يشهد شارع 10 ماي بتطوان انطلاقا من ساحة 9 أبريل المحاذية لسينما أبيندا ووصولا إلى ساحة مولاي المهدي، أشغال "إصلاح" و"إعادة التهيئة"، في أفق تحويله إلى شارع مخصص للراجلين فقط على غرار شارع محمد الخامس في جزئه الممتد من ساحة مولاي المهدي إلى ساحة المشور قبالة القصر الملكي، إلا أن ما أثار الرأي العام التطواني هو تحويل هذه الأشغال إلى أعمال تخريب وإجحاف علنا وفي واضحة النهار، فبدل أن تجسد الأعمال القائمة مضامين الفن وتحافظ على جمالية الشارع وتضفي عليه رونقا حضاريا يناسب الموقع والانتماء والطابع العمراني الأندلسي العريق لمدينة تطوان، تحولت إلى ارتجالية وعشوائية فظيعة تسود أرجاء هذا الشارع الحيوي الذي يعتبر من أهم شرايين وسط المدينة أينما وليت وجهك. وأول ما يسترعي انتباه المار من هذا الشارع، خلوه من أية لوحة تعريفية بالمشروع وتفاصيله كما جرت العادة تطبيقا لمبدأ الشفافية والوضوح، ليتوه الباحث في دهاليز التخمين للإجابة عن أسئلة هامة وملحة تطرح نفسها بقوة في هكذا مشاريع: من المسؤول عن المشروع؟ لأي شركة فوت، وعلى أي أساس؟ من هو المهندس المكلف به؟ ما ميزانيته؟ ما هي فكرة المشروع؟ أين التخطيط والتصميم؟ ما طبيعة المواد المعتمدة في التبليط؟؟...إلخ، أسئلة هامة يقف المهتم حائرا أمام غيابها، هل سهوا أم عمدا؟ هل بحسن نية أم بسوئها؟ فالقيام بزيارة قصيرة للموقع يتراءى حجم الكارثة التي لحقته بعد تبديل رخام ربما كان قديما متآكلا لكن منظره كان أفضل بكثير من كم الحجارة الرديئة التي ترصف بها الأرض حاليا، والتي لا تستعمل إلا في تعبيد طرقات البوادي النائية أو بناء مراحيض الحقب البائدة.. يحدث كل هذا الظلم والإجحاف في حق مدينة الحضارة والتراث، في غياب مطلق وصمت آثم للجمعيات ذات الاختصاص والسلطات المنتخبة التي آثرت "حكمة" السكوت عما يجري من مناكر، أما المواطن فلا حيلة له سوى التضرع للخالق سبحانه برفع البلاء الذي حل بهذه المدينة التي كانت إلى عهد قريب مضربا للمثل في الأناقة والجمال والرونق.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.. جمال السماحي .