يكاد لا يخلو مجتمع من فئة تصدق الخرافات وتؤمن بالأساطير وتلجأ إلى الدجالين، ويمثل الجهل عصب حياة المشعوذين، والمجتمع المسلم ليس استثناءً، ورغم انفضاح أمرهم وتضاؤل حجمهم بفضل انتشار وسائل الإعلام والإنترنت وما وفرته من وعي، فإن بعض الناس لا يزالون متمسكين باللجوء إلى "الشيخ"، لاعتقادهم أنه قادر على حل مشكلات مستعصية. وهذا "الشيخ"، وهو شخص لم يتلق علوم الشريعة أكاديميًا، إلا أنه قدم نفسه كرجل صالح ومبارك في بيئة بسيطة أقل تعلمًا، بعد أن تصوّف أو تظاهر بالتصوف لدى بعض المشايخ، ليتخذ بعد ذلك طريقه للدجل ممتطيًا لبوس الصلاح والتقوى لخداع بسطاء الناس. حضّ الإسلام على الرقية الشرعية، وهي آيات قرآنية أو أذكار وأدعية يتلوها الإنسان المسلم ليهدئ من نفسه أو يحصل على السكينة والطمأنينة، ويمكن أن يفعل ذلك لشخص من عائلته أو أصدقائه، كأن تقرأ الأم لطفلها أو الرجل لصديقه، دون أي حركات أو كتابات أو شعوذات، إلا أن الرقية كانت الباب الذي يدخل منه المشعوذون في كثير من الأحيان. والرُقى في الإسلام لها شروطها، فقد ذكر الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه "فتاوى معاصرة" الصفحة 292، أن من شروطها أن تكون باللغة العربية، والأمر الأهم أن لا يعتقد الإنسان أن الكلام يؤثر بذاته بل هي قدرة الله على الشفاء، فكانت كنوع من دعاء الإنسان لنفسه، فيما لا يحتاج هذا الأمر إلى مساعدة أحد، فالوارد في السنة والأحاديث والقرآن يستطيع أي شخص استخدامهم في رقي نفسه. وفي حديثه ل"نون بوست" يقول الشيخ محمود الدالاتي عضو المجلس الإسلامي السوري: "بعض الدجاجلة استغلوا حاجة المريض الجاهل للشفاء فامتهنوا هذه المهنة فجاؤوا بشيء من الآيات وخلطوا بها شيئًا آخر من خرافاتهم لتتم مسرحية التدليس على البسطاء"، مضيفًا "العلماء الحقيقيون لايقرأون ولا يرقون أحدًا وقد يفعلون هذا من باب النوادر بشكل عارض لأنه لا نهي عنه ولكن ليست منهجًا وديدنًا لهم".