غريب أمر هؤلاء الحكام ،يحكمون شعوبهم بالحديد والنار ويذيقونهم مختلف صنوف الإهانة والذل ويمتطون رقابهم عنوة ويركبون ظهورهم كالحمير ،حتى إذا ثاروا نعتوهم بمختلف صنوف العهر والشتيمة . طيلة الأحداث في تونس التي كانت مفاجأة لكل شعوب المنطقة والتي توحدت في شيء واحد وهو الشعور بالظلم وثقل الإستبداد ،التزمت الصمت أتابع ما يجري بذهول شديد ليس تخادلا مني بل لأني لطالما ترويت وتمهلت قبل الحكم سيما بعد أن غرقت تونس في الفوضى الأمنية ، بعد هروب زين العابدين بن علي محملا بأرصدته البنكية وخزائنه النفيسة من أموال الشعب التونسي وخروج الجيش إلى الشوارع في مشهد لم تعتد له شعوب المنطقة مثيلا ،ابتدأ بمطلب بسيط وهوالخبز وانتهى بسقوط نظام ديكاتوري فاشستي أذاق الشعب التونسي الذل والمرارة . في التجربة التونسية التي لا أنكر تعاطفي معها تعجبت لشيء واحد وهو النفاق الذي تفجرت عناوينه في كل مكان بدءا بالتلفزيون الرسمي الذي كان لسان النظام بامتياز فتحول بين عشية وضحاها إلى لسان الشعب والثورة ومن فخامة الرئيس إلى الرئيس المخلوع والديكتاتور الهارب ) وهذا ايضا درس للحكام وللبطانة التي تغير ولاءها كالحرباء (، تعجبت أيضا لوزراءه الذين أنكروه فجأة وبعد أن تحول أركان النظام البائد إلى رموز بطعم جديد ولوك جديد لكن بنفس الملامح ونفس العقلية الإستبدادية ،تذكرت أيضا أن الثورة يصنعها الشرفاء من الرجال ويستفيد منها الجبناء وخوفي أن تضيع ثورة تونس بعدما اشتعلت ثورة مصر ومالم يسقط الشعب التونسي جميع رموز الفساد . بعد أسابيع قليلة نشرت إحدى الصحف الفرنسية صورا لزعماء عرب خالدون في كراسيهم وتساءلت بقولها على من يأتي الدور ؟ بينما كانت الجبهة المصرية خامدة ساكنة لم يتوقع أحد أن يستيقظ البركان المصري ،إلى أن اسيقظت فجأة على إيقاع حمم بركانية رهيبة وبقي المسكين القذافي الذي ثار على الثورة مطوقا بين مصر الثائرة وتونس التي أسقطت رئيسها بعد أن فركلص تحت جنح الظلام . مبارك الذي حكم بلده لأزيد من 30 سنة بقانون الطوارئ وكان يستعد لتوريث نجله جمال مبارك الذي فر هو وعائلته إلى لندن ،جسّد الصورة الحقيقية لأغلب الرؤساء حين يصل بهم الهوس وحب السلطة حد إحراق البلاد والعباد وسفك أنهار الدماء وتصفية المعارضين داخل السجون وقنص المواطنين في الشوارع وبناء المقابر الجماعية...إلخ على الإذعان لرغبة شعبه الذي أذاقه الويلات ،لقد انتصر مبارك على شعبه لأزيد من 30 سنة وفي أقل من شهر انتصر عليه شعبه فلماذا يتحمل شعبه مرارة انتصاره هو طيلة هذه السنين وبرفض هو الإعتراف بهزيمته ؟ نعم لقد هزمت يا ميارك وسيهزم غيرك . إنني لا أريد زيادة الشحن لأن الشعب المصري كفيل بتطهير بلاده من رجس الفاسدين فأكبر نصر لهذا الشعب هو تحرره من عقدة الخوف التي زرعها النظام في نفوس جميع المصريين وتمزيقهم لصور الفرعون المصري الذي كان ينقص المصريين أن يحنطوه ويضعونه إلى جانب مومياءتهم في المتحف المصري ، وعلى ذكر المتحف المصري فإني أقول إن اكبر جريمة ارتكبها النظام المتهاوي إلى جانب جرائمه في حق شعبه هو حين تعمد ترك كنوز مصر والإنسانية فريسة لعمليات النهب والسرقة بعد أن تفتقت عبقرية مبارك وبطانته على إغراق الشارع المصري بالمجرمين وقطاع الطرق بعد إفراغ الأقسام والسجون بالإضافة إلى مجرمي الأجهزة السرية الذين كانوا يطلقون الرصاص الحي على المتظاهرين ، لكنك ستسقط يا مبارك وعلى من يأتي الدور يعد الديكاتوتور التونسي والفرعون المصري ؟؟. أما عندنا في المغرب فأوضاعنا السياسية هشة وأوضاعنا الإقتصادية في الحضيض وحقوقنا مسلوبة مهضومة لكن أبشركم الشعب المغربي لا يستطيع القيام بشيء أتعلمون لماذا ؟ لسبب بسيط لأن الشعب المغربي دجن تماما وتم احتواءه بالأكاذيب والشعارات ،لقد ألبسونا البردعة واستحلينا الذلة وانتهى كل شيء . [email protected] http://9isa.maktoobblog.com