وسط الصمت الرهيب الذي سلكته جل فعاليات المدينة والإقليم، السياسية منها والمدنية والحقوقية، والتعتيم الإعلامي الممنهج لجل الصحف الورقية، المحلية منها والجهوية والوطنية، وبعد إتمامهم ثمانية عشر يوما من الاعتصام المفتوح الذي يخوضونه بباب ولاية تطوان مفترشين الأرض وملتحفين السماء في أجواء باردة وممطرة، وعوض دخوله في حوار جدي يفضي إلى حل عادل يكفل لهم حقوقهم المشروعة، أبى والي ولاية تطوان إلا أن ينتهج أسلوب القمع في حق مواطني مدشر "تمزقت" مستمرئا ممارسة ساديته على هؤلاء البسطاء ليزيد معاناتهم القاسية مع النائب السلالي ومافيا المقالع بشتى أنواعها، إلى معاناة التعنيف الجسدي واللفظي دون أدنى مراعاة لحالتهم الإنسانية الصعبة أو لتواجد نساء وأطفال صغار ومسنين ومرضى بينهم، حيث لم تستثن الأجهزة القمعية لدى تدخلها الهمجي في حق المعتصمين على الساعة السادسة صباحا أي أحد منهم، مركزة على انتزاع اللافتة التي تطالب بعزل النائب السلالي، إلى جانب استيلائها على الأغطية البلاستيكية والأفرشة تاركة إياهم عرضة لزخات المطر القوية، بل الأدهى من ذلك، أن هذا التدخل الوحشي تم بحضور كل من رئيس دائرة تطوان وقائد قيادة دار بنقريش الذي خاطب السكان بأسلوب أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه سوقي بامتياز لا يمت بصلة لرجل سلطة الذي يفترض فيه التحلي بالأخلاق العالية أمام المواطنين، هذا الأخير أثار تواجده بعين المكان رفقة أجهزة القمع ومخاطبته للمعتصمين بتلك الألفاظ تساؤلات محيرة، عن أي قانون يسمح له بالتدخل خارج مجال نفوذه الترابي؟؟ ولماذا هذا الصمت والتواطؤ للسلطات الولائية أمام هذا التصرف الأخرق لهذا القائد؟؟ مثل هذه الأساليب الماضوية التي تنتهجها أجهزة الدولة القمعية في حق معتصمين سلميين يطالبون بحقوق عادلة ومشروعة وجد بسيطة، والتي تذكرنا بالعهد البصروي البائد، تثير عدة شكوك وعلامات استفهام لدى المواطنين عن مدى جدية التنزيل الديمقراطي للدستور الجديد الذي هلل له الجميع وطبل وزمر. علما أن هذا التدخل الوحشي لأجهزة القمع خلف عدة إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف السكان المعتصمين، وعلى رأسها المواطنة (ف.م) والتي تعاني من أمراض مزمنة ولم يمض على إجرائها لعمليتين جراحيتين سوى وقت قصير، التي عنفت من قبل هذه القوات بشكل بربري تحت أنظار أحد أبنائها المناضلين إلى جانب السكان والذي عرف برفع شعارات نارية ومستفزة ضد رموز الفساد بالمنطقة، حيث تم نقلها على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي سانية الرمل وسلمت لها شهادة طبية تثبت مدة العجز في 10 أيام. وإمعانا منها في استفزاز وترهيب هؤلاء المعتصمين، لم تكتف هذه الأجهزة بهذا الحد، بل تعدت ذلك إلى استيلائها بطريقة غير قانونية على سيارة أحد المناضلين بالمعتصم بعد إرغامه على تسليمها مفاتيح السيارة وأوراقها الثبوتية، مما دفع برئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان بإحضار مفوض قضائي وإجرائه لمعاينة هذه الحالة الغريبة، وأمام الإنزال المكثف الذي قامت به كل من الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان ومنتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب إلى جانب بعض أعضاء حركة 20 فبراير ميدانيا ووقوفهم بجانب المعتصمين، أرغمت في النهاية قوات القمع على تسليم السيارة لصاحبها دون تحرير أي محضر في الموضوع وكذا انسحابها من الميدان بشكل مؤقت، لتقوم بإنزال عدد هائل من عناصرها المدججة بالهراوات والخوذات الواقية للمبيت داخل مقر الولاية منتظرة الأوامر لتنفيذ تدخل آخر في حق السكان المعتصمين. للإشارة، فإنه في الوقت الذي كان فيه والي ولاية تطوان متواجدا بالعاصمة الرباط يوم الأربعاء الماضي، فإن رئيس دائرة تطوان فضل متابعة مقابلة كرة القدم التي جمعت بين فريقي المغرب التطواني والمغرب الفاسي بمقهى المسرح المتواجد قبالة مقر الولاية، وذلك حتى لا يتسنى له الابتعاد عن مكان الاعتصام. محمد مرابط