بداية نرحب بكم على هذا الموقع الكثير من الباحثين يقولون بنهاية الحركة الإسلامية فهل أنت متفق معهم ولماذا؟ لا شيء يزول ولكنه يتحول. الحركات الإسلامية تعيش حالة من التحول، نتيجة الصعوبات الجمة التي واجهتها في تحقيق أهدافها، وكذلك الخبرة التي اكتسبتها في السياسة والصراع السياسي. وهذا التحول يعني إعادة النظر في برنامجها وأسلوب عملها وتعاملها مع المجتمع ككل. وأتمنى أن يكون هذا التحول في اتجاه تكريس مبدأ حرية الرأي والضمير في مجتمعاتنا، وتجاوز تقاليد الحجر والتكفير، أو منطق محاكم التفتيش، وتبني قيم التداول الديمقراطي على السلطة، والنظر إلى النفس كحزب سياسي مسئول إمام جمهوره ومجتمعه، والالتزام بالمصالح الوطنية العليا، وفي مقدمها التضامن والتكافل الوطني، في ما وراء تعدد الاعتقادات الدينية. وإذا حصل مثل هذا التحول ستجدد الحركات الإسلامية نفسها، وربما تزيد من فرص مشاركتها السياسية والوطنية، على مثال حركة العدالة والتنمية التركية التي أعادت تجديد الديمقراطية التركية والثقافة السياسية الوطنية في الوقت نفسه. - بالرغم ما يقال على أفول الحركة الإسلامية فلها حضور كبير ووازن في الساحة السياسية والثقافية كيف تنظرون إلى الدور الذي يمكن إن تلعبه الحركة الإسلامية في تحقيق التغيير المطلوب ؟ وهل هي لوحدها كافية لتحقيق التغيير المطلوب؟ ب غ – ليس هناك ما يمنع الحركة الإسلامية كما ذكرت من لعب دور كبير في الساحة السياسية والثقافية، وهي تكاد تستفرد اليوم بساحة هذا العمل على المستوى الشعبي في العديد من أقطار العرب. لكن حتى تنجح في أن تكون حركة تغيير وأداة تغيير ايجابي ينبغي أن تغير نفسها في نظري في الاتجاه الذي ذكرت وتتبنى وتستوعب القيم الأساسية لأي حياة سياسية وطنية حديثة، أعني مبدأ عدم مذهبة السلطة والدولة، واحترام الحريات الأساسية للمواطنين، والمواطنة المتساوية، بصرف النظر عن الاختلاف الفكري أو السياسي. أي أن تضع نفسها في خدمة المجتمع وتسعى إلى تطبيق أجندة تطوير هذا المجتمع والارتقاء بشروط وجوده وحياة الأفراد ومعيشتهم في ظروف عصرهم وحسب معطياته ومعاييره، لا أن تسعى وراء أجندة خاصة بها، لا تهدف إلا إلى تعزيز وجودها وتنتهي بإلحاق الدولة والمجتمع بها واستخدامهما لخدمة أغراضها الخاصة، حتى لو كانت هذه الأغراض عقائدية وليست مرتبطة بمصالح مادية شخصية. وظيفة الحركة السياسية هي أن تعمل على خدمة أهداف المجتمع كما يحدده هو نفسه، أي أغلبيته. والأهداف الرئيسية والملحة اليوم على مجتمعاتنا هو إخراجها من حياة الهامشية والفقر والبطالة التي تهدد تراثها وهويتها وعقيدتها. وإلا فلا ينبغي العمل في السياسة وإنما النشاط في ميدان الفكر والثقافة فحسب. - الكثير من الدول العربية عرفت بعض ارهاصا ت الانتقال الديمقراطي المغرب والأردن على سبيل المثال إلا أن هناك الكثير من العراقيل تحول دون ذلك فلماذا هذا الاستعصاء الديمقراطي في العالم العربي؟ ب غ - هناك الكثير من التجارب التعددية والبرلمانات والانتخابات التشريعية في العالم العربي، إنما هناك عوائق عديدة لا تزال تقف عائقا أمام تحولها بالفعل إلى تجارب ديمقراطية. من هذه العوائق وجود قوى اجتماعية نافذة تتعارض مصالحها مع وجود مراقبة شعبية ومشاركة للأفراد على قدم المساواة في اتخاذ القرارات السياسية، لأن ذلك يحرمها من الامتيازات التي اعتادت عليها، وربما نقل السلطة إلى طبقة أو نخبة أخرى وحرمها من هذه المزايا والامتيازات جميعا. وهي قوى تلقى دعما كبيرا من الدول الصناعية التي تخشى أن تسيطر على هذه المنطقة الحساسة والقريبة من الغرب قوى مرتبطة بشعوبها ومتفاعلة معها، تقلل من فرص نفوذ الغرب، وربما تكون معادية له أو غير قادرة على التفاهم معه، بينما لديها في هذه المنطقة مصالح إستراتيجية واقتصادية حيوية. فتحالف النخب الداخلية مع المنظومة الغربية يخل بالتوازنات الداخلية إلى حد كبير. وهناك عوائق ناجمة عن ضعف الثقافة السياسية الديمقراطية وأحيانا غيابها في مجتمعاتنا، بدءا من علاقة الأفراد داخل الأسرة حتى العلاقة مع السلطة العليا. ونحن ننظر بتقديس كبير لرجل السلطة حتى لو كان موظفا صغيرا، فهو ابن المخزن وأداة في يد القوة السلطانية الضاربة. والعوائق الأهم ، تلك التي تحفظ سطوة أصحاب السلطة والمال وتردع الأفراد وتحرمهم من تطوير وعيهم السياسي وثقافتهم الديمقراطية وخبرتهم السياسية، هي من دون شك سياسات التهميش والجزر والعزل والقمع والإقصاء التي تمارس من قبل أجهزة أمنية تعودت احتقار المواطن وخدمة السلطة والتماهي معها. وهي شريكة لأصحاب السلطة والمال في الامتيازات التي تشكل النظم الديمقراطية القائمة على المساواة تهديدا مباشرا لها. - الكثير من الليبراليين العرب رحبوا بالغزو الأمريكي للعراق واعتبروا ذلك مهم لتأسيس الديمقراطية في العالم العربي ، لكن النتائج الكارثية التي حققها الغزو الأمريكي والحروب الطائفية التي عرفها العراق بمباركة أمريكا تفند أطروحتهم فكيف ترد على هؤلاء؟ ب غ – هم من فاقدي الثقة بأنفسهم وبشعوبهم. لذلك يعتقدون أنه لا سبيل للديمقراطية إلا بوسائل خارجية، مما يحول التدخل الخارجي والاجتياح العسكري إلى عملية تحرير. وهذا ما وسمت به من قبل هؤلاء الحرب الأمريكية الأخيرة على العراق. هم ليسوا في نظري لا ديمقراطيين ولا وطنيين ولكنهم طالبي سلطة بأي ثمن، وملتحقين بمن يعتقدون أنه يملك القوة لإيصالهم إليها. وليست الديمقراطية في أفواههم إلا وسيلة للتغطية على هذا العطش الفاقع للسلطة تماما كما كانت وسيلة عند سلطات الاحتلال الأمريكي للتغطية على مشروع السيطرة الاستعمارية على العراق وإخضاعه، ومن ورائه المشرق العربي، لأجندة السياسة الأمريكية الإسرائيلية. وشكرا لكم على استقبالي في موقعكم النشيط هذا.