في عام 2002 م ظهرت مبادرة متميزة بعض الشيء على كل المبادرات الماضية ! والتي تتعلق كلها بحل القضية الفلسطينية , ( قضية الصراع العربي الإسرائيلي ) وتميزها جاء نتيجة ظهور مصطلح الدولة الفلسطينية لأول مرة على الساحة السياسية و( صاحب ) هذه الرؤية هو الرئيس الأسبق للولايات المتحدةالأمريكية / جورج دبليو بوش / الأبن الذي وصل إلى سدة الحكم بطريقة عجيبة غريبة وهي أول مرة تحدث في تاريخ الولاياتالمتحدة , حيث تم الاحتكام إلى المحاكم لفض الخلاف , والذي انتهى لمصلحة بوش عام 2000 م !! إن خلق اتجاه جديد أسهل بكثير من تغييره ؟ من هذه الرؤية الضريرة انطلق الرئيس الأمريكي باتجاه إعادة بناء الثقة العربية بالولاياتالمتحدة , والانطلاق مجددا ً باتجاه السياسات الضبابية والوهمية , والمستفيد الأول والأخير من هذه السياسة العدو المحتل للأرض والإنسان الكيان الصهيوني الإرهابي. والسؤال كيف تجرأ بوش على طرح مثل هذه المبادرة ؟ ولايخفى على أحد أن هذه الرؤية لم تلق رد فعل من الجانب الإسرائيلي ! الذي على مايبدو كان على إطلاع على النوايا الخبيثة التي كانت وراء هذه الرؤية الجديدة ( الفريدة ) من نوعها ؟ أما الدول العربية قبلت هذه الرؤية , واحتسبتها بالفرصة التاريخية لهذه الأمة المتعبة من تداعيات الصراع العربي الإسرائيلي فوجدت فيها منفذ حقيقي للخلاص، وما المبادرة العربية التي أعلنها الأمير عبدالله بن عبد العزيز ولي العهد السعودي آنذاك إلا من قبيل الموافقة والمساوقة مع الرؤية الأمريكية. إن الفترة الرئاسية التي قضاها بوش من عام 2000 – 2008 م كانت بمثابة الأسوأ , على الأمة العربية والإسلامية , والتي بدأها بغزو أفغانستان ثم غزو العراق , وأعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لاجتياح لبنان صيف 2006 م والذي مني بهزيمة نكراء,والهجوم البربري والهمجي على قطاع غزة ! لم يكن إلا بالموافقة التامة من بوش. إن الطرح الجديد للدولة الفلسطينية , ماهو إلا مناورة جديدة للالتفاف على ماتبقى من الأرض وإطلاق العنان ل ( الدولة المفضلة ) للمزيد من التسلح والتحصّن وقضم الأراضي واستكمال بناء الجدار العازل وتقطيع ماتبقى من الضفة الغربية بالحواجز والمستوطنات التي تزحف باتجاه الأراضي الفلسطينية متذرعة ب ( النمو الطبيعي ) إن حل الدولتين الذي ابتدعه الرئيس بوش ليبيع العرب أوهاما ً تخذرهم , وتجييشهم لمصلحة حربه الاستعمارية على ماسمي الإرهاب في أفغانستان والعراق , صار يشكل عند بعض النخب العربية وحكوماتها وعد بلفور جديد ! لكن لمصلحة الفلسطينيين حسب تصورهم , وقد مرت مراحل عمره الزمني بتحولات وتجاذبات كثيرة , فحكومة شارون المسجى التي كانت في سدة الحكم إبان ولايته , قدمت 14 تحفظا ً عليه لتحيله إلى حل مستحيل التطبيق , أهمها أن المقصود بالسيادة الفلسطينية على مناطق الضفة هي حكم ذاتي بلدي محدود !! وبعد مؤتمر ( أنا بوليس ) عندما قدم بوش مشروع حل الدولتين كمشروع مبلور , أردفه بلازمة بسيطة هي : " إيجاد آلية دولية للتعويض للاجئين " , أي أن حل الدولتين من وجهة النظر الأمريكية يعني التنازل عن حق العودة ! ليحل محله التعويض والتوطين والوطن البديل ! من دهليز إلى ردهه إلى دهليز .. الخ في عهد حكومة اولمرت المجرمة , انقلب الأمر قبولا ً لحل الدولتين , لكن مع التمسك بيهودية الدولة والتي تعني بعرف ربيبة شارون ( تسيبي ليفني ) ترحيل فلسطيني ال 48 إلى مناطق السلطة الفلسطينية , ورفض موضوع القدس عاصمة للدولة الفلسطينية التي قدم أولمرت مخططا ً لشكلها المقترح يعرض فيه مالا تتعدى مساحته عمليا ً 60 % من مساحة الضفة الغربية , وبشكل أوضح تلك المناطق التي يتركها الجدار الأمني من الضفة مع تعديلات طفيفة, مما يؤكد أن الجدار كان حدودا ً سياسية وليست أمنية !! وبقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة , ستكون الدولة عبارة عن ثلاثة كانتونات تتواصل بالطرق الالتفافية والأنفاق مع جسر يصل الضفة بقطاع غزة يرتبط إنشاؤه بقيام السلطة بالإصلاحات الضرورية وهي وقف المقاومة والتحريض بما في ذلك تغيير المناهج ! إضافة للتخلص من حكم حماس في قطاع غزة لذلك أسموه ب (( اتفاق الرف )) أي يوضع على الرف ريثما تتم الإصلاحات أما موضوع القدس , رفض أولمرت الخوض في هذا الملف وطالب بتأجيله , لكنه قال إن بالإمكان تضمينه في اتفاق مبادئ حق السلطة الفلسطينية في استعادة الأحياء الجديدة التي ضمت إلى القدس مثل ( شعفاط وصور باهر والعيزرية ) لأنه ليس من مصلحة ( لإسرائيل ) لا الأمنية ولا السياسية ولا الاقتصادية الإبقاء على 270 ألف فلسطيني ( سكان تلك الأحياء ) ضمن سيادتها , لكن بالمقابل لاتراجع عن شبر واحد من القدس القديمة عملا ً بقول الصهيوني بن غوريون التي يجمع عليها الإسرائيليون : " لامعنى لإسرائيل من دون القدس , ولامعنى للقدس من دون الهيكل " وفي آخر تصريح لرئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو والذي يقول فيه : " من حق إسرائيل التواجد في قلب ( الدولة الفلسطينية ) في حال التوصل إلى اتفاق "والسؤال المطروح ماهو شكل هذا التواجد الذي يقصده ؟ وهل سيستمر البناء في المستوطنات بحجة (( النمو الطبيعي )) ؟ كل المعطيات والمؤشرات تقول أنه لايوجد دولة فلسطينية بالمعنى الصحيح , بل تواجد لكنتونات مقطعة الأوصال تحكمها الدوريات الإسرائيلية الراجلة , وما على الفلسطينيين إلا التعايش مع هذا الواقع لحين زحف المستوطنات لديارهم وسهولة قتلهم على أيدي قطعان المستوطنين المسعورة , ومن ثم الهجرة إلى الدول العربية وإلى كندا الأرض الرحبة التي تفتح ذراعيها للفلسطينيين حصرا ً وتذويبهم في مجتمعها , حيث الدعوى عامة ؟؟!! وبالتالي لايوجد أدنى احتمال لقيام دولة فلسطينية على الأرض بالمنظور البعيد عملا ً بالمثل العربي الشهير " ياطالب الدبس من النمس ". [email protected]