في سابقة خطيرة: قاضي التحقيق يبحث عن وسائل إثبات التهم ضد المتهمين !!! بناء على المحضر المنجز من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحت عدد 203 بتاريخ 23/8/2012، والذي يستفاد منه أن عناصر هذه الفرقة انتقلت إلى مدينة تطوان بتكليف من المصالح المركزية استنادا إلى معلومات "موثوقة" تؤكد تورط مجموعة من رجال الأمن والجمارك بالمركز الحدودي باب سبتة في اختلالات متعلقة بأدائهم لمامهم على الوجه القانوني، وقد تطرقنا في الحلقة الثالثة لكيفية مخالفة عناصر هذه الفرقة لتعليمات الملك وتغييرها لمنحى الملف، وكذا لتصريحات المتهمين و"الشهود" في القضية، وبناء على إتمام البحث المأمور بها تنفيذا لتعليمات النيابة العامة حسب الإرسالية عدد 2553/3202/12 بنفس التاريخ المذكور أعلاه، والتي تم خلالها الاستماع إلى كل من رئيس الدائرة الجمركية بتطوان، إلياس الرمال، والآمر بالصرف بمكتب باب سبتة، عبد الكريم الشرادي، ومساعده، خليل الشتية، حيث تطرقنا لتصريحاتهم المثيرة للجدل في الحلقة الماضية، وبعد إحالة الملف على النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتطوان، أمرت هذه الأخيرة بإيداع 11 جمركيا وأمنيا بالسجن المحلي بتطوان، من أصل 15 متهما في القضية، حيث تم إيداعهم السجن يوم 28/8/2012 على الساعة الرابعة صباحا، وإخضاع الثلاثة الآخرين لتدبير المراقبة القضائية وذلك بسحب جوازات سفرهم وإغلاق الحدود في وجههم، وأحالت الملف على القاضي المكلف بالتحقيق لدى المحكمة الابتدائية بتطوان، محمد المنصوري، مطالبة بإجراء تحقيق في الموضوع، وهو الملف رقم 707/2012، أمر عدد 371/2012، الذي سنتطرق إليه في حلقتنا هذه، حيث ورد فيه أنه "بناء على التحريات والأبحاث التي قامت بها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وكذا من خلال خطة البحث التي اعتمدتها في البداية وتكليف أربعة فرق للعمل نحو رصد عن كل ما يفيد تقديم شكاية من أجل الابتزاز أو طلب الرشوة مقابل تسهيل عملية العبور، والتي لم تسفر عن أية حالة جادة بشأن ذلك"، ليضيف مباشرة عبارة "غير أن شيوع خبر تواجد الشرطة القضائية بعين المكان شجع البعض إلى تقديم شكايات والبعض الآخر أدلى بشهادات من أجل التعرض إلى ممارسات غير قانونية في المركز الحدودي من طرف بعض الجمركيين من قبيل الرشوة والابتزاز"!!! وبناء على إجراءات الاستنطاق التفصيلي الذي تمسك فيه جميع المتهمين ال 15 بإنكارهم للأفعال المنسوبة إليهم وتمسكهم بتصريحاتهم التي أدلوا بها لعناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، تقرر مواجهتهم ب"الشهود" في القضية، وهم "صاحبي الوثائق الموريتانية" والمهرب الذي يشتغل حاليا على ملء الاستمارات والوثائق الخاصة بالمسافرين العابرين للنقطة الحدودية باب سبتة، إلى جانب مهربين آخرين!! والذين تم الاستماع إليهم من طرف قاضي التحقيق بعد أدائهم اليمين القانونية وإشعارهم من طرف هذا الأخير بأن "من حقهم أن يتنصبوا كطرف مدني في القضية وفقا لما تنص عليه أحكام القانون رقم 10.37 القاضي بتغيير وتتميم المادة (82) من قانون المسطرة الجنائية"!، حيث أكدوا جميع ما صرحوا به لعناصر الفرقة الوطنية، متمسكين بالتهم التي وجهوها للأمنيين والجمركيين المعنيين.. وبناء على الملتمس النهائي لوكيل الملك المؤرخ في 26/9/2012 والرامي إلى متابعة المتهمين من أجل المنسوب إليهم وإحالة الملف على المحكمة الابتدائية لمحاكمتهم طبقا للقانون بناء على الأسباب والتعليلات المفصلة في الملتمس المدلى به في الملف، جاء تعليل القرار من طرف قاضي التحقيق على الشكل التالي: أولا: "استراتيجية البحث"!!! حسب ما أسماه قاضي التحقيق في تعليل قراره، والذي جاء فيه أنه "انطلق البحث في هذه القضية من تساؤل جوهري اعتبرنا الجواب عنه مفتاحا أساسيا للعثور على وسيلة الإثبات الجنائية المقنعة"!!!، فمتى كان قاضي التحقيق يبحث عن وسيلة إثبات التهم ضد المتهمين الذين يظلون أبرياء إلى أن تثبت إدانتهم؟؟؟ ليضيف نفس القاضي في تعليل قراره، أو في "وسيلة الإثبات الجنائية المقنعة في حق الأظناء"، وفق ما هو وارد في نفس الملف، "أنه إذا كان من حق الشاهدين (يقصد بهما "صاحبي الإقامة الموريتانية") الحصول على وثيقة بيان القبول المؤقت بالنسبة للسيارات الأجنبية التي قاما بجلبها من الخارج وتسجيلها في الناظم المعلوماتي لحاسوب مصلحة إدارة الجمارك بباب سبتة كما اعتادا بذلك لعدة مرات وبدون أية عراقيل، وبعد إدلائهما بنفس الوثائق خاصة منها بطاقة الإقامة بدولة موريتانيا، فلماذا صار بعض الجمركيين يمتنعون في السنتين الأخيرتين عن القيام بالإجراء المذكور؟"، يضيف القاضي!!! فعلى أي أساس استند هذا القاضي يا ترى لإعطاء الحق ل"صاحبي الوثائق الموريتانية" المذكورين في الحصول على وثيقة بيان القبول المؤقت لسياراتهم؟؟ وما مدى صحة وسلامة بطاقة الإقامة بدولة موريتانيا اللذان يتوفران عليها؟؟ ويضيف تعليل القاضي في نفس الفقرة، أن "المتهمين أجابوا عن السؤال الذي طرح عليهم خلال جلستي الاستنطاق الابتدائي والتفصيلي، بأنهم امتنعوا عن تسجيل السيارات الأجنبية التي قاما الشاهدين المذكورين أعلاه بجلبها من مدينة سبتةالمحتلة بناء على أوامر وتعليمات صادرة عن رؤسائهم بما فيهم رئيس المقاطعة الجمركية السابق، إلياس الرمال، خاصة بعدما تم ضبط وثائق الإقامة بموريتانيا مزورة لدى بعض المصالح الأمنية"، مضيفا أن "جواب الشاهدين اختلف عن جوابهم اختلافا جذريا"، مؤكدين (أي الشاهدين) بأن السبب الحقيقي لامتناع الجمركيين المذكورين عن تسجيل سياراتهم هو "توقفهم عن إعطاء الرشاوى والإتاوات التي اعتاد تسلمها منهما..."!! ثانيا: في إثبات التهم المنسوبة إلى المتهمين!!!، حسب تعبير السيد قاضي التحقيق، وهي عبارة تغني عن كل تعليق..!! معتمدا في ذلك حسب ما جاء في هذه الفقرة من تعليله عن كون أن الشاهدين "صاحبي الوثائق الموريتانية" قد "أكدا بعد أدائهما اليمين القانونية بأنهما سبق لهما أن سلما مبالغ مالية تراوحت بين 2000 و3000 درهم للجمركيين المتهمين"، لينتقل مباشرة إلى الاعتماد على تصريحات المهربين المذكورين أعلاه، قائلا في تعليله "كما سبق للشاهد (المهرب الأول) أن عاين بعض المتهمين يتسلمون مبالغ مالية من العابرين توضع بين ثنايا جوازات السفر مقابل تسجيلهم للسيارات الأجنبية بناظم القبول المؤقت وذلك بناء على طلبهم بذريعة أن المبالغ المالية مخصصة لأداء بعض الرسوم.."!!، أما المهرب الثاني فقد أكد وفق ما هو وارد في تعليل قاضي التحقيق أنه "سبق له أن عاين مرافقه يسلم إتاوة محددة في مبلغ 20 درهما تارة وأخرى 50 درهما لبعض الجمركيين المتهمين، مؤكدا بأن العملية تكررت أمامه أكثر من مرة، كما أكد بأنه سبق لبعض هؤلاء المتهمين أن طلبوا منه إتاوة عن البضاعة التي كان سيهربها، بقولهم له عبارة "خلص".."!!، فيما أكد المهرب الثالث، حسب تعليل القاضي دائما، أنه بدوره "سبق له أن سلم لبعض المتهمين إتاوة في حدود 10 دراهم إلى غاية 20 درهما مقابل السماح لها بتهريب أغطية من مدينة سبتة.."!!، ليخلص القاضي، بناء على هذه التصريحات، إلى نتيجة ثبوت جنحة الرشوة في حق المتهمين أعلاه!!! لهذه الأسباب، وبناء على ما ذكر أعلاه، صرح السيد قاضي التحقيق بمتابعة المتهمين: "عبد الفتاح قرناص وسعيد مفضال وحسنة بتان وحسن رباح" من أجل جنحتي الرشوة والغدر، مع إضافة جنحة إتلاف وثائق تصدرها إدارة عامة للمتهم "حسن رباح"، وبمتابعة المتهمين: "خالد البقالي وعبد الإله عبقري ومحمد مكني وعبد الحميد بن كيران ومحمد زاهيدي ومصطفى إدأمغار وحسن حبيبي وإبراهيم الوثيق وإدريس اكحيلة وعبد الواحد الغنية" من أجل جنحة الرشوة طبقا لمقتضيات الفصول 243 و248 و592 من القانون الجنائي، وبعدم متابعة المتهم "عبد الإله حلحولي" من أجل جنحة الرشوة وبرفع المراقبة القضائية عنه، وبإحالة ملف القضية على المحكمة لمحاكمتهم طبقا لما يقتضيه القانون، مع الاستمرار في اعتقال المتهمين المعتقلين وباستمرار المراقبة القضائية بالنسبة للمتهمين الخاضعين لها.. ترقبونا في الحلقة السادسة... محمد مرابط لتطوان نيوز