في تقرير للأمم المتحدة صدر عام 1997 ظهر تعريف للاغتصاب بأنه «اقتحام لأخص اعضاء جسم المرأة وأكثرها خصوصية وايضاً اعتداء على صميم ذاتها. فهو المزيج المدمر من القوة والغضب والجنس الذي يغذي العنف الجنسي ضد المرأة». وخلف هذا التعريف العالمي سعت الكاتبة المغربية دانيا بنخويا لتطبيقه على حالات الاغتصاب في المغرب من خلال ملفات المحاكم لمحاولة الاحاطة بالظاهرة وفهمها واسقاط ستار الصمت المضروب حولها وخلق تراكم في ميدان البحث والدراسات بشأن ظاهرة العنف ضد المرأة ومساءلة المؤسسة القانونية والمؤسسة القضائية على مدى مساهمتها في حماية النساء من العنف الجنسي (الاغتصاب). هذا الجهد العظيم للباحثة اصدرته في كتاب تحت عنوان «جريمة الاغتصاب بالمغرب.. دراسة في ملفات المحاكم» وهو الكتاب الذي استعرضته الزميلة سعيدة شريف منذ اسابيع ولفت نظري. ولفت نظري ان الدراسات العربية عن ظاهرة الاغتصاب قليلة، وربما معدومة او هذا مبلغ علمي رغم ان الظاهرة موجودة وتعلن عن نفسه كل يوم في الصحف، ونحن نعرف ان ما ينشر في الصحف ليس كل ما يحدث، فهناك فتيات ونساء يفضلن الصمت باعتبار ان نظرة المجتمع الى المغتصبة فيها كثير من التحيز رغم انها ضحية. وترى المؤلفة ان الاغتصاب هو مظهر لعلاقات قوية غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ ادت الى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها والحيلولة دون نهوضها الكامل، وهو من الآليات الاجتماعية الحاسمة التي تفرض على المرأة التبعية للرجل.. وانطلاقا من هذا المفهوم فان العنف ضد المرأة يتخذ اشكالاً متعددة ومظاهر متباينة لكن كل هذا يصب في اتجاه واحد هو النظرة الدونية للمرأة. واذا كان ما وصلت اليه الباحثة ينطبق على جميع انواع الاغتصاب في العالم، فان خصوصية التجربة المغربية والعربية في الأغلب لها اسبابها التي ترى الباحثة انها تنقسم الى نوعين.. اسباب مباشرة واخرى غير مباشرة.. الاولى مرتبطة بظروف الاعتداء المعلنة وغير المعلنة التي يكون فيها الانحراف والعطالة (البطالة) والامية وهي كلها مسؤولية الدولة.. اما الاسباب غير المباشرة فتعود كما قالت آنفاً الى النظرة الدونية للمرأة من قبل الرجل. بحث هام ارجو ان يفتح الباب امام ابحاث اخرى لظاهرة اصبحت تفقأ العين.. ومع ذلك فالمسكوت عنه فيها اكثر من المعلن.