أمنة أحراث - جمال الدين الموساوي كل شيء رمادي ،جدرانها رمادية ،وطرقاتها رمادية والجيوش يبدو عليها التعب والوهن ،وكل شيء بالابيض والاسود. هو يقف خارج القلعة يتحين الفرصة للهجوم والاقتحام ،الاميرة داخلها تلتفت يمينا ويسارا تتحاشاه ،هو يتألم لهذا المشهد يقول سيموت من اجل تحرير اخر حصن في القلعة ولو كلفه حياته وجنوده . يقف ،وهي تنتظر ولا ترى ملامحه حتى المكان لا يستطيع ان يميز ملامحه بدقة ،رأى عينيها الملونتين وهما تبحثان عنه ،يرسل لها رسائل تودد،لا تقاومي فأنت هالكة ،يريد ان يسألها لكنه لا يسأل ينظر الى العينين ويرى ظلها مكسورا داخلها . ابتسمت قال : ابواب القلعة موصدة ،جدرانها منيعة ،أصبح الولوج اليها صعب جدا ،لا الصلاة باركت اقتحامها ولا دعاء الجنود سهل الانتحار ،هي بداخلها منهارة لا تقوى على المقاومة تشرب كؤوسها المفضلة ،تعربد على الجنود، هكذا هي هيستريا الحرب .تذكرت قصة حبهما، لا الحب شفع لها ولا لذة الجنس اذلته وانحنى. هو هكذا لا يرجع عن مبتغاه وان كلفه حياته ترى لما كل هذا العناء والتجبر والعناد ؟ اليس الرحيل شقيق الوفاء . قالت العبارة وشردت في حلكة السماء تتذكر، بينما هو يترقب رفع راية الاستسلام . لكن هناك في البيت المتواضع الاريكة تنذب حظها ،مركونة في زاوية تنتظر مصيرها و علاقة حب مريم وعثمان في ازمنة الرواية مبعثرة تنتظر ديكتاتورية الكاتب ،تسأل عن مدى خلقها وتقول ما مصيرنا ،فكل الاشياء متشابكة فيما بينها. فتور طغى على العلاقة التي طالما تجبرت بأحداث اعتبرت البلسم الشافي لتجارب فاشلة مضت، تارة تستوجب التوقف للتفكير فيما يمكن أن يكون حلا لما يتخبط فيه الطرفان من مشاكل و تارة يأخذ مكانه المنبه الذي يدق ناقوس الخطر إن اكتُشف أمرهما. لم يعد لهما ما يمكن اعتباره دواء لتضميد جراح الماضي، احداث متسارعة تعيد لهما قيود التجارب الفاشلة التي مرت و تمحو من ذاكراتهما كل اللحظات الجميلة التي جمعتهما. اكتشفا في النهاية أنهما غير قادران على قطع الصلة بماضيهما المرير، كل ما يحدث يجرهما حتما للتمسك به، و انتشاله من حياتهما أصبح أمرا مستحيلا. يتحدثان بتفاؤل عن تغيير حياتهما في اللحظات الحميمية التي تجمعهما لكن بمجرد افتراقهما يتاكدان أنها أضغاث أحلام. سقط قناع الجبروت عن مريم و تاكدت انها امرأة ضعيفة لا تستطيع مقاومة الأعاصير التي يمكن أن تفتك بها في أي لحظة فقررت ان تستسلم، ودون ترتيب لكلمات قد تكون السيف الحاد لما هو آت عزمت على مصارحته. تعود و تتراجع، لا ليس الوقت مناسبا. هذا هو الشعور الذي كان ينتابها حين تهيئ نفسها لذلك، لكن سلبيته كانت تدفعها مجددا و تحرضها على مواجهته. سيأتي ذاك اليوم لا محالة... مافتئت تفكر فيه و تردده ليزداد غيضها حين تتراقص أمامها صور من كانوا سبب فشل علاقتهما، ثم تجمع قواها و تقرر مصارحته من جديد،لكنها تتراجع مرة أخرى. طوفان من الأفكار المبعثرة تلعب بها و بأحاسيسها وهي تقرر أن تتكلم فتفشل بالرغم من أنها تعلم جيدا انه يقرأ أفكارها ولن يسمح بحدوث ما يدور بخاطرها...