لا يبدو الفيلم الذي حمل عنوان "مقابلة مع محمد"، صادماً مثل سابقيه. ففي الفيلم الذي يستغرق خمسة عشر دقيقة، يجري جامي مقابلة مع النبي محمد، الذي يجسده ممثل متنكر، يرتدي ملابس عربية بدوية، ويخفي وجهه بقناع ورقي. يناقش الاثنان جوانب من حياة نبي الإسلام، بأسلوب عصري هادئ، ليظهر نسخة جديدة من شخصية النبي، شخصية عصرية ذات أفكار تحررية. ويقول جامي إنه يهدف عبر هذا الفيلم إلى إطلاق نقاش من داخل الإسلام نفسه: "يجب أن يعيد المسلمون تأويل أفعال النبي، هذا ما أأمله على الأقل، وما أحاول فعله. ولا يتحقق ذلك إلا بالوعي وبالإصلاح." إنه نداء إذن من أجل إصلاح إسلامي. ولكن إحسان جامي ليس الشخص المؤهل لدعوة الإصلاح. فقد كرس شهرته قبل عام من خلال تأسيسه ما أسماه ب "لجنة المسلمين السابقين". وبدأ آنذاك بتوجه انتقادات حادة لديانته السابقة، وصلت حد مقارنة النبي محمد بأدولف هتلر. لكن يبدو أنه في هذه الأثناء قد غير وجهته وأسلوبه بشكل كبير. فالطرح في فيلم "مقابلة مع محمد" أقل جرأة بكثير من شعارات جامي قبل عام من الآن، أو من فيلمي "خضوع" و "فتنة"، أو بالفيلم الكارتوني الذي كان جانمي نفسه ينوي إنتاجه في وقت سابق من هذا العام، قبل أن يتوقف عنه بطلب من وزير العدل الهولندي. يقول جامي إنه الآن لا يريد أن يكتفي بتحديد المشكلة، بل يريد أن يقدم حلاًً. ولكن لماذا ينبغي للمسلمين أن يصغوا لشاب مرتد عن الإسلام؟ يجيب: "ولم لا؟ لأنه لا أحد آخر يريد أن يقوم بذلك. أنا الوحيد. ليس هناك إلا القليلين من يفعلون شيئاً ما. أأمل أن يتزايد عدد المسلمين في هولندا، الذين يتخذون المبادرة ويكافحون من أجل هذا الهدف، يكافحون من أجل ما نؤمن به حقاً، من أجل حضارتنا، وثقافتنا وفكرتنا عن حقوق الإنسان." تزامن إطلاق الفيلم مع الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهذا هو جوهر الرسالة التي يريد جامي إيصالها إلى المسلمين: الإنسانية تأتي قبل الدين. يظل السؤال، هو كم من المسلمين سيصغي إلى دعوة جامي؟ صحيح أن الفيلم أقل صدمة من فيلم "فتنة" لكنه يظل مثيراً للجدل. يؤمن معظم المسلمين بعدم جواز تجسيد النبي محمد. إضافة إلى أن الفيلم يناقش مواضيع تعد من المحرمات في الإسلام. في أول رد فعل على الفيلم اصدرت ست منظمات إسلامية هولندية بياناً وصفت فيه الفيلم بأنه "فقاعة تافهة". وقد رفضت المنظمات المشاركة في مؤتمر صحفي للتعليق على الفيلم، قائلة إن الفيلم لا يتضمن شيئاً يستحق التعليق. وهكذا فبالرغم من النوايا التي يعلنها صانع الفيلم، إلا أن فيلم "مقابلة مع محمد" قد زاد من الهوة بينه وبين الناس الذين يزعم أنه يريد مخاطبتهم. المصدر: موقع اذاعة هولاندا العالمية