في إطار تتبعه للشأن العام المحلي بمارتيل أصدر المرصد المحلي للنزاهة و مناهضة الفساد بمرتيل تقريرا ميدانيا حول مشكل حي الديزة ، و لأهميته نضعه بين أيدي قرائنا : نص التقرير : تابع المرصد المحلي للنزاهة و مناهضة الفساد بمرتيل باهتمام كبير مجريات وقائع ما بات يعرف محليا و وطنيا ب"ملف حي الديزة"، جراء إقدام السلطات الإقليمية لعمالة المضيق – الفنيدق على هدم العشرات من المنازل التي بنيت إبان عيد الأضحى الأخير. و دأبا على نهجه في رصد و تتبع ثم توثيق كل ما يهم الشأن العام المحلي بمرتيل من خروقات و اختلالات تشوب تدبيره، و إعمالا منه لمنطق التريث فبل إصدار أية أحكام قيمة قد تكون مخالفة للصواب أو مواقف قد تحيد عن الإنصاف؛ و إيمانا منه بما يحققه العمل الميداني من نتائج ملموسة تمكن من رسم صورة جلية و موضوعية حول حيثيات مختلف الوقائع و القضايا، أبى المرصد المحلي للنزاهة و مناهضة الفساد بمرتيل إلا أن يراقب عن كثب أسباب و تطورات و أبعاد ما يقع بحي الديزة عبر النزول إلى عين المكان قصد استقصاء المعلومات مباشرة من الساكنة المتضررة من خلال استمارات و استجوابات مضبوطة و توثيق فتوغرافي دقيق و تسجيلات صوتية بغاية الكشف عن حقيقة ما يجري هناك بكل تجرد و موضوعية و حيادية بعيدا عن أي توظيف سياسوي ضيق. و في هذا السياق، قام المرصد المحلي للنزاهة و مناهضة الفساد بمرتيل بإجراء تحقيق ميداني اشتمل على خرجتين متتاليتين إلى حي الديزة يومي 28 و 29 أكتوبر 2013 رفقة بعض شباب هذا الحي، الذين تطوعوا لمؤازرتنا خلال هاتين الخرجتين بكل تلقائية و نكران الذات. الوصف و لقد تمكنا خلال هاتين الخرجتين التفقديتين من معاينة مجموعة من الحقائق الصادمة، نجردها كما يلي: × يعرف حي الديزة واقعا ديموغرافيا و سوسيو- اقتصاديا يتسم بالهشاشة و التعقيد إلى أبعد حد؛ يتمثل أساسا في ارتفاع كثافته السكانية (حوالي 12 ألف نسمة) و انخفاض مستوى المعيشة و ضعف الموارد و الخدمات و التجهيزات الأساسية به من مرافق صحية و رياضية و ثقافية و اجتماعية و مساحات خضراء… × انعدام أي تصميم للتهيئة العمرانية أو تصميم للتنطيق خاصين بحي الديزة، ما عدا برنامج لتأهيل الحي وضعته بلدية مرتيل منذ ما يزبد عن 6 أشهر، يروم مد الحي بالماء الصالح للشرب و التطهير السائل، وهو المشروع الذي لا زال متعثرا و لم تنطلق أشغاله بعد رغم أن اللوحة الخاصة به تشير إلى إنطلاق الأشغال مع حلول شهر أكتوبر 2013؛ × وضع بيئي متدهور و خطير يتجلى في تلوث كبير للمياه الراكدة لما أصبح يعرف ب'الدرع الميت' لوادي مرتيل، و الذي يحيط بمنطقة الديزة من ثلاث جهات، بحيث تنبعث منه روائح كريهة جدا؛ هذا بالإضافة إلى التخريب و الاستنزاف اللذين صار عرضة لهما شاطئ الديزة جراء الاستغلال المفرط و اللاقانوني لرماله. × عدم خضوع المباني لأية ضوابط عمرانية، من حيث تحديد العلو الأدنى و الأقصى و شروط إقامتها و توجيهها و المسافات الفاصلة بينها. × تحول حي الديزة إلى بؤرة رئيسية لاستقبال المهاجرين الوافدين عليها من عدة مناطق حضرية و قروية تمثل مختلف جهات المملكة. و لقد سجلنا من خلال البيانات التي قمنا بتجميعها على الميدان بأن الغالبية العظمى لهذه الفئات تعاني من هشاشة حادة و من تدني مستواها التعليمي، مما يوسع من هوة الفوارق الاجتماعية بين المكونات الترابية للمجال الحضري لمرتيل ككل. كما أتبث الرصد الميداني للعينة السكانية المستجوبة المتضررة من عملية الهدم الأخيرة التي نفذتها السلطات الإقليمية صبيحة يوم 23/10/2013 ما يلي: × عدم توصل العينة المستجوبة بأي إشعار مسبق بالهدم؛ × تعرضها للضرب و السب و مختلف أشكال الإهانة و التعنيف من طرف قوات الأمن التي نفذت عملية الهدم؛ × تواجد أغلب المستجوبين داخل مساكنهم أثناء تنفيذ عملية الهدم التي نفذت فجرا؛ × تركهم في العراء دون توفير أي مأوى و أية حماية لهم بعد هدم مساكنهم؛ × وجود أساسات لبعض المباني المهيئة للبناء وسط الملك العمومي المائي لوادي مرتيل؛ × اعتماد الرمال المستجلبة من شاطئ الديزة في جل عمليات البناء، و التي تتراوح تكلفتها ما بين 50 و 80 درهم لعربة اليد الواحدة (بارويطة)، كما سجلنا أن بعض شباب حي الديزة المعطل يتخذون من هذا النشاط مصدر عيش لهم؛ × ارتفاع تكلفة مواد البناء و اليد العاملة خلال المواسم و العطل الدينية (بين 500 درهم و 800 درهم كأجر يومي للعامل الواحد)؛ × تعدد الوسطاء في تسهيل عملية البناء ما بين بعض أعوان سلطة و أعضاء بالمجلس البلدي لمرتيل و سماسرة و مضاربين؛ × توفر كل المستجوبين على عقود بيع و شراء قطع أرضية أو زينة قطعة أرضية بحي الديزة مصادق عليها من طرف مصلحة إثبات الإمضاء ببلدية مرتيل؛ × انخفاض تكلفة الأرض بمنطقة الديزة و التي تتراوح قيمتها حسب المعلومات التي استقيناها ما بين 9 آلاف و 50 ألف درهم حسب موقع و مساحة البقعة الأرضية، بمعدل 250 درهم للمتر مربع، و هو ما يعد حافزا رئيسيا لدفع المواطنين إلى اختيار الاستقرار بهذا الحي حسب ما صرحوا به لنا؛ × تصريح بعض المستجوبين بأنهم قدموا عمولات و رشاوي لبعض الوسطاء مع تحفظهم حول ذكر أسماء من قاموا بابتزازهم بسبب التهديد أو الإغراء الذين كانوا عرضة لهما قبيل حضورنا إلى حي الديزة. و تبلغ قيمة العمولات المقدمة ما بين ألف و 5 آلاف درهم؛ × استعداد الساكنة للانخراط في أي عملية إعادة هيكلة الحي,من خلال شراكة مندمجة تحفظ حقهم في السكن اللائق حتى و لو تطلب ذلك دفعهم لمساهمات مادية معينة. × قيام باشا مرتيل و قائد المقاطعة الرابعة بتهديد السكان بهدم مساكنهم فوق رؤوسهم إن هم لم يقوموا بإفراغها. التحليل و نظرا لكل ما قد سلف ذكره فإننا نسجل ما يلي: × في غياب أي تصميم للتهيئة الحضرية (Plan d'aménagement Unbain)و تصميم للتنطيق (Plan de zonage) خاصين بالرقعة الأرضية لحي الديزة، تحولت هذه المنطقة في ظرف وجيز إلى تجمع سكاني كبير و غير مهيكل، من حيث أنه غير خاضع لأية ضوابط هندسية و معمارية و لا لأية رقابة حقيقية و فعالة من طرف الإدارات العمومية المخول لها ذلك؛ مما يجعل هذا الحي خاضعا، من جهة، للرغبات الملحة و المنفلتة للمواطنين للحصول على سكن كيفما كانت الظروف و الشروط، و من جهة أخرى لطمع و جشع السماسرة و المضاربين؛ × مساهمة بلدية مرتيل في تسهيل عملية البناء بحي الديزة، و بأماكن غير صالحة لذلك من خلال مصادقة مصلحة إثبات الإمضاء فيها على عقود عرفية تهم أراضي تدخل في نطاق الملك العام المائي الطبيعي حسب ما هو منصوص عليه في القانون رقم 10/95 المتعلق بالماء، خاصة المادة 12 منه. كما أنها تساهم بذلك في عملية التقسيم و التجزيء غير قانوني لأراضي غير مجهزة؛ × تورط بعض أعوان السلطة المحلية بمرتيل في نفس العملية من خلال تلقيهم لعمولات – كما تم التصريح لنا به من طرف المتضررين – مقابل تغاضيهم عن عمليات البناء التي تتم في واضحة النهار، إضافة إلى قيامهم بتبيان السبل و الحيل التي تمكن من إقامة سكن بهذا الحي للراغبين في ذلك؛ × تقصير وكالة الحوض المائي اللوكوس في الاضطلاع بدورها من أجل الحفاظ على المجاري الطبيعية للمياه بمنطقة الديزة و حمايتها من التلوث و من أي عبث؛ × تقصير من طرف مديرية الشؤون الإدارية و القانونية و مديرية الموانئ و الملك العمومي البحري بوزارة التجهيز و النقل في الاضطلاع بدورهما لحماية و حفظ و مراقبة شاطئ الديزة من الاستنزاف و التدمير الممنهج الذي يطاله، حسب ما تخوله لهما المادة 11 من المرسوم رقم 2.06.472 بتاريخ 04 غشت 2008 المتعلق باختصاصات و تنظيم وزارة التجهيز و النقل. × الخطأ الفادح الذي ارتكبته الدولة منذ عقود عندما عمدت على تحويل مجرى وادي مرتيل عبر القناة التي صارت تعرف ب"الواد الثاني" و هو الأمر الذي تسبب، من جهة في تحويل المصب الطبيعي لهذا الوادي (الميناء القديم) و المروج المحاذية له إلى مستنقعات شديدة التلوث، و من جهة ثانية، في تشجيع و تسهيل عمليات الاستقرار و البناء في منطقة الديزة؛ × لجوء بعض رجال و أعوان السلطة إلى أساليب مهينة و حاطة من الكرامة في تعاملهم مع سكان حي الديزة من خلال توجيه نعوت لهم لا تتماشى و شعارات دولة الحق و القانون. (باشا مدينة مرتيل، قائد المقاطعة الحضرية الرابعة بمرتيل)؛ × قيام السلطات الإقليمية بتنفيذ عمليات الهدم بتاريخ 23/10/2013 دون أدنى احترام للمساطر القانونية المعمول بها في هذا الصدد (المواد 66، 68،69 من القانون 90/12 الخاص بالتعمير). الموقف و عليه فإننا في المرصد المحلي للنزاهة و مناهضة الفساد بمرتيل: × نحمل المسؤولية كاملة لكل الإدارات العمومية المعنية بالتعمير و إعداد التراب و تلك التي تعنى بحماية و صيانة الأملاك العمومية في نشوء و نمو حي الديزة غير المهيكل؛ × نطالب بفتح تحقيق إداري و قضائي معمق لتحديد المسؤوليات و محاسبة كل من ثبت تورطه في تشجيع و تسهيل و إنجاز عمليات بيع و شراء و بناء دور بالرقعة الأرضية للديزة و بالطبقات المائية السطحية المحاذية لها؛ × ندعو كل المتدخلين في مجالات التعمير و سياسة المدينة إلى تنسيق الجهود من أجل وضع مخطط إصلاحي إرادي متعدد الأبعاد، يعتمد تخطيطا استراتيجيا و آلية تشاورية و أسلوبا تعاقديا من أجل حصر إشكال حي الديزة و تطويقه ثم إيجاد حل جدري و شامل له؛ × نحذر من وجود بوادر كارثة بيئية و إنسانية بالمنطقة المذكورة لا يمكن حصر عواقبها، لا قدر الله، ما لم يتم تدارك الوضع الراهن. × وفي الختام نعلن عزمنا الراسخ على الاستمرار في تتبع و مواكبة هذا الملف أولا بأول، عبر دعم كل الصيغ المفضية إلى حله، و اتباع كل السبل الكفيلة بمؤازرة سكان حي الديزة و إنصافهم بما يضمن حقهم في الحصول على سكن لائق و ظروف معيشية كريمة، طبقا لما ينص عليه الدستور المغربي الجديد، و بعيدا عن أية مزايدة أو مغالطة سياسوية أو مقاربة انتهازية بغيضة. المراجع: × ظهير 01 يوليو 1914 المتعلق بالملك العمومي كما تم تتميمه بمقتضى ظهير 8 نونبر 1919. × الظهير الشريف رقم 1.92.31 صادر في 15 من ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيو 1992 بتنفيذ القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير. × الظهير الشريف رقم 1.95.154 صادر في 18 من ربيع الأو 1416 (16 أغسطس 1995) بتنفيذ القانون رقم 10-95 المتعلق بالماء. × المرسوم رقم 2.06.472 بتاريخ 04 غشت 2008 المتعلق باختصاصات و تنظيم وزارة التجهيز و النقل. × دليل أملاك الجماعات المحلية، سلسلة دليل المنتخب، منشورات المديرية العامة للجماعات المحلية، وزارة الداخلية، الطبعة الأولى، 2009.