كل قادم لمدينة وزان هذه الأيام قصد التبضع من زيت زيتونها ذي المذاق المتميز وطنيا ، ستلتقط عيناه وهو على مشارف المدينة كيف أن الأودية التي تخترق حواشي دار الضمانة قد اكتست لونا أسودا ،وأن رائحة غير عادية قد اختلطت بهوائها النقي ،مما يؤشر على أن المدينة أصبحت أمام كارثة بيئية حقيقة ، علما أنه قبل سنوات كان الأطباء من مدن كثيرة ينصحون مرضاهم بأخد قسط من الراحة قصد الإستشفاء نظراء لنقاء هواء هذه البقعة الأرضية التي همشت لعقود من الزمن المغربي لما بعد الحقبة الإستعمارية الغاشمة. نعم كلما حل موسم الزيتون الذي يحرك عجلة الاقتصاد المحلي ، ويشغل المئات من سواعد الشبيبة الوزانية التي تقتلها العطالة ،إلا وانقلبت هذه النعمة إلى نقمة ، حيث تستفحل ظاهرة تلويث المياه من طرف مطاحن الزيتون عبر تحويل " قنوات " نفاياتها السامة إلى إفراغها مباشرة في المجاري المائية مع ما ينتج عن ذلك من ارتفاع لنسبة التلوث بالأنهار والوديان ،وهو ما يشكل خطرا على كل أنواع الكائنات . في موسم الزيتون للسنة الماضية الذي صادف أول موسم لتعيين أول عامل على رأس إقليموزان الفتي ،استبشرت الساكنة ومعها كل المنشغلين بمجال حماية البيئة التي تشكل (البيئة ) الجيل الثالث لحقوق الإنسان ، استبشرت بمبادرة اللجنة الإقليمية المشرفة على مدى احترام أرباب مطاحن الزيتون لدفتر المتحملات والقوانين المنظمة لذلك ،حين قامت بزيارة للمطاحن باعتبارها مصدرا للتلويث ، وشخصت الوضعية القاتمة ،وخلصت إلى دعوة أرباب هذه المطاحن اعتماد المعايير الوطنية والدولية للتخلص من نفاياتهم درءا لأي جريمة بيئية و إيكولوجية . لكن التقرير حسب معطيات استقيناها من هنا وهناك ،ويؤكدها الواقع الآسن ، ظل حبيس الجدران لأن السند الذي يعتمد عليه بعض أرباب المطاحن يتموقع فوق القانون، وكذلك لأن الفرع المحلي لهيأة حقوقية التي يدخل الدفاع عن بيئة سليمة في صلب مهامها هو آخر من يعلم لأسباب لم تعد خافية على أحد .