كسرت الأرقام التي نشرتها وسائل الإعلام جدار الصمت عن معاناة الرجال من العنف الأنثوي، وهو ما يتعارض مع الاعتقاد الشائع بأن النساء فقط يمكن أن يحملن آثار الضرب أو الكدمات. ورغم عدم توفر إحصائيات دقيقة حول حجم الظاهرة، إلا أن بعض التقارير تشير إلى أن الرجال في الأعوام الأخيرة كانوا أكثر عرضة للعنف من النساء بنسبة 40 بالمئة، وكانوا أكثر عرضة للقتل من قبل النساء. وقد يبدو الأمر غريبا على المجتمعات الذكورية، لكن الدراسات المتعلقة بالعنف الأسري أشارت إلى تعرض حوالي 30 بالمئة من الرجال في الدول العربية للتعنيف من قبل زوجاتهم، ويتراوح ذلك بين الضرب والشتم، وقد يصل إلى حد التعذيب النفسي، مثل الحرمان من الأطفال، والامتناع عن المعاشرة الزوجية والطرد من المنزل، ويمكن أن يتطور الأمر إلى القتل، خاصة في صفوف الرجال الذين تجاوزوا الخمسين من عمرهم. وكشفت دراسة ميدانية أجراها المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية بالقاهرة أن 30 بالمئة من الزوجات المصريات يمارسن العنف ضد أزواجهن، وأكثرهن عنفا النساء الصعيديات، وخاصة في ما يتعلق بجرائم القتل العمد. وعبرت هيئات حقوقية تونسية عن قلقها من تفشي ظاهرة العنف ضد الرجال بعد أن أظهرت دراسة اجتماعية أن حوالي 10 بالمئة من النساء التونسيات يضربن أزواجهن، و30 بالمئة يعتدين على شركائهن بالعنف اللفظي، أما في المجتمع الكويتي فقد بلغت نسبة الكويتيات اللاتي يضربن أزواجهن 10 بالمئة، وفي السعودية 5 بالمئة. وتبدو ظاهرة العنف ضد الرجال أكثر حدة في الدول الغربية مقارنة بالدول العربية التي يخير فيها الرجال التكتم خشية هدر رجولتهم واهتزاز صورتهم في المجتمع. تعنيف النساء لأزواجهن في الدول العربية يتراوح بين الضرب والشتم وقد يتطور الأمر إلى التعذيب النفسي ويمكن أن يصل حد القتل وأشارت تحليلات أجرتها الجمعية المهتمة بالعنف الأسري في المملكة المتحدة إلى أن عدد الرجال الذين يتعرضون لاعتداءات من قبل زوجاتهم وصديقاتهم أعلى بكثير من الأرقام المعلن عنها. وذكرت إحصاءات لوزارة الداخلية ودائرة الجريمة في بريطانيا أن الرجال شكلوا حوالي 40 بالمئة من ضحايا العنف في القترة بين الأعوام 2004 و2005 و2008 و2009. وفي الفترة الممتدة من 2006 إلى 2007، شكل الرجال 43.4 بالمئة من مجمل حالات ضحايا العنف المنزلي، لترتفع النسبة إلى 45.5 بالمئة للفترة 2007-2008، وتعود إلى الانخفاض إلى 37.7 بالمئة للفترة الممتدة من 2008 إلى 2009. وأظهرت دراسة أجرتها جامعة غلاسكو في إسكتلندا أن 60 بالمئة من النساء يؤيدن ضرب الزوجة لزوجها. وأشارت إلى أن الجروح التي يصاب بها الرجال بعد العراك مع زوجاتهم تتمثل في الرضوض والجروح وحتى تكسير العظام. وترى جمعيات الدفاع عن حقوق الرجل في بريطانيا أن الذكور يعاملون ك?ضحايا من الدرجة الثانية?، وأن الكثير من رجال الشرطة لا يأخذون شكاواهم على محمل الجد. وقال ماثيو بيلي الذي يدير شركة للاستشارات في جنوبي ويلز إن جميع صنوف العنف الأسري ضد الرجال أصبحت سائدة، مشيرا إلى أن الأمر لم يعد يقتصر على الإيذاء الجسماني فحسب بل شمل أيضا الأذى العاطفي والنفسي والمالي. الجروح التي يصاب بها الرجال بعد العراك مع زوجاتهم تتمثل في الرضوض والجروح وحتى تكسير العظام وأظهرت إحصاءات نشرت في سنغافورة ارتفاع أعداد الأزواج الذين يعانون من إساءة زوجاتهم، إذ يتحمل الكثيرون الضرب المبرح لسنوات قبل طلب المساعدة. وأكد الخبراء النفسيون أن ضحايا العنف النسائي من الذكور يعانون من الكآبة والقلق الشديدين ومن المشاكل النفسية أكثر من نظرائهم الذين لا يتعرضون للعنف في محيطهم الأسري. ولا يستبعد الكثير من الخبراء أن يكون عنف المرأة ردة فعل طبيعية ضد عنف الرجل، وخاصة إذا مارس ضدها عنفا قاسيا. وقال عالم النفس بجامعة تشارلز داروين بيتر فورستر: ?لقد استبعدنا الآن التوقع بأن المرأة تتصرف بشكل مختلف عن الرجل.. لقد تضاءل تدريجيا هذا النوع من التثبيط لارتكاب سلوك عنيف حتى وصل إلى نقطة لم تعد تمنع النساء على الإطلاق من ارتكاب عمل عنيف?. وأشار إلى أن الرغبة في الشعور بالمساواة بين الجنسين وراء هذا الاتجاه الذي يدفع النساء إلى التصرف بشكل عنيف.