ما وقع في طنجة من تحديث عمراني ومشارع ضخمة لم نحلم به أيام مغربنا في سنوات الرصاص، فإن تحدثت عن طنجة تبادرت إلى "خيالك كابول مقديشيو وبرلين". لكن بعد يوم من انتهاء الحرب العالمية الثانية، الاجرام والفساد الإداري وشعب يعيش في المغرب وعقله في القارة العجوز حتى الاعلام لم يكن له دور يذكر في ربط الطنجاويين بمغربهم، فالقنوات الاسبانية تقوم بالمهمة. وأتذكر أنني سمعت نبأ وفاة الراحل الحسن الثاني رحمه الله على القناة الخامسة الاسبانية، حين اتجهت صوب التلفزة الرسمية وجدت تلاوات من الذكر الحكيم تؤكد الخبر وعم صمت رهيب، الدكاكين تقفل، الأطفال إلى بيوتهم كل يهمس في أذن صاحبه مات الملك. أيام مغرب الزرواطة كان الطنجاويون يكثرون من الكلمات الاسبانية وذالك لأن أهل المخزن مفرنسون ولا يجيدون الاسبانية. المخبرون السريون في كل مكان، وكم من رجل انتقد السلطة في زلة لسان قالت ذهب ولم يرجع. لم أجد أبغض لسكان "طنجيس" كما سماها الرومان ، أبغض إلهيم من الرجل الثاني في نظام الحسن الثاني وزير الداخلية الراحل إدريس البصري، فأجهزته قد عاثت في الأرض فسادا وقمعها على الشعب وصل لمرحلة اللاعودة إلى أن أتى الفرج – ما أسميه شخصيا بعهد المفهوم الجديد للسلطة- القرب والمودة من الشعب تجلب القلوب وتطمئن النفوس، أما الزرواطة فتنظم الشعب وتقومه، لكن الله يعلم ما في القلوب. زارنا جلالة الملك محمد السادس ونحن الذين لم نعتد أن يزورنا ملك، كل الناس خرجوا هللوا وكبروا" عاش الملك"ملك المفهوم الجديد للسلطة. كل يستبشر بقدوم حفيد محمد الخامس، الناس ينتظرون جلالته ساعات طوال ليحضون بمشاهدة مباشرة. بعد يومين من قدوم جلالته كان اليوم جمعة، فخرج موكب بهيج إلى مسجد المدينة ليقيم صلاة الجمعة، الناس تكبر وتهلل ثم صرخات وسباب يعلو " أيها السارق أيها الجزار – البصري يمشي بحالو وطنجة ماشي ديالو- كان البصري ما زال في إدارة جلالته وسمع الملك بإذنه ما يدور بخاطره أصلا. يذكر لي أحدهم كيف نظر جلالته إلى البصري وابتسم وكأنه يقول له ليس موقفي منك سلبي فقط بل أنا ورعيتي. بعد أسابيع من ذالك حصل الإعفاء وتنفس الناس الصعداء، ذهب الكابوس ذهب الخوف عاش الملك. وختام هذه الذكريات ، نتمنى أن تعم بركة المفهوم الجديد للسلطة جميع أنحاء المغرب ومزيدا من المشاركة لشكل في الحقل العام، كما أن البصري قد ذهب وزال همه يجب أن يذهب شبح سيطرة منطقة بعينها على دواليب القرار بالمغرب.