عن جلسة المسائلة بتارخ الجمعة 30 نونبر عن السيد بنكيران قال: "حق التجمهر يمارس و لا يتم تفريق المتجمهرين إلا إذا اتسمت ممارساتهم بتجاوزات تخل بحركة السير أو بالأمن أو النظام العام أو باحتلال الأماكن و المؤسسات العامة".. حديث حسن غير صحيح. نعم فقد استحسنت القول لما سمعت السيد عبد الإله بنكيران و هو يؤكد بكل ثقة بأن الحريات العامة في المغرب قد حققت طفرة نوعية و انتقالا ملموسا عاد يسمح لعموم الشعب المغربي بممارسة حقه في التظاهر السلمي و الاحتجاج على غرار قول وزير حكومته في قطاع العدل بأن المغرب لا يستقبل في زنازينه الراهنة معتقلين سياسيين، لكن سرعان ما استيقنَت نفسي عدم صحة الخبر لما رأيت المتحدث رئيسا لحكومة الدستور الجديد و المخاطب برلمانيو 25 نونبر، و هل غير الحكومة هاته من عرقلوا تأسيس حزب الأمة في ضربة مزلزلة لأعمدة الحقوق و الحريات بالبلاد، لكن و مع ذلك قلت في نفسي حديث حسن إلا أنه غير صحيح من الناحية الافتراضية. و أبيت إلا أن أتتبع المنهج العلمي التجريبي مرة أخرى الذي ينتقل من الفرضية إلى التجربة كي يحصل على نتيجة تقود إلى صياغة خاصية تساعد على فهم قواعد الممارسة الحقوقية بالبلاد. و تزامنا مع الحدث البرلماني الشهير، نادى بعض الشباب الغيور على قيم الوطن و هويته الحضارية، برغبتهم في تنظيم وقفة ليست سلمية فحسب، بل صامتة أيضا. تُعرض فيها بعض العبارات و الصور تنديدا بالأعمال السينمائية المخلة بالذوق و غير المحترمة لخصوصية الشعب المغربي. تذكرت بنكيران فقررت المشاركة، و أنا التواق لمختبر تجريبي أبين فيه صحة فرضيتي من عدمها. انتقلت إلى مكان الوقفة، كانت هادئة جدا، بضعة شباب حضروا حاملين لافتات و لوحات تحمل عبارات التنديد و الاستنكار. بعد دقائق معدودة، حلت علينا دورية الأمن ضيفا ثقيلا يحاول منعنا من مواصلة إبلاغ الرسالة، طلبنا عشر دقائق لاستكمال اللوحة التعبيرية و الانصراف بعد ذلك. لكن الشرطي المسكين عاد بعد أن وبخته السلطات - كما أخبرنا- التابعة للوزارة التي يشرف عليها السيد رئيس الحكومة ليطالبنا بالبطائق الوطنية و يقتاد بعض منظمي الوقفة للتحقيق معهم. فتذكرت بنكيران مرة أخرى، و تذكرت معه التجربة التي شرفت على الانتهاء منها خصوصا و أني جئت مشاركا في الوقفة و عدت مستقلا سيارة الأمن نحو التحقيق في الحق المرتكب. (و حتى أكون منصفا في القول، تعامل رجال الأمن كان قمة في الأدب و حسن المعاملة، لم يكن هناك لا تعنيف و لا كلام بذيء.) و بعد الفرضية و التجربة، خلصت يا زعيم الحكومة أو يا "زْعيم" كما يقول المغاربة لمن يدعي الزعامة، إلى نتيجة صارت خاصية مقرونة بالوضع المغربي اليوم و أنا الشاهد الذي رأى شيئا و عليه بنى و أسس. فالتقدم الذي يحققه المغرب إنما هو مواز لمتجهة المقاربة الأمنية التي تمنع ممارسة الحقوق باسم الاستقرار و استتباب الأمن في محاولة لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. متراجعين عن المكاسب التي حققها المغرب مع حركة 20 فبراير، و أهمها حق التظاهر و الاحتجاج السلمي و الحضاري. لذلك فنصيحتي لك عن حسن نية و ليس تأسيا بالتيار المدمر الذي حاول نصحك بالبرلمان، بأن ترقب الله فيما تقول، فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، و أن تتبين صحة المعطيات الكاذبة التي يمدونك بها ساعين إلى توظيفك في حجب الحقائق و ترويج الزيف و الأوهام على الشعب المغربي. قد تجد آخيرين شاهدين شافو شي حاجا.. لكن للأسف الشديد فعموم الشعب شاهد ما شافشي حاجة... يا زْعيم.