ظاهرة العنف ليس بموضوع جديد يعرفه العالم فهو موجود منذ الازل لكن منذ دخول البشرية في دوامة الحجر الصحي تفاقمت هذه الظاهرة بشكل ملحوظ ونخص بالذكر العنف الاسري فهو اشهر انواع العنف البشري في زمننا هذا. و يتمثل هذا العنف في العديد من الجوانب كتعنيف الزوج للزوجة جسديا او لفظيا, تعنيف الزوجة لزوجها, تعنيف الاباء للأطفال و كذا تعنيف الاطفال لآبائهم و هذا راجع للعديد من الاسباب نذكر منها الاستعمال المفرط للوسائل التكنولوجية مما تؤثر سلبا على نفسية الاطفال فمن الممكن ان يستعينوا بأصدقاء وهميين في حل مشاكلهم مما يزيد الامر سوءا أو مشاهدة أفلام تحتوي على مشاهد عنيفة فيأخذوها قدوة في تصرفاتهم كما تجدر الاشارة الى ان اغلب حالات العنف تكون في الاسر المعوزة اي الاسر العاملة بالقطاع الغير مهيكل ذات الدخل المحدود. ووفقا لتقرير الاممالمتحدة تفاقم العنف الاسري بعد كوفيد 19 : * في قبرص و سنغافورا ارتفعت شكاوى العنف الاسري بالنسبة 30 و 33 في المائة على التوالي . * في فرنسا بلغت نسبة الزيارة في العنف الاسري منذ بدء اجراءات الاغلاق 17 مارس 30 في المائة كذلك سجلت زيادة كبيرة في حالات العنف الاسري و طلب الحماية في كل من كندا و المانيا و بريطانيا و الولاياتالمتحدة. * في الارجنتين بلغت الزيارة في شكاوى العنف المنزلي منذ بدء اجراءات الاغلاق 20 مارس حوالي 25 في المئة. اما حسب تقرير للمندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة حكومية للإحصاء) فان النساء المغربيات يتعرضن للعنف بنسبة 52 في المائة (6.1 ملايين امرأة). ويشير التقرير نفسه إلى أنّ من بين 13.4 مليون امرأة مغربية تتراوح أعمارهنّ ما بين 15 عاماً و74، أكثر من 7.6 ملايين امرأة وهو ما يُمثّل 57 في المائة من النساء، تعرّضنَ لنوع واحد من العنف على أقلّ تقدير. و هذا الارتفاع راجع للصيغة الجديدة التي اعتمدها العالم عامة و المغرب خاصة في مواجهة الوباء وهي الحجر الصحي مما جعل الاطفال اداة لتفريغ مشاعر الغضب لدى البالغين, و دفع القاصرين لضغوطات نفسية مما جعلهم عنيفين تجاه ابائهم و انفسهم أيضا ناهيك عن الاخبار عن تزايد او تناقص الحالات الوبائية تزيد من توتر العائلات و وضغوطاتهم كما ان عدم ممارسة الانشطة الحياتية كالذهاب الى المدرسة و العمل و ملاقاة الاصدقاء تزيد من حدة الوضع و تسبب في الاكتئاب و اضطرابات نفسية اخرى. و للعنف الاسري اثار سيئة بالنسبة للأشخاص سواء البالغين او القاصرين فلكل فئة خصوصياتها. بالنسبة للأطفال يعرضهم العنف الى قلة النوم و الخوف من الذهاب الى السرير بسبب الكوابيس و الاحلام المخيفة و المرعبة و الشعور بالقلق المفرط و العدوانية,اما المراهقين فاغلبهم يلجئون الى المخدرات كوسيلة للهروب من واقعهم ,و يسبب العنف للبالغين انعدام الثقة في النفس و التعود على الخنوع و في حالات جمة يلجأ الى الانسحاب من الحياة. اعتمادا على كل ما سبق ، وجب التنبيه إلى أن مثل هكذا ظواهر من شأنها المساهمة في تفشي عدة ظواهر اخرى موازية لعل ابرزها ظاهرة الانتحار والطلاق والتفكك الأسري والتشرد وبالتالي وجب العمل على تفادي هذا المنزلق الاجتماعي الذي من شأنه أن يشكل منعرجا حاسما على مستوى العلاقات المجتمعية بالأوساط الأسرية وبالتالي المزيد من التداعيات والانعكاسات السلبية التي لا تحمد عقباها. تتعدد الاسباب و النتيجة دائما سلبية والسبيل للتخفيف من حدة الظاهرة وتفاقمها هو الانكباب على العمل على هاد الشق من طرف جميع المتدخلين وتكوين حملات توعوية نفسية وبرامج تثقيفية للأسر من اجل مواكبة هذا الوضع ومعرفة السياق الموضوعي الذي يفرز لنا مثل هكذا تصرفات, و لا يمكننا غض النظرعن المبادرات التي تقوم بها مكونات المجتمع المدني و السلطات من مبادرات تستحق التنويه نذكر منها مبادرة الهلال الاحمر بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة و تهدف هذه المبادرة الى تقديم الدعم النفسي و الاجتماعي للمتضررين بمختلف شرائحهم العمرية, و نذكر كذلك مبادرة اللجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف للتبليغ على الارقام التالية :الدرك الملكي 117 الامن الوطني 19, و من الحلول الممكنة كذلك بث برامج تلفزيونية هادفة تذكر بأهمية الاسرة و تماسكها , و تحسيس الناس بمخاطر العنف وما ينتج عنه من آثار اجتماعية ونفسية على الأسرة والمجتمع ككل.