غالبا ما نتهم الدولة بأنها لا توفر موارد كافية للقراءة والثقافة للمواطنين. فالكتب الهادفة تباع بدقة للنيف في المكتبات والمعارض، والصحف والمجلات يعرف ثمنها منحى تصاعديا من وقت لآخر. اضف الى ذالك أن الخزانات والمكتبات العمومية لا تتوفر على الكتب والمراجع الاساسية للطلبة والباحثين فضلا عن المواطنين العاديين. ولكن اذا تأملنا واقع الحال وجدنا أن امكانية اقتناء الكتب ممكنة للكثيرين. فالمرأة أو الفتاة التي يمكن أن تتذرع بغلاء ثمن كتاب هادف محدد في سبعين درهم هي نفسها التي تقتني كل شهر تقريبا كتابا جديدا عن جديد الطبخ والحلويات يفوق ثمنه في كثير من الاحيان مبلغ 100 درهم. والرجل أو الشاب الذي يشتكي من ارتفاع سعر نسخة الجريدة أو المجلة هو الذي يقضي أوقات طويلة في المقهى ينفق ما لا يقل عن خمسة دراهم يوميا ثمن الفنجان زائد مصاريف الدخان. والاطفال تمتلئ بهم قاعات الالعاب والبلاي ستايشن يدفعون الداراهم الكثيرة فيها. وهكذا فكل منا مشغول ب"بلية" معينة عن القراءة والتثقيف متذرعا بهذه الذريعة أوتلك. فالدولة إذن وإن كانت تتحمل بعضا من المسؤولية عن انحطاط المستوى الثقافي من عدة أوجه، فإن المواطن بدوره يتحمل النصيب الأكبر من المسؤولية. فسبل القراءة والتزود بالعلم لم تعد تتحكم فيها الدولة في زمن الانترنت والتكنولوجيا. فالمشكلة وراء تردي واقع القراءة في بلادنا التي طالما كانت منارة العلم والعلماء عبر التاريخ، ليس سببها التلكلفة الباهضة للكتب أو الجرائد. وإنما سببها هو أننا نحن المواطنين لا نقرأ ولا نهتم بتطوير مستوياتنا العلمية والثقافية. في المقابل نهتم بالكماليات والسفاسف. فلا يخفى على الكثيرين ما خلصت اليه إحدى الدراسات مفادها أن المغاربة لا ينفقون أكثر من نصف درهم على الثقافة. ومؤخرا أسفر استقصاء نشرته جريدة المساء عن أن كتب الحلويات والطبخ تتصدر قائمة مبيعات الكتب يف المغرب. فرغبة القراءة والثقيف عندنا نادرة إن لم نقل منعدمة. وإلا لتحملنا من أجل ذالك المصاعب كما كان حال أجدادنا عبر القرون. ولكن يبدو للأسف الشديد أن الطبخ والحلوى والترفيه هو مبلغ علمنا واهتمامنا .