قامت السلطات الجزائرية بمنع عرض "موسوعة العالم المصور في الجغرافيا السياسية" لمكتبة مصرية معروفة، تشارك في "الصالون الدولي الثاني عشر للكتاب" الذي ينظم بالجزائر العاصمة. وقالت سلطات الرقابة إن سبب المنع يعود إلى إدراج جنوب المغرب ضمن خريطة المملكة المغربية، ووضع الصحراء كامتداد للتراب الوطني. وجاء في تقرير لهيأة الإذاعة البريطانية أن إجراءات هيأة الرقابة أثارت ردود فعل قوية في أوساط العارضين، وقال ممثل دور النشر الأردنية، بلال إبراهيم، إن هذه الرقابة "غير مبررة على الإطلاق"، وتساءل إبراهيم عن منع عنوان "موسوعة العالم المصور في الجغرافيا السياسية" رغم أهميته الإستراتيجية، وانتقد أسلوب تعامل هيأة الرقابة مع العارضين بخصوص تسوية إجراءات إخراج الكتب الموجهة للعرض من الميناء. ولم تكن دور النشر الدينية الضحية الوحيدة لبطش الرقابة الجزائرية، بل تجاوزها إلى دور النشر "المهمة والحداثية"، التي وجدت نفسها غارقة في مشكل عويص، إذ انتظر أصحاب دور مثل "دار الفارابي" و"دار الآداب" و"منشورات الجمل" و"المركز الثقافي العربي" ودور مغربية في الأجنحة الفارغة، وصول كتبهم من الجمارك، ما اعتبره المعنيون "رقابة غير مباشرة أو رقابة أمر واقع" على إصداراتهم. كما تغيب عن المعرض الناشرون اللبنانيون الذين كان بلدهم ضيف شرف الدورة الثانية عشرة التي تقام تحت شعار "الثابت والمتحول"، وهو ما اعتبره الجانب الجزائري نوعا من "الاحتقار لقيمة التظاهرة الأدبية". وكاد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يمر، خلال جولته يوم الافتتاح، على أجنحة فارغة تقريبا، لأن صناديق الناشرين العرب بقيت محجوزة في الجمارك، ولدى لجان المراقبة التابعة لوزارة الشؤون الدينية. ورفض صالح شكيرو المكلف بتنظيم المعرض، مجمل الانتقادات واتهم بعض دور النشر ب"إحداث ارتباك لمنظمي التظاهرة". وقال بخصوص الرقابة إنها إجراء تحفظي، وأضاف أن هناك مطبوعات تستهدف المؤسسات الرسمية، ويقتضي الأمر هنا "استخدام سيف القانون". ولا حظ متتبعو المعرض أن الرقابة كانت "نشيطة جدا" وأفسدت متعة الكتاب، كما جندت هيأة الرقابة، مديرية فرعية بكاملها للعمل داخل المعرض على مدار 24 ساعة "للتصدي لتسويق العناوين الممنوعة"، وصرح عبد الله طمين مستشار وزير الشؤون الدينية الجزائري للبي بي سي أن هيأة الرقابة "منعت حوالي 1191 عنوانا من العرض، وتم شطبهم من لوائح العروض" التي تقدمت بها 15 دار نشر من المملكة العربية السعودية ومصر، التي تشارك إلى جانب 439 دار نشر جزائرية وأجنبية. ولم يقتصر الأمر على منع كتب بعينها، بل تعداه إلى إغلاق أجنحة دور نشر بكاملها، إذ تعرضت دار جزائرية إلى الإغلاق بعد عثور هيأة الرقابة على كتاب ضمن معروضاته يحمل عنوان "زنزانات الجزائر" للكاتب محمد بن شيكو ينتقد فيه حياة السجن الذي قضى فيه سنتين. ويتزامن تنظيم هذا المعرض الدولي مع تتويج الجزائر "عاصمة الثقافة العربية لعام 2007"، لكن المراقبين قالوا إن "المشاكل والرقابة عكرت فرحة هذا العيد"، إذ كان من المفترض أن تصدر وزارة الثقافة الجزائرية ألف كتاب بالمناسبة، لم تصدر منها سوى نصف العدد. وفي السياق ذاته رفضت وزارة الثقافة الجزائرية تعريب ثلاثة كتب مدرجة في قائمة الإصدارات المقررة، في إطار تظاهرة «الجزائر عاصمة ثقافية عربية»... وهي "بريد الجزائر" لبوعلام صنصال، و"الاعتداء" لياسمينة خضرا و"رجالي" لمليكة مقدم. وذكرت جريدة "الشروق" الجزائرية أن بعض العارضين أكدوا أن السلطات "تشدد المراقبة على بيع الكتب أكثر من تشديدها على المتاجرة بالممنوعات"، إذ شمل منع 1191 عنوانا مثل "بن لادن الحقيقة الممنوعة"، و"سياسيون حاربوا الإسلام"، و"الموسوعة الجغرافية الموسعة" التي تقر مغربية الصحراء، و"جيوش الإسلام وحركة التغيير"، و "مسائل وفتاوى في قضايا مهمة"، و"حكم الدخان والتدخين"، و"فتاوى النساء". وضم المعرض الذي استمر من 31 أكتوبر الماضي إلى يوم 16 نونبر خمسمائة ناشر من 27 دولة عربية وأوربية.