المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال (بوريطة)        هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام        وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في كتاب، احلام مستغانمي

الكاتبة والأديبة الجزائرية،(احلام مستغانمي)، علم من أعلام الكتاب والأدب العربي، وحقيقة، من لم يقرأ كتبها الثلاث التي تم نشرها سابقا لها، كأنه لم يقرأ شيئا في حياته، فأحلام مستغانمي، مشهورة بثلاثيتها من الكتب:(ذاكرة الجسد، وفوضى الحواس، وعابر سرير)، ولها كتابات أخرى في الشعر ومقالات كثيرة قيمة، ومن كتاباتها ايضا: (الكتابة في لحظة عري)، وقد إشتهرت بكتبها هذه، وتلقفتها أيادي القراء العرب، من المحيط الى الخليج، وعمدت الكثير من الجامعات العربية وحتى الأجنبية، بتبني بعضا من كتبها واعتمدوا تدريسها في بعض من اتها الجامعية لأهميتها الأدبية، وما طبع ووزع، من كتبها هذه، خاصة من الهاكرز، أكثر مما طبع منها بشكل شرعي وقانوني، حيث انتشرت بين الناس، كانتشار النار في الهشيم، وما قاله الكتاب والأدباء العرب بحقها لشيء كثير جدا، كما انها كرمت ومنحت على أثرها، الكثير من الجوائز الأدبية والابداعية وخلافه، وانا هنا لست بصدد الحديث عن سيرة احلام مستغانمي الذاتية، فهي معروفة للكثير من القراء العرب، ولكنني بصدد التعليق على كتابها الأخير فقط، وما تضمنه من امور وافكار عدة، فكتابها الذي نحن بصدده، من القطع المتوسط، عدد صفحاته بحدود المئتي صفحة، وهي كما تقول كاتبته، كتب خصيصا للنساء، لكنها تتوقع ان يكون الطلب عليه من الرجال أكثر، مع انها أيضا، كتبت ملاحظة على صفحته الأولى تقول فيها :(يحظر بيع هذا الكتاب للرّجال).
وان كان في اعتقادي الشخصي، يقل الكتاب كثيرا، من حيث المتعة والاثارة والسرد، عن كتبها السابقة، الا انه لا يختلف كثيرا بالأسلوب، والصور المجازية، وطريقة السرد والحبكة وخلافه، وعنوانه (النسيان.كوم)، فهو من الناحية الأدبية، ذو اسلوب سلس وسهل ممتنع، ممتع وشيق، يحتوي الكثير من الصور التشبيهية الراقية والدقيقة وألأبداعية،والكثير من صور الطباق والجناس في الكلمات والجمل، مما يزيده رقة وجمالا وابداعا، تشعر بقراءته بسلاسة، وحبا للتواصل معه حتى نهايته، ينقلك من فكرة الى اخرى جديدة بطريقة شيقة وغير مملة، وتستشهد فيه الكاتبة بافكار وعبارات من اقوال بعض المفكرين العالميين او الشعبيين، امثال بيرون والخليفة علي بن ابي طالب وانسي الحاج والمتنبي ورولان بارت والبيركامو وايزنهاور ومارك توين ودوناي وتوفيق الحكيم وابراهام لنكولن وغيرهم كثيرون ، وكأن هؤلاء كتبوا وقالوا حكمهم واقوالهم المأثورة حتى تعتمدها احلام، في كتابها هذا لتؤكد لكم صحة ما تقوله لكم، ويتضمن في فحواه ومعظمه حديثا ونصحا وتوجيها للمرأة العربية، كي تنسى حبها وهمومها ومشاكلها ومآسيها مع الرجل العربي، الذي يستغلها ويسبب لها الكثير من المشاكل والصعاب في حياتها، وتعتقد بانه من خلال عملية النسيان للماضي وللذاكرة، ترتاح المراة كثيرا من همومها ومعاناتها، بدلا من أن تتذكر ذكرياتها وتعمل على اجترار معاناتها مع الرجل الذي احبته، وهي تعتقد ان تخلي الرجل عنها، ونكرانه لجميلها وحبها له، ليس نهاية للعالم، ويجب لذلك ان تنسى، وتملك تجربة غنية، تكسبها خبرة لممارسة عملية اخرى تكون ناجحة، تتعظ فيها مما اصابها في تجربتها الأولى وهكذا، وهي تقول أيضا، ان الرجل، ينسى المراة زوجته، بكل سهولة، وينسى حبه لها، مهما كان عميقا وكبيرا، وينسى حبها له كذلك، وقد يخونها في اقرب فرصة تسنح له او تلوح له في الأفق، اذا ابتعد عنها لأسباب قاهرة، كالسفر الى الخارج بعيدا عنها، وصادف في طريقه امرأة جميلة اخرى تبتسم له، وفي ابتسامتها الكثير من معاني الدلع والرغبة والتودد والغنج، في الوقت الذي تتألم فيه المرأة زوجته كثيرا من حبها له، وتواصل اخلاصها ووفائها لحبه والتمسك والتعلق به، والبكاء من كثرة حبها وولهانها فيه، وتنتظر عودته على أحر من الجمر، حتى اذا غاب عنها، الى زمن غير محدد.
هذا الكتاب، ذو طابع ارشادي وتوجيهي للمرأة بالذات، حيث يتصف بالنصح والارشاد في غالبيته، ويشرح للمرأة في الكيفية التي يجب أن تكون عليه في تعاملها مع الرجل، سواء كان الزوج، او الحبيب مثلا، وحقيقة، فان احلام سوف تأسرك بقراءة كتابها ولن تستطيع تركه الا اذا انتهيت من قراءته لشدة عنصر التشويق فيه والمتعة في قراءته، وبانتقائها للكلمات المعبرة عما تود قوله لك، بدقة متناهية، ويظهر ان الكاتبة والأديبة احلام، كما اتضح من قراءتي لكتابها، بأنها سمعت الكثير من القصص والحكايات، التي يدمى لها القلب، وتدمع لها العينين، على لسان بعض من معارفها وصديقاتها من النساء المتزوجات او المعلقات او المطلقات أو العاشقات، واللواتي عايشن معاناة طويلة وعميقة ومؤلمة، من علاقات الحب والغرام، بينهن وبين أسيادهن من الرجال، سواء داخل العلاقات الزوجية او خارجها.
تقول احلام، ان كتابها هذا وما به من نصائح، هو هدية لبنات جنسها من النساء، وكتبته لوجه الله، و نكاية بالرجل أيضا، لنقرأ ما كتبته بالفقرة التالية موجهة لبنات جنسها:
(إذا كانت النصيحة بجمل، أكون قد أهديتكن لوجه الله. ونكاية في بعض الرجال، قافلة من الجمال، وما أبقيت لي والله على ناقة ولا جمل، كأنّ هذا الكتاب أعطاني وهم، أن أكون طاعنة في الحكمة !لا أطمع في غير دعواتكنّ لي بالخير، ولاحقًا بالرحمة، فأنا أعتبر هذا الكتاب، صدقة جارية، وأثق أنّه سيكون أكثر كتبي قراءة، نظرًا لما أتوقّعه من ازدهار حالي، ومستقبلي للخيبات النسائيّة.. والخيانات الرجالية، وهو ما يسعدني و يؤلمني في آن واحد).
تتكلم احلام مستغانمي في كتابها عن الرجولة أيضا، وتنتقد مفهومها الدارج في مجتمعاتنا العربية في العصر الحاضر والتي تعني للبعض، القوة الجسمية والجنسية والتباهي بهما بشكل خاص، وقدرة الرجال على تعدد الزوجات وتنوعها، ومفهومها لها فتقول:
(الرجولة.. أعني تلك التي تؤمن إيمانًا مطلقًا لا يراوده شكّ، أنّها وجدت لتعطي لا لتؤذي، لتبني وتحبّ وتهب، الرجولة... في تعريفها الأجمل، تختصرها مقولة كاتب فرنسي تقول: (الرجل الحقيقي ليس من يغري أكثر من امرأة، بل الذي يغري أكثر من مرّة المرأة نفسها ".. التي تؤمن بأنّ العذاب، ليس قدر المحبّين، ولا الدمار ممرًّا حتميًّا لكلّ حبّ، ولا كلّ امرأة، يمكن تعويضها بأخرى، و أنّ النضال من أجل الفوز بقلب امرأة، والحفاظ عليه مدى العمر، هي أكبر قضايا الرجل، وأجملها على الإطلاق، وعليها يتنافس المتنافسون).
تقول احلام في كتابها للرجال، لمن حصل منهم على نسخة منه وقرأه:(هذا الكتاب يسمح لمن تسلّل من الرجال هنا، أن يتعلّم من أخطاء غيره من " الذكور " من باب " تعلّم الأدب من قليل الأدب ").
كما عودتنا احلام مستغانمي سابقا في كتاباتها، فهي تقحم السياسة في كتاباتها كثيرا، باسلوب سلس وساخر، في مضمون كتبها، فهي تدعو الى تشكيل حزب سياسي كي يلتف نحو مفهوم مبدأ (النسيان، واهميته بشكل عام)، وان مثل هذا الحزب، سوف يلقى الدعم من انظمة الحكم العربية، لنقرأ كيف تفلسف احلام هذا المنطق:
(أمام هذه الجماهير الطامحة إلى النسيان، المناضلة من أجل التحرر من استعباد الذاكرة العشقيّة، أتوقّع أن يتجاوز هذا الكتاب أهدافه العاطفيّة، إلى طموحات سياسيّة مشروعة، فقد صار ضروريًّا تأسيس حزب عربي للنسيان، سيكون حتمًا أكبر حزب قومي، فلا شرط للمنخرطين فيه، سوى توقهم للشفاء من خيبات عاطفيّة، أراهن، أن يجد هذا الحزب، دعمًا من الحكّام العرب، لأنّهم سيتوقّعون أن ننسى من جملة ما ننسى, منذ متى وبعضهم يحكمنا, و كم نهب الحاكم هو وحاشيته من أموالنا، وكم علقت على يديه من دمائنا؟؟؟؟؟ دعوهم يعتقدون أنّنا سننسى ذلك! من يشاركني الرأي، ويودّ الانخراط في حزب جديد، لا ذاكرة له، ولا سوابق مصرفيّة ولا تاريخ دموي، ولا شعارات نضاليّة أو أصوليّة، بإمكانه الانضمام إلينا في موقع:www.nissyane.com
ليس في مشروعنا من خطّة سوى مواجهة إمبريالية الذاكرة، والعدوان العاطفي للماضي علينا..ليس في جيوبنا وعود بحقائب وزاريّة، فقط نعدكم بأن نحمل عنكم وزر الخيبات، لا نتوقّع دعمًا ماديًّا من أحد، لذا نحن فقراء إلى دعواتكم بالخير).
تتابع احلام حديثها عن اهمية النسيان، باسلوب تهكمي وساخر، خاصة للمراة، التي تعيش على ذكرياتها الأليمة مع الرجل، الذي احبته ومنحته كل حبها له وعشقها واحلامها وآلامها، وصدمها، بل وصعقها بخيانته لها، بعد ان اشبعته حبا وعشقا وولعا وثقة، وغرس كل اصابعه في لحمها، واكل منها وشرب حتى الثمالة، وكانها كانت تعيش مع رجل ملاك، يتوق للحب والعشق والهيام بها، حتى اخمص قدميه، فتقول:(أيها الناس اسمعوا وعوا، لا أرى لكم والله من خلاص الا في النسيان، فلا تشقوا بذاكرتكم بعد الآن، انشقّوا عن أحزابكم و طوائفكم و جنسيّاتكم ومكاسبكم، وانخرطوا في حزب، جميعنا متساوين فيه أمام الفقدان، ليخبر القارئ منكم من لم يقرأ هذا الكتاب).
تنتقد احلام مستغانمي وفاء المرأة العربية المطلق في حبها للرجل، سواء كان زوجا او حبيبا او صديقا وخلافه، وتعتقد، ان هذا الوفاء، صفة سلبية جدا في المرأة، يجب ان تتخلى عنها، بحيث لا يكون لرجل لا يستحقه، فالمراة العربية وفية ومخلصة كلية لزوجها أو حبيبها، ولا يمكنها ان تتخلى عنه وتخونه بسهولة، وصابرة عليه، مهما طال غيابه عنها، ومهما الم بها من مصائب ومكائد، أو اغراؤات جمة، حيث يمكن للعابها ان يسيل بكثافة كبيرة، وان ينهار جسدها من اول لمسة له، من قبل اي رجل وسيم او شبه وسيم، لكن ذو شخصية جذابة، يفيض رجولة وعطفا وحبا وكرما، لكنها تصمد، وتبقى وفية مخلصة لمن احبته، وسلمت له جسدها وروحها وشرفها وكرامتها وأغلى شيء لديها، بل كل شيء، كي يتصرف بها بحكمة ورافة، وعدل واحسان، اما هو، اي الرجل، بدل ذلك، فهو سريع النسيان، ولا يلبث ان يستبدل المراة التي احبته وأحبها، وضحت من اجله بكل شيء، فهو بكل سهولة ويسر، وفي اول خطوة أوصدفة يجد فيها امرأة اجمل من زوجته، وعلى أقل تقدير تساويها في جمالها أو اقل قليلا منها، وتلفت انتباهه، وتوقظ احساسه وعاطفته الجنسية بشكل او بآخر، ينتقل اليها بسرعة، كي يشبع غريزته الجنسية منها، ويغرس كلتا اصابع يديه في لحم جسدها، غير عابيء بمن تركها من ورائه، والتي تنتظر عودته على أحر من الجمر، وتبقى مخلصة له ووفية لحبها الذي منحته له.
لنتابع نداء احلام مستغانمي في هذا المجال وما تود قوله ايضا:
(إنّه نداء نرفعه إلى العلماء. نناشدهم فيه، إيجاد علاج للحدّ من تفشي داء الوفاء للماضي، لدى إناث الجنس البشري، ذلك، أنّ الوفاء مرض عضال، لم يعد يصيب على أيامنا الا الكلاب... و الغبيّات من النساء!).تتابع أحلام مستغانمي وتقول:(حين قلت لصديقتي تلك " أحبّيه كما لم تحبّ امرأة، و انسيه كما ينسى الرجال "!.صاحت " يا الله... اكتبيها "! لكن ما كان لهذه الفكرة أن تكون شعارًا، بل نهجًا نسائيًّا، تكتسبه المرأة بذكائها الذي هو وليد غباء سابق).
تعتقد أحلام ان كتبها ونصائحها وتجاربها، يمكن ان تكون دواء للبعض، كعلاج لاضطرابات نفسية، ومتعة تلهي النفس من عذابات نفسية كثيرة وطويلة، لذلك بيعت بعض كتبها في الصيدليات، لنسمع منها ما تقوله في هذا المجال:(.... قبل مدّة، عثرت على روايتي " فوضى الحواس " تباع في صيدليّة في شارع الحمراء، مع كتب الحمية وعلاج السكري وأمراض الشرايين والقلب، لفرط مفاجأتي، اشتريتها أمام اندهاش الصيدلي، ومن جنوني، رحت مساءً أقرؤها، عساها تشفيني من مرض نفسيّ ما، فمنذ سنوات، ما عدت كاتبتها).
تناقش احلام في كتابها اختفاء الرجول نسبيا في عصرنا الراهن، وقلتها كثيرا عن ذي قبل، وتأثير ذلك على المرأة بشكل عام، ومعاناتها من الوحدة، كما تشبه المرأة ووضعها، بوضع الكرة الأرضية في وقتنا الحاضر، وما اصابها من تلوث بيئي خطير، قد يطيح بنا وبسلامة طبيعتها الجميلة والهانئة والخلابة والمدهشة، وما تعانيه من الأحتباس الحراري وتخريب البيئة وتلويثها من قبل الرجل، فتقول:
(اختفاء الرجولة، لم يلحق ضررًا بأحلام النساء، ومستقبلهن فحسب، بل بناموس الكون، وبقانون الجاذبيّة، الاحتباس الحراري، ما هو الا احتجاج الكرة الأرضيّة، على عدم وجود رجال، يغارون على أنوثتها، لقد سلّموها كما سلّمونا " للعلوج "، فعاثوا فينا وفيها خرابًا وفسادًا. لتتعلّم النساء، من أمّهن الأرض، لا أحد استطاع إسكاتها، ولا إبرام معاهدة هدنة معها، ما فتئت تردّ على تطاولهم عليها، بالأعاصير والزوابع والحرائق والفيضانات، هي تعرف مع من تكون معطاءة، وعلى من تقلب طاولة الكون).
تروي احلام قصة صديقة لها عاشت اربع سنين من الحب مع رجلها، وتعتبرها احلام، نموذج حي لكل النساء العربيات، من المحيط الى الخليج، وتروي عنها مدى اخلاصها لرجلها هذا، رغم ما عانته من الظلم والأجحاف على يديه، ورغم توضيحاتها وارشاداتها وغسل دماغها، بما يتضمنه من افكار حالمة وخيالية، الا انها رمت بكل ما سمعت منها بعرض الحائط، واصرت على حبها له، وانها تقبل بكل شيء بحقها، الا ان تتنازل عن حبها هذا، او نسيانها له، تقول احلام عن صديقتها هذه:
(صديقتي هذه، نموذج لآلاف النساء العربيّات اللائي يقدّمن سنوات من عمرهنّ قربانًا لرجل لم يقدّم لهنّ سوى الوعود. ويرين الحبّ ارتهانًا لشخص ليس بالضرورة رهينة لهن، بل لمزاجه وأفكاره المسبقة وعقده وتطلعاته الشخصيّة. صديقتي هذه، تعيش عذاب القطيعة العاطفيّة. كانت مطمئنة إلى رجل حياتها. تملك مؤونة أربع سنوات من الذكريات. ومفكرة بيضاء وعدها أن يملآها معًا، حتى آخر يوم من عمرهما، بالمشاريع الثنائيّة الجميلة. كانت الأثرى بيننا، فقد ملأ الرجل جيوب قلبها وعودًا، حتى زهدت في كلّ شيء عداه. كان سيّدها و مولاها. كان نشرتها الجويّة وبوصلتها في الكون. فعذرنا انقطاعها عنّا نحن الصديقات. كانت تعيش حبًّا نحسدها عليه سرًا. ثمّ ذات صدمة، بدأ عذابها.واذ بها تمضي نحو جحيم لا نستطيع فيه شيئًا من أجلها.راحت تموت أمامنا، لأن الذي وضعت خصاله فوق الرجولة. وعواطفه فوق الحبّ نفسه. و بايعته نبيًّا.. غدر بها دون مقدمات. ---------لم تكن في منتصف عمر الحبّ. كانت على مشارف " أسطورة حبّ ". ترتدي بغباء أنثى، قميص الانتظار، ولا تريد أن يفكّ أزراره سواه، الإغداق بالنصائح لا جدوى منه في هذه الحالة، فهي واثقة من عودته.كما توقّعت، راحت تدافع عنه، كما تدافع ضحيّة عن جلادها).
تعتقد بعض النساء، او الزوجات ان ليلة حمراء، تقضيه مع هذا الرجل زوجها، على سرير العشق او الزوجية، كفيل ان يضع القطار على سكته الصحيحة، دون ان ينحرف عنها، أحلام لا تعتقد بأن السرير هو المكان الآمن او الصحيح، فهو بعد هذا وكله، قادر على التخلص منك، وتسليمك الى ما هو عدوك، باسلوب شيق وممتع، وصور تشبيهية جميلة، تنقل لك احلام ما تود ايصاله للمرأة العربية بهذا الخصوص فتقول:
(السرير ليس مكانًا آمنا لامرأة تنشد النسيان. فلا تطلبي اللجوء العاطفي إليه. سيسلّمك إلى " عدوّك الحبيب " كما سلّم حسن الترابي كارلوس إلى فرنسا. وكما تسلّم الأنظمة العربيّة كلّ معارض يلجأ إليها و يأتمنها على حياته،السرير كمين يقع فيه القلب النازف شوقًا. المطعون عشقًا. اعتقادًا منه أنّه ملاذ آمن لفرط حميميّته.هكذا هي المرأة العربية.. تؤجل فرحتها في انتظار السعادة. الحياة موجودة من أجلك.. بعطورها وورودها وفصولها.. ومصادفاتها.الحياة تنتظرك، وأنت تنتظرينه. السعادة تشتهيك، وأنت تشتهينه. الحبّ يحبّك، وأنت تحبينه. لأنّه ألمك.كقطّ يتوق إلى خانقه تريدينه،عام من الألم يكفي ويزيد، إنّه معدل الزمن الأنثوي المهدور الذي تحتاجه امرأة للشفاء من رجل تفشى فيها داؤه، الوعكة العاطفيّة، تأخذ وقتًا أقلّ، فثمّة " حبّ " تلتقطه النساء مثل الانفلونزا في شتاء القلب).
الكتاب في حقيقتة، تحفة ممتعة للقراءة والأفكار والتشبيهات الرائعة والأبداعية والخلاقة، ومهما حاولت الأقتباس منه، لأؤكد لكم على صدق احساسي وتقديري لهذا الكتاب القيم، فلن استطيع الا اقتباس كل ما جاء في الكتاب، فالأستعانة بجملة من الكتاب من هنا او هناك، لن يفي الكتاب حقة من القيم الجمالية والأبداعية والخلاقة، وهذا يتطلب من قاريء مقالتي هذه، الا أن يقرأ الكتاب بنفسه والأطلاع عليه، حتى يتسنى له الأستمتاع بما يقرأه بنفسه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.