«سامحوني الله يحفظكم سامحوني» كانت هذه العبارة هي أول كلمة خاطب بها «هشام.ت» قاتل عشيقته بحي «الزرايب» بباب الخميس (الملحقة الإدارية باب ياغزوت). حالة استنفار عاشها حي «الزرايب» القديم وحضور أمني كثيف لعناصر الشرطة القضائية والعلمية من أجل توفير المناخ والمكان لتمثيل جريمة قتل الملقب ب«بايو» لعشيقته «سمية.م»، بهدف التخلص من جنينها الذي لم ير النور أبدا. متابعة تمثيل الجريمة عشرات رجال الأمن وأفراد من قوة التدخل السريع ينتظرون الأوامر لتنظيم المكان، وما هي إلا لحظات حتى بدأت عملية تكوين حواجز أمنية تتم بسرعة كبيرة. وعلى طول الشارع وقف أصحاب المحلات التجارية والمأكولات والسكان والجيران يراقبون ما يحدث، بعدما أخذ كل واحد مكانا يسمح له بمتابعة الحدث ومشاهدة «بايو» بعد القبض عليه. فوق الأسطح، وفي النوافذ، و أمام المحلات التجارية وقف الجميع ينتظرون إحضار القاتل والشروع في تمثيل الجريمة. بدأت أولى لحظات استقدام الجاني، عندما حلت فرقة من الشرطة العلمية والتقنية بعين المكان، للقيام بعملية استطلاعية وتهيئة الفضاء، وبعد ذلك بحوالي15 دقيقة بدأت تتوافد على مسرح الجريمة قوات أمنية مختلفة باللباس الرسمي والمدني من فرق التدخل السريع، والضابطة القضائية ومجموعة من أفراد القوات المساعدة. وما هي إلا لحظات قليلة حتى ظهر النائب الأول لوكيل الملك، ورئيس الضابطة الولائية للشرطة القضائية، ووراءهما سيارة الشرطة التي تقل القاتل، وحينئذ اشتد التدافع للاقتراب من مكان الجريمة، مما فرض على الأمن التشدد مع كل حركة للحاضرين. «بايو» يطلب السماح من سكان حيه قبل أن تطأ قدماه الأرض رفع الملقب ب «بايو»، وهو من مواليد سنة 1975، يديه المصفدتين، ملوحا بهما للمتجمهرين، وخاطبهم «أطلب منكم السماح»، مما جعل الأعين تجحظ أكثر في متابعة حركات المعتقل. اتجه أفراد الأمن بسرعة بالجاني نحو المنزل، الذي شهد الجريمة يوم الجمعة فاتح أكتوبر، وهناك أعاد القاتل تجسيد تفاصيل قتل عشيقته «سمية.م»، التي تبلغ من العمر 21 سنة. وأثناء تمثيل الجريمة بالمنزل خرجت أخت «بايو» إلى الجيران وخاطبهم قائلة إن هشام «يطلب منكم المسامحة»، بينما كان ابنها الصغير، الذي لم يتجاوز الاثنتي عشرة سنة، يبكي ويطلب منها الإذن له بالذهاب إلى المدرسة، لكنها منعته بسبب حالته النفسية. وبالأزقة المتفرعة وقف الأطفال والشيوخ والنساء والرجال يتدافعون لمتابعة تفاصيل الحادث، فيما كان رجال الأمن يتصببون عرقا وهم يمنعونهم من الاقتراب، مما دفع أحد ضباط الأمن إلى مخاطبتهم قائلا: «سيرو قضيو حاجتكم». قام القاتل «بايو» بتمثيل الجريمة عندما دخل إلى المنزل، الذي كان مسرحا للجريمة، وقام بخنق القتيلة، واستقدم عربة صغيرة لأحد باعة التمور، ووضعها فيها وتوجه بها صوب مكان يبعد عن المنزل بحوالي 200 متر. هاتف «بايو» يوقع به في الفنيدق ظهر «بايو» بوجه أقرب إلى السواد، وهو يرى العدد الكثيف من المراكشيين الذين حجوا لمتابعة تمثيل الجريمة. وبمجرد ما ظهر بالساحة الوسطى للحي خارجا من الزقاق المؤدي إلى منزله حتى تعالت الأصوات منادية عليه، وهي تقول: «هشام الله معاك». ووسط الأجواء الملتهبة قام رجال الأمن بدفع الحضور بقوة لفتح الطريق أمام سيارة الأمن. وقد تمكن رجال الأمن من تحديد مكان القاتل «بايو» عن طريق هاتفه الشخصي. وحسب معلومات حصلت عليها «المساء» من مصادر عليمة، فإن القاتل بمجرد ما شغل هاتفه المحمول حتى تم تحديد مكانه بمدينة تطوان قبل أن ينتقل إلى مدينة الفنيدق. وقد انتقلت فرقة خاصة يُشرف عليها رئيس الشرطة القضائية بمدينة مراكش إلى مدينة الفنيدق لإيقاف الهارب وإحضاره للمدينة الحمراء من أجل التحقيق معه. وفعلا تمكنت من ذلك، بينما كان القاتل يقوم بتلميع حذائه عند أحد ماسحي الأحذية بمدينة الفنيدق. وكان «بايو» قد وضع حدا لعشيقته، بقتلها، لا لشيء سوى التخلص من جنينها. حدث ذلك في حدود الساعة السابعة والنصف من صباح يوم الجمعة فاتح أكتوبر الجاري. وكانت الضحية على علاقة غير شرعية بالقاتل، الذي يعمل جزارا. كما أنها كانت على خلاف دائم معه، و قد زاد الجنين الذي تحبل به الضحية من حدة الخلاف، الذي كان ينشب بينهما من حين إلى آخر. لكن تشبث الضحية بجنينها دفع «بايو» إلى ارتكاب جريمته الشنعاء.