اطلع صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، نصره الله، اليوم الجمعة، على مشروع إعادة تأهيل المدينة العتيقة بتطوان، الذي رصدت له اعتمادات مالية بقيمة 315 مليون درهم. وقدمت لجلالة الملك شروحات حول هذا المشروع الذي سيتم إنجازه على مدى أربع سنوات (2011-2014)، ويروم تأهيل ورد الاعتبار للنسيج العمراني الأصيل لمدينة تطوان، وإبراز القيمة التاريخية للنسيج الحضري التقليدي، وتحسين ظروف عيش ساكنة المدينة العتيقة. كما يتوخى ترميم البنايات ذات القيمة التاريخية وترميم الشبكات التقليدية لتوزيع الماء داخل المدينة العتيقة (السكوندو)، وإصلاح وترميم المرافق الدينية ورد الاعتبار للمرافق الثقافية. ويتوزع برنامج تهيئة وإعادة تأهيل المدينة العتيقة على ستة محاور تشمل الإطار المبني (50 مليون درهم) والبنية التحتية (140 مليون درهم) والمرافق الدينية (5ر26 مليون درهم) والمرافق الاجتماعية والثقافية (72 مليون درهم) وإعادة تنظيم التجارة (5ر22 مليون درهم) والتنشيط والإشعاع السياحي (4 ملايين درهم). ويعد برنامج إعادة الاعتبار للمدينة العتيقة ثمرة شراكة بين عدة قطاعات وزارية تشمل الداخلية والثقافة والإسكان والتعميروالتنمية المجالية والأوقاف والشؤون الإسلامية والشباب والرياضة والصحة والصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة والسياحة والصناعة التقليدية والتنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن وكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية. كما تساهم فيه وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لعمالات وأقاليم شمال المملكة ووكالة الحوض المائي للوكوس ومجلس جهة طنجة تطوان ومجلس الجماعة الحضرية لتطوان والسلطة المفوضة لتدبير الماء والكهرباء والمجتمع المدني. وتعاني المدينة العتيقة لتطوان، والتي تمتد على مساحة 50 هكتار وتأوي أزيد من 26 ألف نسمة، من عدة إكراهات وإشكاليات تتمثل في تدهور الإطار المبني وتراجع الوضعية الأصلية واختلال في الفضاءات العمومية وتراجع الهوية التراثية للمجال وعدم تمييز المعالم التاريخية وتدهور النافورات العمومية وشبكة الماء العتيقة ...الخ. إثر ذلك، أشرف أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، على تدشين متحف لوقش للتراث الديني. وقام جلالة الملك بجولة عبر مختلف مرافق هذا المتحف الذي أنجزته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمدرسة لوقش الأثرية ، ويضم مجموعة من المواد والأدوات التاريخية والأثرية المتعلقة بالحياة الدينية والتعليمية الأصيلة بالمغرب. وهكذا يتضمن الطابق الأرضي للمتحف مواد تتعلق بالإسلام في المغرب عامة، ومواد تتعلق بالمسجد، ونموذج غرفة طلبة التعليم العتيق، ومواد تتعلق بالكتاب القرآني، وأوقاف المساجد. كما يضم الطابق العلوي موادا تتعلق بالزوايا وأخرى تتعلق بعلم التوقيت، ومواد خاصة بالتعليم العتيق، ومواد عن تاريخ مدرسة لوقش، والأوقاف والمجتمع الإسلامي، وكذا التراث الفكري والديني، فضلا عن مكتبة ملحقة بالمتحف. وقد شيدت مدرسة لوقش، التي تحتضن المتحف، خلال القرن الثاني عشر الهجري بجانب مسجد يحمل نفس الإسم، وهي تعكس تاريخ تطوان خلال فترة حكم السلطان مولاي اسماعيل، ونسبت إلى عائلة لوقش المهاجرة ضمن آلاف المورسكيين في السنوات الأولى من القرن السابع عشر من الأندلس إلى المغرب. وقد درس بها جل القضاة والأعيان ومثقفي المنطقة. وتم إغلاقها في الثمانينات من القرن الماضي. وقد حافظت هذه المدرسة على دورها في مجال التعليم إلى القرن العشرين الماضي. وتتسم الهندسة المعمارية لمسجد ومدرسة لوقش بالبساطة وهي نموذج للهندسة المعمارية التطوانية خلال العهد المذكور. وقد قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سنة 2006 بترميم المدرسة التي كانت تشكل مأوى للطلبة الذين كانوا يدرسون بالجامع الكبير، بمبلغ 10 ملايين درهم. كما اطلع أمير المؤمنين بنفس المناسبة على مشروع ترميم الجامع الكبير بالمدينة العتيقة بتطوان بكلفة 12 مليون درهم. وهمت أشغال الترميم، التي قامت بها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ترميم السقوف وتدعيم أرضية وجدران المسجد، وترميم الأبواب والعناصر الخشبية، وترميم وتدعيم المقصورة، وترميم وتدعيم المرافق الصحية، وإعادة تلبيس الصحن، وتأهيل الشبكة الكهربائية. وقد تم بناء الجامع الكبير، أو الجامع الأعظم، من طرف السلطان المولى سليمان، عام 1223 هجرية، على مساحة إجمالية تناهز 1500 مترا مربعا. وقد عرف المسجد أول عملية إصلاح عام 1281 هجرية بأمر من السلطان المولى محمد بن عبد الرحمن. ويندرج مشروع ترميم الجامع الكبير بتطوان ضمن برنامج الوزارة لترميم المساجد الأثرية والتاريخية وفق المعايير المتعارف عليها دوليا. وبلغ عدد المساجد الكبرى التي تم ترميمها في هذا الإطار 45 مسجدا وهو ما يمثل نسبة 25 بالمائة من العدد الإجمالي للمساجد التاريخية الكبرى، وبتكلفة إجمالية تناهز 300 مليون درهم. وبهذه المناسبة قام جلالة الملك بجولة ، سيرا على الأقدام ، بأزقة ودروب المدينة العتيقة وسط هتافات وتحايا المواطنين الذين حجوا لتحية جلالة الملك ومباركة خطواته الميمونة. وهكذا عبر الموكب الملكي زنقة الطرافين وزنقة المقدم والسوق الفوقي وأزقة النجارين والخرازين والصباغين والمطامير وسيدي الصعيدي...الخ.