تصريحات متناقضة وتورط ثابت لكل من رئيس المقاطعة الجمركية لتطوان والآمر بالصرف بمكتب باب سبتة ومساعده.. بعد تطرقنا خلال الحلقة السابقة لتصريحات الجمركيين المعتقلين والشهود المثيرين للجدل أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وكيف خالفت هذه الأخيرة تعليمات الملك وغيرت منحى الملف، وكذا التناقض الواضح في أقوال الشهود من جهة، وتناقض تقرير الفرقة مع نفسه من جهة أخرى، سنتوقف، كما وعدناكم، في حلقتنا هذه إلى تصريحات رؤساء هؤلاء الجمركيين والنتائج التي خلصت إليها تحريات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والتي لا تقل تناقضا وإثارة للجدل.. فبعد إحالة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية لتقريرها على الوكيل العام للملك لدى استئنافية تطوان بتاريخ 23/8/2012 تحت عدد 5252/3202/12، أحاله هذا الأخير بدوره على وكيل الملك لدى ابتدائية تطوان للاختصاص، هذا الأخير وبعد اطلاعه على الملف، أحاله مجددا على الفرقة الوطنية رفقة جميع المقدمين أمام النيابة العامة من أجل تعميق البحث حول الموضوع، وذلك من خلال التأكد من الوضعية القانونية لإقامة صاحبي "الوثائق الموريتانية" فوق التراب الموريتاني وكذا الوضعية القانونية للسيارات وعددها التي صرحا بأنهما كانا يعمدان على استيرادها من الخارج وتصديرها إلى موريتانيا بمراجعة إدارة الجمارك وشرطة باب سبتة وما إذا كانت تلك السيارات موضوع أي تصريح بالسرقة بالتنسيق مع المصالح المختصة، والاستماع إلى كل من رئيس الدائرة الجمركية والآمر بالصرف حول ما جاء في تصريحات الجمركيين والشهود، واستفسار الشاهد الثالث الذي أشرنا إليه في الحلقة السابقة لتوضيح ما ورد بتصريحه بتعامله بطريقة غير مباشرة مع هؤلاء الجمركيين وطبيعة العلاقة التي تجمعه بهم، ثم التأكد مما إذا كانت هناك شكايات لأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج حول بعض السلوكات غير القانونية التي يتعرضون لها أثناء عبورهم معبر باب سبتة وعلاقة المقدمين أمام النيابة العامة بها.. وبناء على تعليمات النيابة العامة هاته، القاضية بتعميق البحث في القضية، باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مجددا عملية مواصلة البحث والتحقيق مع المسؤولين المذكورين أعلاه، وتغطية النقاط المثارة من طرف النيابة العامة.. وحسب التقرير الذي أنجزته هذه الفرقة والذي رفعته إلى وكيل الملك لدى ابتدائية تطوان بتاريخ 27/8/2012 تحت عدد 2553/3202/12، فقد تم التأكد من طرف الفرقة الوطنية من "صحة الوضعية القانونية للسيارات التي كان المعنيان بالأمر يعمدان على استيرادها من الخارج وتصديرها إلى موريتانيا وعدم كونها موضوع أي تصريح بالسرقة"، حسب ما جاء في نفس التقرير، وقد بلغ عدد هذه السيارات المستوردة من طرف السالف ذكرهما 27 سيارة.. وفيما يخص الاستماع إلى المسؤولين الجمركيين المذكورين، فقد أكد رئيس الدائرة الجمركية بتطوان، إلياس الرمال، والذي تم نقله إلى الرباط تزامنا مع صدور التعليمات الملكية للبحث في هذه القضية بشكل أثيرت حوله عدة علامات استفهام، أنه "لم يسبق له أن أعطى أية تعليمات كتابية أو شفهية تقضي بمنع أفراد الجالية المغربية المقيمة بموريتانيا من إدخال سياراتهم إلى المغرب"، نافيا في محضره أمام الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ما جاء في تصريحات الجمركي، عبد الفتاح قرناص، الذي أكد في تصريحه أمام رجال الفرقة كونه يتلقى تعليمات شفوية من هذا الرئيس، مؤكدا أن "السبب الذي دفع الجمركي المذكور إلى الإدلاء بهذه التصريحات في حقه هو محاولته إبعاد التهم عنه والتملص من مسؤولية الأفعال المنسوبة إليه".. علما أن هذا الرئيس يملك إقامة سكنية فاخرة بشارع مولاي إسماعيل بمدينة طنجة يقدر ثمنها بأزيد من 200 مليون سنتيم، اشتراها من أحد البارونات المشبوهين، إضافة إلى ممتلكات أخرى، ورغم ذلك لم يتم البحث عن مصادر ثرواته الطائلة هذه، ولم يكن موضوع أية مساءلة أو بحث في هذه القضية !! الآمر بالصرف بمكتب باب سبتة، عبد الكريم الشرادي، أكد خلال الاستماع إليه تصريحات صاحبي "الإقامة الموريتانية"، مفيدا أن "أحدهما تقدم فعلا أمامه ثلاث أو أربع مرات كان عابرا فيها إلى داخل المغرب وبمعيته سيارة أجنبية، فكان يطبق معه كما هو الحال في جميع الحالات المماثلة مسطرة التأكد وتقييم الوثائق المتوفرة لديه ومدى مطابقتها لما هو مقرر قانونا بموجب مدونة الجمارك.."، ليضيف في نفس التصريح أنه "كان يجيز له المرور بعد التأشير على ورقة القبول المؤقت.."!! وهنا يتضح الخرق الفاضح للقانون في هذا الباب، حيث لا يجوز بتاتا للآمر بالصرف التأشير على ورقة القبول المؤقت للسيارات الأجنبية، وهنا يتضح أيضا تورط هذا المسؤول في الخروقات المرتكبة، فإذا كان الجمركيون المعتقلون المكلفون بتسجيل السيارات على الناظم المعلوماتي فعلا يرفضون السماح لهؤلاء بإدخال سياراتهم إلى المغرب رغم سلامة وثائقهم قانونيا، مطالبينهم بتسليمهم مبالغ مالية كرشاوى مقابل تسهيل هذا الإجراء وتسليمهم ورقة القبول المؤقت، كما جاء في تصرحات صاحبي "الوثائق الموريتانية"، فلماذا لم يبادر هذا المسؤول باتخاذ الإجراءات القانونية في حقهم؟؟ أليس التستر على هكذا تجاوزات هو في حد ذاته خرقا سافرا يعاقب عليه القانون؟؟، أم أن أصحاب هذه السيارات لا يجيز لهم القانون إدخالها إلى المغرب، ويقوم هذا المسؤول بالتغاضي عن ذلك حيث يؤشر شخصيا على ورقة القبول المؤقت لسياراتهم وإدخالها إلى المغرب، رغم عدم الجواز قانونيا قيامه بذلك، وبالتالي يكون هو المتورط المباشر في تلقيه لمبالغ مالية كرشاوى من طرف هؤلاء لقاء قيامه بهذا الخرق القانوني السافر؟؟، وفي كلتا الحالتين يظل موضع اتهام، وبالتالي وجبت مساءلته في هذا الشأن وإجراء بحث دقيق من طرف السلطات المختصة في صدده، الأمر الذي لم يتحقق منه أي شيء إلى حدود الساعة، حيث مازال هذا المسؤول يواصل عمله بالمعبر الحدودي باب سبتة وبنفس الكيفية التي كان يتعامل بها سابقا دون حسيب ولا رقيب !! هذا المسؤول، يؤكد في ذات التصريح أمام رجال الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على "عدم تواجد أية تعليمات رئاسية سواء كتابية أو شفوية تقضي بالمنع وعدم التأشير بالدخول للسيارات التي يجلبها الأشخاص المتوفرين على الإقامة بدولة موريتانيا"، موضحا في تصريحه أنه "بعد تكرر ضبط أشخاص متلبسين بتهريب سيارات مصرح بسرقتها في إسبانيا نحو موريتانيا، جاءت تعليمات مديرية شفوية من رئيس المقاطعة الجمركية بتطوان إلى جميع العناصر مطالبة توخي الحيطة والحذر والتدقيق في الوثائق التي يتوفر عليها المقيمين بموريتانيا والتأكد من صحتها.."، وانطلاقا من هذا التصريح يستشف التناقض الواضح بينه وبين تصريح رئيس المقاطعة الجمركية الذي نفى كونه أعطى أية تعليمات شفهية بهذا الشأن!!، الأمر الذي يؤكد تورط رئيس المقاطعة الجمركية "المنقول" إلى الرباط إلى جانب الآمر بالصرف في نفس الخروقات والتجاوزات، وسعيهما لتوريط الجمركيين المعتقلين العاملين تحت إمرتهم بتحميلهم كامل المسؤولية في تلك التجاوزات غير القانونية رغم كون طبيعة عملهم لا تخول لهم بتاتا ارتكاب تلك الفضائح، وذلك محاولة منهما لتغطية الشمس بالغربال وتبرئة أنفسهما بأية وسيلة كانت، وهو الطرح نفسه الذي سلكته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في تقريرها المنحاز جدا لهما، ليتم تزكيتهما من طرف قاضي التحقيق ثم قاضي الحكم فيما بعد.. وهذا الأمر سنعود إلى تفاصيله خلال حلقاتنا المقبلة، لنكشف الوجه الآخر لفساد الجهاز القضائي بهذه المدينة واشتغاله وفق تعليمات فوقية في غياب تام للاستقلالية والحياد الواجب على القاضي التحلي بهما.. الآمر بالصرف المساعد بنفس المعبر الحدودي، خليل الشتية، أكد في تصريحه أمام ذات الفرقة، خلال استفساره حول الإجراءات المتبعة في إدارة الجمارك مع الأشخاص المغاربة المتوفرين على بطاقة الإقامة بدولة موريتانيا والذين يقومون باستيراد سيارات من مدينة سبتةالمحتلة ثم يقومون بإدخالها إلى أرض الوطن، أنه "يسمح في هذه الحالة لهؤلاء الأشخاص إذا توفرت فيهم الشروط القانونية بإدخال السيارات الأجنبية إلى المغرب.."، ليضيف: "علما أنه وصل إلى علمي أن هناك تعليمات شفهية تلقاها أعوان مصلحة المعلوميات المكلفين بتسجيل السيارات بالناظمة الآلية التابعة لإدارة الجمارك من رئيس الدائرة الجمركية السابق المسمى إلياس الرمال بدراسة كل ملف على حدة، خاصة أن أغلبية الوكالات المفوضة المدلى بها من طرف هؤلاء الأشخاص تكون غير قانونية ويمكن أن تكون مزورة، بحيث يتم كتابتها في الحقيقة بمدينة سبتةالمحتلة ويدون عليها أنها أنجزت بالجزيرة الخضراء، في حين أن الشخص المعني لا يتوفر على تأشيرة الدخول إلى إسبانيا، وبالتالي فإن أغلب هذه الحالات يتم منعها.."، ليردف في تصريحه قائلا: "بالرغم من ذلك هناك مجموعة من الحالات سمح فيها لهؤلاء الأشخاص بإدخال السيارات وبدون وكالة.."!!، ولدى سؤاله من طرف رجال الفرقة الوطنية عن الدافع الذي يجعلهم لا يحيلون هذا النوع من الأشخاص الذين يدلون بوثائق غير قانونية ومزورة على مصالح الأمن لاتخاذ المتعين في حقهم وردعهم لإيقاف هذا النوع من السلوكات، أجاب الآمر بالصرف المساعد أنه "بالفعل لا يتم إحالتهم على مصالح الأمن تنفيذا لتعليمات الرؤساء.."!!!، وهنا يطرح التساؤل: أليست هذه شهادة كافية تورط هؤلاء المسؤولين الثلاثة في ارتكابهم لتجاوزات غير قانونية وتسترهم على هؤلاء الأشخاص، وهم: رئيس المقاطعة الجمركية لتطوان والآمر بالصرف بمكتب باب سبتة ومساعده ؟؟؟... لكنه يعود هذا المسؤول ليستدرك في نفس تصريحه أن "هذا الإجراء يشكل ثغرة للمتلاعبين من موظفي الجمارك بحيث يتم السماح بإدخال السيارات إلى المغرب من طرف هذه النوعية من الأشخاص مقابل أداء مبالغ مالية كرشاوى...، وهذه الثغرات يستغلها عدد من الموظفين التابعين لإدراة الجمارك الذين يفتقدون للضمير المهني من أجل الحصول على الأموال ضدا على القانون.."، مضيفا في ذات التصريح، أنه "بالفعل هناك زمرة من الاختلالات يعرفها المعبر الحدودي باب سبتة من عدة جوانب، وبالفعل هناك مجموعة من الموظفين المرتشين.."!!، ألا تشكل هذه الأقوال تناقضا صارخا مع ما صرح به في البداية كونهم يتسترون على هذه التجاوزات بتعليمات من رؤسائهم؟؟ فلماذا إذن يسعون بهذه الوسائل الملتوية لتوريط هؤلاء الموظفين البسطاء الذين تم توقيفهم واعتقال البعض منهم، رغم كون مسؤوليتهم ثابتة وملموسة فيما يرتكب بهذه النقطة الحدودية الحساسة من خروقات وتجاوزات وفضائح؟؟؟، ولماذا لم تبادر السلطات المختصة بفتح تحقيق مع هذا الآمر بالصرف المساعد، وهو الذي يوجد بحوزته عدة ممتلكات عقارية وتجارية بمدينة القنيطرة، ويقطن بأرقى حي بمدينة تطوان، فضلا عن حساب بنكي به رصيد مالي يتجاوز 163 مليون سنتيم، وما خفي كان أعظم ؟؟؟، علما أنه التحق كموظف بسيط بالدائرة الجمركية بتطوان سنة 1998 إلى غاية ترقيته إلى آمر بالصرف مساعد بمركز باب سبتة سنة 2010، وأجرته الشهرية لا تتجاوز 6100 درهم ؟؟!!! وفيما يخص صلب الموضوع الذي على أساسه تم فتح هذا الملف بتعليمات ملكية مباشرة، والتي تمت مخالفتها وتحويرها من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي غيرت منحى الملف، فقد أكد نفس تقرير الفرقة المرفوع إلى وكيل الملك، عدم تواجد أية شكاية موجهة من طرف أفراد الجالية المغربية المقيمين بالخارج حول بعض السلوكات غير القانونية التي يتعرضون لها أثناء عبورهم لهذه النقطة الحدودية، بعدما قامت عناصر هذه الفرقة بإجراء بحث دقيق في هذا الشأن، بما فيه التحقق لدى عمالة المضيقالفنيدق في شخص رئيس قسم الشؤون العامة فيها، وأيضا لدى ولاية تطوان في شخص رئيس قسم الشؤون العامة بالنيابة، حيث لم يتم رصد أية شكاية في هذا الصدد موجهة إلى الجهات الإدارية المذكورة.. وعودة إلى ملف صاحبي "الإقامة الموريتانية"،فإن مدونة الجمارك تنص في فصلها ال115 بأن أي شخص مغربي يرغب في إدخال سيارته بصفة مؤقتة إلى المغرب لمدة ستة أشهر ينبغي أن تتوفر فيه عدة شروط من بينها أن يكون مقيما بالخارج بصفة اعتيادية وفعلية، إضافة إلى شروط أخرى ينبغي توافرها في السيارة من بينها أن تكون ملكية المعني بالأمر للسيارة صحيحة..، فهل هذه الشروط متوافرة لدى صاحبي "الوثائق الموريتانية"؟؟، وهل هذين الشخصين سبق لهما فعلا أن وطأت أقدامهما التراب الموريتاني؟؟ وكيف تسنى لهما الحصول على تلك "الوثائق"؟؟ وما مدى صحتها ومطابقتها للقانون؟؟ بل كيف تم الاعتداد بها لدى إدارة الجمارك والفرقة الوطنية للشرطة القضائية وهيئة القضاء؟؟؟... نلتقي في الحلقة الخامسة بإذن الله.. محمد مرابط لتطوان نيوز