جلست القرفصاء... أتأمل في هذا المشهد السياسي المغربي العجيب، والعزلة المخيفة التي يعيشها، عزلة لا يمكن أن تخفيها كل مظاهر الأحداث السياسية المحكومة بسكون الجوهر، ومن أبرز صورها : -مواقف أغلب الأحزاب مفصولة عن محيطها،ولا تعبر عن المطالب الحقيقية،وفي مقدمتها مطلب الاصلاح الدستوري الذي لا أحد أصبح يتحدث عنه الا لماما. -أنشطة الأحزاب تقام دون أن تستطيع لفت الانتباه إليها. - السلطة تفعل ما تشاء ولا تجد من يعارضها. - المعارضة السابقة تم احتواؤها وجرها لتناوب أثبت الزمن على أنه مغشوش. - التنظيمات الإسلامية المفترض فيها أن تكون المعارضة البديلة، أصبح لا يجمع بين مكوناتها سوى المرجعية. - قطب ديمقراطي مجمد ... كل هذا يدل على أن السكون يقبض المشهد السياسي المغربي من رقبته، ويؤشر على عزلة الفاعل السياسي لدرجة الغربة، ونفور المجتمع من الأحزاب السياسية. بل ونفور فئة عريضة من المواطنين إلى كل ما يشير إلى شيء اسمه السياسة. أمام سكون الفاعل السياسي ونفور المواطنين من العمل السياسي، نجد الأحداث السياسية ببلدنا المغرب ساخنة، مشحونة بالأحداث والتحولات المصيرية المحزنة والمؤلمة، وهي تحولات تضع الفاعل السياسي في موقع المنفعل أكثر موقع الفاعل والمبادر، وهي أحداث وللأسف تزيد من عزلة الفاعل السياسي وتجعله عاجزا عن فهم تعقيداتها، وتنمي إحساسه بالإخفاق في التواصل مع المجتمع. إن المجتمع المغربي يعيش بالفعل ظروف تاريخية صعبة، لكن وبنظرة إلى تجارب الأجيال السابقة التي انخرطت في المقاومة من أجل طرد المستعمر، ومن أجل بناء مغرب جديد، ندرك أن لحظات الانكسار بالإخفاق والتعثر لا تؤدي بالضرورة إلى كل هذا بل تولد الأمل في المستقبل، وتحفز على العطاء والعمل بروح التفاؤل، ثم على الفاعل السياسي الجاد أن يدرك أن الليل مقدمة الصباح، والظلمة أول بشائر النور، وأن الجذب يتلوه الغيث، والحياة في أحيان كثيرة لا تنبثق إلا من باطن الأرض الموات. كان السياسي متسلحا بهذا التفاؤل، فلماذا غاب هذا التفاؤل اليوم ؟ولماذا تتعمق الهوة بين الأحزاب السياسية وباقي المواطنين ؟ هل يعود السبب إلى عجز الفاعلين السياسيين عن استيعاب انشغالات المواطن ؟ أم يعود إلى عدم ثقة المواطن في هذه الأحزاب ؟ قد نجد تفسير لهذه الوضعية في التناطحات الدائمة والمستمرة داخل الأحزاب المغربية. قد نجد تفسيرا لهذه الوضعية في النظام المستفرد بالسلطة، وفي إخفاق اختيارات الدولة. قد نجد تفسيرا لهذه الوضعية في تأخر الاصلاح الحقيقي الذي طال انتظاره. قد نجد تفسيرا لهذه الوضعية في ضعف الأحزاب السياسية التي أصبحت مقراتها عبارة عن محلات تجارية موسمية. فهل تكون عزلة سياستنا هي عزلة السكون الذي يسبق العاصفة ؟ [email protected]