وجد العاهل المغربي محمد السادس نفسه محاصرا وسط مدينة العيونجنوب البلاد، حينما هرولت نحوه جموع بشرية للتعبير عن فرحتها بلقائه و رؤيته مباشرة،و هو يتجول وحده بسيارته في أحد شوارع المدينة و تحديدا قرب مقر بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء "المينورسو" دون بروتوكول و لا حراسة. و كان الملك محمد السادس قد بدأ السبت الماضي زيارة إلى مدينة العيون كبرى مدن الصحراء المغربية تستمر لأسبوع كامل و وصفت بالتاريخية،بمناسبة احتفال البلاد بمرور أربعين عاما على حدث المسيرة الخضراء التي أطلقها الملك الراحل الحسن التاني و شارك فيها أكثر من 350 ألف مغربي مشيا على الأقدام في ال6 من شهر نوفمبر عام 1975 لتحرير الأقاليم الجنوبية المغربية من الإستعمار الإسباني, و تصادف مرور العاهل المغربي من أمام مقر بعثة الأممالمتحدة "المينورسو" وسط العيون وجود مظاهرة سلمية قام بها ثلاثون ألف صحراوي أمام مقر البعثة لمطالبتها بتسهيل تبادل الزيارات بينهم و بين أفراد عائلاتهم في مخيمات تندوف حيث معقل جبهة البولساريو التي تطالب باستقلال الأقاليم الجنوبية للمغرب لإنشاء دولة لها. و ما إن شاهد المتظاهرون العاهل المغربي يمر جنبهم بسيارته التي كان يسوقها بنفسه دون حراسة و لا بروتوكول و لا مرافقين هرولوا نحوه مع هتافهم باسمه و بمغربية الصحراء،ما سبب ارتباكا كبيرا في صفوف قوات الأمن التي كانت تحرس مبنى البعثة الأممية. و شوهد العشرات من أفراد الشرطة يتركون مواقعهم أمام مقر "المينورسو" و يركضون نحو سيارة الملك بهدف تسهيل مرور الملك و تأمين مواصلة طريقه إلى جانب مواطنين آخرين تطوعوا لذات المهمة. و معروف عن الملك محمد السادس كسره للبروتوكول في أكثر من مناسبة للتجول في المدن المغربية التي يزورها وحيدا بسيارته،و هو ما يسبب حرجا للأجهزة الأمنية التي تجد صعوبة في تعقب تحركاته أو منع المواطنين من الاقتراب منه للحدث إليه أو التقاط صور له،و هو ذات الشيء الذي تعود عليه ملك المغرب أيضا خلال وجوده في مدن غربية و أفريقية و عربية كان آخرها في العاصمة الفرنسية باريس و كذلك في مدينتي دبي و أبوظبي في دولة الإمارات العربية المتحدة. و أطلق العاهل المغربي الذي وجه للمغاربة خطابا ملكيا بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء من مدينة العيون مخططا تنمويا خصص له غلاف مالي بلغ نحو 10 مليارات دولار لتنفيذ عدة مشاريع تهم البنية التحتية في مقدمتها تشييد طريق سيار يربط مدينة تزنيتجنوب المغرب بمدينة العيون مرورا بمدينة الكويرة جنوب الصحراء،و هو ما سيساهم في جذب رؤوس أموال دوليةللاستثمار في المنطقة. و ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس في مدينة العيون حفل إطلاق استراتيجية تنفيذ و النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية (الصحراء)، الرؤية التنموية المندمجة القائمة على تحليل موضوعي للوضع الفعلي لهذه الأقاليم،حيث سيمكن النموذج، الذي وصفه متخصصون اقتصاديون بثورة تنموية حقيقية، من وضع القواعد المؤسسة لسياسة مندمجة، تحفز تعزيز إشعاع الصحراء كمركز اقتصادي وحلقة وصل بين المغرب وامتداده الإفريقي. و قال العاهل المغربي في إشارة لخطة الحكم الذاتي للمنطقة "هذه المبادرة هي أقصى ما يمكن للمغرب أن يقدمه، كما أن تطبيقها يبقى رهينا بالتوصل لحل سياسي نهائي في إطار الأممالمتحدة." و أكد ملك المغرب أن سكان المخيمات الصحراوية في مخيمات تندوف يقاسون الحرمان والفقر والحاجة وانتهاك الحقوق الإنسانية، متهما قادة جبهة البوليساريو بأنهم يمارسون سياسة تجويع سكان المخيمات. و تسائل "كيف يمكن تفسير الغنى الفاحش لزعماء الانفصال ؟ ». وخاطب الملك المغربي سكان المخيمات قائلا: "هل أنتم راضون عن الأوضاع اللا إنسانية التي تعيشونها؟ فأنا لا أرضى لكم هذا الوضع، ولكن إن كنتم تقبلون به فلا تلومون إلا أنفسكم، وأنتم تشهدون المغرب يقوم بتنمية صحرائه ». وتعارض جبهة الساقية الحمراء ووادي الذهب المدعومة من الجزائر و المعروفة اختصارا باسم "البوليساريو" سيادة المغرب على المنطقة، وتطالب بتنظيم استفتاء لتقرير مصير سكان المنطقة،حيث تتخذ من مدينة تندوف جنوبالجزائر معقلا لها.