبعد طول انتظار تقول الساكنة أنها لم تشهد إلا (الغبرة والهدرة)، أي كثرة الغبار الناتج عن التلوث والكلام والضجيج الذي لا يجد طريقه إلى التنفيذ، كما أنه بعد استنفاذ الكلام عن المخطط الثلاثي الميت، بدأ الحديث من جديد عن مخطط آخر في طورالإعداد يراد له أن يعتمد على التشخيص التشاوري الذي أسندت مهمة إعداده إلى إحدى الجمعيات الوطنية، علما أن الأحقية في التشخيص يجب أن تمنح بشكل ديموقراطي وشفاف للفاعلين المحليين من مجالس منتخبة وجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني الذين يتحركون فوق أرض الواقع دون الحاجة إلى تبذير الاعتمادات الخيالية على دراسات وهمية غير قابلة للتنفيذ. وفي انتظار بلورة المخطط الجديد الذي ينسخ القديم تظل ساكنة أنجرة تنتظر وسط دوامة العذاب اليومي ، بين مطرقة المشاكل الضاربة ، وسندان المشاريع التنموية الواعدة بالخير والنماء. المكتب المركزي ل