الكل يعلم أن المستعمر قد خرج فعلا من المغرب منذ خمسين سنة بعساكره وجيوشه. الا أنه كما ترك لنا بعض الاوراش العملاقة من طرق ومجاري مائية اهترأت بفعل الزمن، فإنه ترك لنا ثقافة ممسوخة و مهترئة أصلا، واستطاع أن يرسخها في رؤوس أبناء هذا البلد العليل المسكين. اللغة العربية اليوم تشكو ربها الذي خلقها، فهي تعاني طفيليات كثيرة تزاحمها السنة أبنائها. حيث أصبح الحديث بالعربية ممزوجا بالفرنسية على ايقاع يشبه طنطنة حشرات مزعجة تجعلك تتمنى لو يكتفي مخاطبك بالحديث بالفرنسية مجردة عن العربية. ربما هذا هو السبب الرئيسي الذي يجعل العديد من تلفزيونات الأشقاء العرب تستعين بالترجمة المكتوبة أثناء اجرائها لحوارات مع المغاربة، وذالك حتى يفهم مشاهدوهم ما يقوله اخوانهم في العروبة والاسلام بالمغرب. كما أنه من الملفت أيضا أن المغرب ربما هو البلد الوحيد الذي تقوم تلفزيوناته الوطنية بترجمة تصريحات مسؤوليه المحترمين الذين يصرون على التواصل مع مواطنيهم باللغة الفرنسية. ان احتقار اللغة العربية في بلد من بلدانها من الامور المثيرة للعجب والسخرية في نفس الوقت. فالتظاهر باتقان الفرنسية بخلط مفرداتها بالعربية ينظر اليه الكثيرون على أنه معيار للتقدم والرقي. لذالك يمكن في أي وقت أن تصادف في طريقك، مثلا، فتاة تتغنج في مشيتها واضعة سماعة محمولها على اذنها، وتتكلم مع مخاطبها بخليط من العربية والفرنسية . ثم تكتشف أنها في المساء تعود الى بيتها الذي ليس الا كوخا في حجم علبة كبيرت يوجد في حي صفيحي تتكدس فيه رفقة عشرة من إخوانها وذالك بعد أن تقفز فوق العشرات من من القطط الشاردة وتتجاوز الكثير من أسطل القمامة. واحتقار اللغة أيضا مدعاة الى احتقار الغير لنا حتى في داخل بلدنا، خصوصا واننا لا نجد أي مشكل في الحديث مع الاجانب بلغتهم سواء حلوا ضيوفا علينا، أم كنا نحن الضيوف عندهم، حتى يعتقد الاجنبي أن المغاربة ليسوا الا مسخا من جنسهم. وبذالك يصبح المغربي غريبا في وطنه وعلى أرضه، مثما حدث مع ذالك الصحفي الذي أخذته حمية الهوية على لغته العربية، واحتج على استعمال الفرنسية من طرف المنظمين لاحدى النداوت التي أقيمت على هامش القمة المتوسطية الاخيرة بطنجة، بدعوى أنهم موجودين في المغرب، وأن غالبية أعضاء منظمة الاتحاد المتوسطي من الدول العربية. فكان الذي أخذ مبادرة الرد عليه هو أحد المتعاطفين بشدة مع ما يسمى ب"دولة اسرئيل "، حيث أجابه بأنه هو الذي جاء الى هذا المكان ليفرض العربية. فرحم الله الشاعر الذي قال: ومن يهن يسهل الهوان عليه وما لجرح بميت إلام [email protected]