من حقك يا رئيس حكومتنا الموقر أن تتباهى بانتصاراتك على خصومك، وأن تتلذذ بطعم ضرباتك الموجعة لمن يختلفون معك في الرؤيا والتحليل والعمل، وأن توجه لهم ما تراه يناسب خسارتهم وتراجع شعبيتهم الجماهيرية، وأن تشعر بعقدة جنون العظمة ضد المعارضة والتماسيح والعفاريت وأطراف التحكم ومن يدبرون الدولة العميقة، لكن هذا لا يعني أنك ستظل دائما هكذا لأن دوام الحال من المحال، وأنك ماض إلى النهاية الحتمية التي لا مفر منها مهما حاولت حقن جسد حكومتك بالهرمونات التي تحافظ على شبابها وقوتها. إن ما يخرج عن اجتماعاتك مع مناضلي حزبك ،لا يجب أن يجعلك في دار غفلون عن ضرورة اليقظة والعفة والتواضع ،وطلب القوة والعافية لبقية إخوانك المغاربة في المشهد الحزبي والنقابي والمدني، وأن لا تتوهم بأنك خارج قوانين الطبيعة والمجتمع والعقيدة، فما تقوله عن خصومك اليوم، سيقال عنك عند رحيلك الحتمي عن هذه الحكومة، والعيوب الخلقية التي تتحدث عنها بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة تعاني منها جميع الأحزاب وبما فيها حزب العدالة والتنمية ،الذي تعرف كيف نشأ وتطور ومن هو الحزب الأم أو الرحم الذي ولد منه حزبك، وهذه العيوب الخلقية لا يمكن التنكر لها في ولادة أي مخلوق يولد قبل موعد ولادته الطبيعي المتعارف عليه . لسنا يا رئيس الحكومة ملزمين بوضع الرؤى والاقتراحات والبدائل، التي تحتاج إليها حتى تكون قادرا على تدبير الشأن العام، فهذا يخصك ويلزم معارضتك في الحكومة والبرلمان .. فما تقوم به ليس بالضرورة من العفاريت والتماسيح التي تخاف منها وتطاردك في حالتي اليقظة والنوم، ومن دوائر التحكم والدولة العميقة التي يريد معارضك ادريس لشكر ذبحها من الوريد، أو من دوائر التحكم التي أرغمت حميد شباط على الخروج من حكومتك في نسختها الأولى .. فنحن قدرك الحتمي النابع من المواطنين الذين يفتقرون إلى من يتحدث باسمهم، ومن العموم الذي فقد الثقة في كل من يروج لبرنامجه الحزبي أو النقابي الذي انكشفت عيوبه مع تفاقم الأزمة المجتمعية ،التي لا زلت تعتقد أنك تملك البرنامج الكفيل بالقضاء عليها لولا مقاومة جمهور العفاريت والتماسيح . إن ما يحرضنا على مصارحتك بالأخطاء ،التي تجد نفسك متورطا فيها ،مصدرها تجاهلك وعدم احترامك لمقتضيات المناخ الديمقراطي ،الذي نشتغل عليه جميعا من أجل تكرسي قيمه ومبادئه وقوانينه وقواعد التعامل والسلوكات المنظمة لوجوده، ومن المفروض في وجودك على رأس الحكومة، أن تعمل على إشاعة الثقافة الديمقراطية بين الأطراف العاملة في المؤسسات، التي تترجم وجود هذه الديمقراطية في المجتمع، ونظن أن الوطن أصبح أكثر ميلا إلى تأهيل السلوك الفردي والجماعي على قيم الديمقراطية في كل مجالات الحياة، وهذا ما يجب أن تعمل يا رئيس الحكومة تلقائيا على الدعوة إليه، حتى تضمن النجاح في معركة إرساء قواعد المجتمع الديمقراطي المدني ،التي نتطلع أن تتحقق اليوم قبل الغد ،تبعا للإيمان والحماس الذي يغمرنا جميعا من أجل بسط نفوذ هذه الديمقراطية في المجتمع. إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نعرف ما تواجهه من خصومك، ونعرف شرعية هجوماتك وردودك عليهم، لكننا مع ذلك ننصحك بالعفة والتواضع في التعامل مع الآخرين، وتأكد أن السياسة ،هي فن الصراع على المصالح، ومن لا يعرف قوانينه الصارمة في الولادة والموت ،يكون إما مغرورا أو مصابا بالانفصام في شخصيته، ونسأل الله العافية لكم منه، ويكفينا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أنكم تملكون القلب الذي يقبل الانتقادات ،حتى وإن جانبت الحد الأدنى المقبول في الحوار. حتى لا نفسد عليكم ،يارئيس حكومتنا ،أجواء النشوة والفرح التي تشعرون بها، اتجاه من يواجهون العقاب الجماهيري على أخطائهم من المعارضة الحزبية والنقابية، نهيب بكم أن تتعلموا الدروس من التجارب الحكومية السابقة، وأن ترضوا بالنصيب في نهاية هذه الفترة من حياة حكومتكم الحالية، وأن تلتفتوا إلى ما عجزتم عن الوفاء به لصالح من منحوكم الثقة في الانتخابات السابقة .. فانتظارات المغاربة تفاقمت وإنجازاتكم ضئيلة، ولا شك أنكم أعلم بما يجب أن يكون عليه أداء هذه الحكومة، وأن تدركوا في نهاية المطاف أن تجربتكم لها بداية ونهاية ،وستكونون على صواب إن تحملتم انتقادات واحتجاجات المغاربة، ضد فشلكم في تحقيق التنمية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.