العطلة الصيفية فترة يستفيد منها الأطفال للاستجمام و الراحة و اللعب٬ أما أنا فكنت خارج تلك القاعدة حيث مللت من الذهاب إلى الشواطئ طوال الأيام واللعب مع الأصدقاء في المساء فكرت في السفر لكن الوقت غير مناسب بثاتا لوالدي. فكرت في خلق أنشطة مغايرة في الحي كتنظيم دوري السباحة والكرة الشاطئية؛ لكن هذه الأخيرة باتت بالفشل. وأنا مار بالشارع المحاذي لحينا دخلت متجرا مبعثرا يسوده السواد نوافذه مغلقة،مليء بالعناكب والحشرات الصغيرة يضج بآلات متعددة المجلات و الخدمات ممتلئ بتماثيل و مجسمات قديمة و بسيطة بطفو عليها غبار كثيف.وما فتئت أتفقد المتجر حتى فاجئني رجل شعره أشعت،ثيابه ممزقة، نعله بالي، جلده يميل إلى السواد من كثرة اتساخه كأنه لم يمسس الماء قط، ظننته جنا لكن ملامح وجهه تبدو غريبة علي.راودتني أسئلة عديدة من يكون إلا أن بادرني بسؤال أعرف جوابه جيدا لكني متردد في لإجابة عليه كأني بلعت لساني وأنا أشاهده فكرر السؤال مرة ثانية: من سمح لك بالدخول؟
فأجبته و ملامح الخوف تطغوا على كلماتي: لا أحد.فقال : ومذا تريد؟هل لص أنت أم مذا؟أجبته قائلا:لا تخف يا عم،أنا لست لصا،كنت أتجول و مررت بمتجرك فدخلت و تفقدته قليلا حب الاستكشاف. وأنا أتحدث معه قليلا إلا أن تذكرته أنه الرجل الذي حملت معه أكياسا دون أجر منذ سنتين.فقلت له وأنا مطمئن شيىءا ما:أيا سيدي ألست الرجل الذي حملت معه أكياسا إلى منزلك من ذ زمن قريب.فأخد يفكر بعض ثوان حتى قال:نعم لقد تذكرتك جيدا لآن أنت الطفل الذي لعبت مع إبني الصغير في ذات اليوم.كان اسمك أتذكر محمد؛أليس كذلك؟نعم ياعم.أخبرني كيف حال ولدك وزوجتك؟ وأنا أدردش معه بعض الوقت حتى فهمت أنه فقد ولده و زوجته إثر حادثة سير، فأخد بعد ذلك يحكي لي بعضا من مغامراته الشيقة فقال:يا بني أنا لم أسألك بعد، لما أنت حزين هكذا؟ أجبته:والله يا عم،لقد مللت من هذه العطلة حق الملل.فأردت أن أسافر لكن الوقت لا بناسب والدي. فتبسم و قال:لدي حل لمشكلتك. دخل إلى غرفة أخرج منها آلة تشبه علبة صغيرة بها العديد من الأزرار.وهو منهمك في شرح لي طريقة الاستعمال، ضغطت على زر. لم تمر سوى بعض ثوان حتى وجدت نفسي داخل مبنى وسط أناس يشبهون الفراعنة،فأدركت بذلك أنني في عصر مصر القديمة. فذهبت إلى مكان فارغ حاولت فيه تحليل هذه الآلة حتى فهمت أن هذه الأخيرة مختصة في تحويل الإنسان عبر العصور. بينما أنا أتمعن في الجهاز باغتني حارس يخاطبني بلغة لم أسمعها قط و ما فتئت أحاول التواصل معه بالإشارات حتى أدخلني هو ومجموعة من الحراس مكانا فسيحا يتواجد به مجموعة من الصحون الممتلئة بالفواكه المتنوعة،ضننت أنني أعيش قصص"ألف ليلة وليلة",فألقوا بي تحت أرجل شخص،لم أعرف هويته أبدا لكونه جالسا على كرسي عال و لما رفعت رأسي و نظرت إليه وجدتها امرأة حسناء مرتدية لباسا أبيضا من حرير مزينة بحلي من ذهب شعرها أسود لامع، فتسألت من تكون؟حتى ناداها أحد الحراس بالملكة "كليوباترا" ،فسألتني فلم أجد جوابا بلغتها حتى أفهمها شخص واقف بجانبها أنني أتكلم باللغة العربية فأمرت بإحضار طباخها التي اشترته من شبه الجزيرة العربية،ارتاح قلبي كثيرا لأني أخيرا وجدت من يجيد وبفهم لغتي .فشرحت له أسباب وجوديو من أين أتيت لكن الملكة لم تراعي ظروفي وأمرتهم بالبقاء كعبد حتى أكمل مع العمال العبيد هرمها.وأنا في طريقي إلى عين المكان أخرجت الجهاز الذي بقي بحوزتي وضغطت على نفس الزر ولام تمر إلا ثوان معدودة حتى وجدت نفسي داخل منزلي، سألتني أمي: أين كنت.
فأجبت مبتسما :ما أروع الأهرام وما أضخمها ! وما أجمل حضارة مصر! ويا له من جهاز مفيد !