أكثر من ألف وخمسمائة عالم وكاتب وأديب جزائري شملتهم موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين التي أشرف عليها رابح خدُّوسي، وحرَّرها كل من: زهية يهوني، وعائشة بنت المعمورة، وعبد الرحمان دحموني، وحسين عبروس، وراجعها إبراهيم صحراوي. وصدرت عن دار الحضارة ببئر التوتة بالجزائر عام 2003، ووقعت في 204 صفحات. وهو جهد كبير نحن في حاجة إليه، في الوقت الحاضر، لأننا نسمع أو نقرأ لكتاب وأدباء جزائريين ولا نعرف في غالب الأحوال عنهم شيئا. فأحلام مستغانمي على سبيل المثال أنا شخصيا لم أكن أعرف أنها أصلا من تونس، وأنها من مواليد 13/4/1953 وأن لها مؤلفات قبل روايتها الشهيرة "ذاكرة الجسد" المطبوعة عام 1992، منها: على مرفأ الأيام 1972، والكتابة في لحظة عري 1976، وأكاذيب سمكة، ثم توقفت طويلا عن الكتابة أو عن النشر إلى أن نشرت روايتها "ذاكرة الجسد"، ثم أتبعتها برواية "فوضى الحواس"، وغيرها. وتجئ موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين لتضيف إلينا معلومات مهمة عن الكتاب والأدباء والعلماء منذ قرون عديدة، فابن رشيق القيرواني (أو الحسن بن رشيق) صاحب كتاب "العمدة في صناعة الشعر ونقده" من مواليد سنة 1000 ميلادية بالمسيلة (بالجزائر حاليا) ثم رحل إلى القيروان، (لذا لقب بالقيرواني) ومنها إلى جزيرة صقلية إلى أن توفي بها سنة 1063 أو 1070 م. وإلى جانب ذلك نجد ذكرا للكتاب الجدد، حتى الذين لم يطبعوا أعمالا بعد، فهذه ليلى تواتي شاعرة ولدت بمليانة، وفازت في مسابقة شعر الشباب بتونس سنة 1999، وعضو اتحاد كتاب الجزائريين. وهكذا تجمع الموسوعة بين أسماء قديمة معروفة، وأسماء جديدة لم نعرف عنها شيئا بعد. ولعله للمرة الأولى التي تصدر بالجزائر موسوعة للعلماء والأدباء الجزائريين على هذا النحو، لذا جاءت مكتظة بالأسماء. ومن جهة أخرى فهي تثبت أن الجزائر بلد زاخر بالعلماء والمبدعين، وأن الأسماء المغمورة أكثر عددا من الأسماء المعروفة. ويرى أصحاب الموسوعة أنها تجئ تكريما جماعيا رمزيا لبعض الأسماء التي منحت الإنسانية عصارة فكرها ومازال بعضها يقدم رحيق العمر، وأنها تدوين للذاكرة الجزائرية لحفظها من الذوبان والاندثار في عصر عمَّت فيه ثقافة النسيان، وأن الموسوعة تجئ أيضا ردًّا على الذين يدعون أن الجزائر لا ثقافة في تاريخها الطويل، وإنما هي بلد كتب عليه منذ الأزل الحياة في الحروب والمقاومات والتوحش. وأعتقد أنه كان من الصعب نشر صور العلماء والأدباء الجزائريين في تلك الموسوعة، أولا لظروف الطباعة، وثانيا لصعوبة الحصول على صور العلماء والكتاب القدامى، ولكن الأمر قد يكون مواتيا بالنسبة لمن هم على قيد الحياة وخاصة من الشباب. وقد يكون من اللائق في طبعة قادمة نشر صورهم وعناوينهم ليمكن للمهتم مراسلتهم، مثلما فعل معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين فنشر صور الشعراء والشاعرات وعناوينهم، الأمر الذي أدى إلى وجود حلقة تواصل جميلة بين معشر الشعراء العرب المعاصرين. أيضا أجد أنه من اللائق في عصر الكمبيوتر والإنترنت، أن يُتاح موقع لمثل هذه الموسوعة على الشبكة العالمية لسهولة وصول المعلومة لدى الباحث عن أي أديب أو كاتب جزائري ورد اسمه في هذه الموسوعة. تحية لكل من أسهم في تحرير الموسوعة الجزائرية، وأخرجها إلى النور، وهي في نظري من أهم الكتب التي حصلتُ عليها أثناء مشاركتي في المؤتمر العام للأدباء والكتاب العرب المنعقد في الجزائر. ميدل ايست اونلاين