مجلس النواب يصادق بالأغلبية على الجزء الأول من مشروع قانون المالية 2025    رئيس الكونفدرالية المغربية: الحكومة تهمش المقاولات الصغيرة وتضاعف أعباءها الضريبية    الأحمر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ترامب يواصل تعييناته المثيرة للجدل مع ترشيح مشكك في اللقاحات وزيرا للصحة    وليد الركراكي: مواجهة المغرب والغابون ستكون هجومية ومفتوحة    مقتل 10 اشخاص في حريق بدار للمسنين في شمال شرقي لإسبانيا    شرطي بكلميمة يستعمل سلاحه الوظيفي في وجه سائق سيارة رفض الامتثال واخترق الحاجز الأمني    نفق طنجة-طريفة .. هذه تفاصيل خطة ربط افريقيا واوروبا عبر مضيق جبل طارق            الأردن تخصص استقبالا رائعا لطواف المسيرة الخضراء للدراجات النارية    فيضانات إسبانيا.. طبقا للتعليمات الملكية المغرب يعبئ جهازا لوجستيا مهما تضامنا مع الشعب الإسباني    ذكرى عودة محمد الخامس من المنفى: مناسبة لاستحضار أمجاد ملحمة بطولية في مسيرة الكفاح الوطني لنيل الاستقلال    تصريح صادم لمبابي: ريال مدريد أهم من المنتخب    التحاق 707 أساتذة متدربين بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بدرعة-تافيلالت    كيوسك الجمعة | المغرب يسجل 8800 إصابة بسرطان الرئة سنويا        زيارة المسؤول الإيراني للمغرب.. هل هي خطوة نحو فتح باب التفاوض لإعادة العلاقات بين البلدين؟    10 قتلى جراء حريق بدار مسنين في إسبانيا        وفاة الأميرة اليابانية يوريكو عن عمر 101 عاما    أسعار النفط تتراجع وتتجه لخسارة أسبوعية    محكمة استئناف أمريكية تعلق الإجراءات ضد ترامب في قضية حجب وثائق سرية    النيابة العامة وتطبيق القانون    حرب إسرائيل على حزب الله كبدت لبنان 5 مليارات دولار من الخسائر الاقتصادية    دراسة حديثة تكشف ارتفاعا كبيرا في الإصابات بالحصبة حول العالم في 2023        "الأمم المتحدة" و"هيومن رايتس ووتش": إسرائيل ارتكبت جرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم تطهير عرقي    غسل الأموال وتمويل الإرهاب… وزارة الداخلية تضع الكازينوهات تحت المجهر    اكادير تحتضن كأس محمد السادس الدولية للجيت سكي    صحيفة إيطالية: المغرب فرض نفسه كفاعل رئيسي في إفريقيا بفضل "موثوقيته" و"تأثيره"    عامل إقليم الجديدة يزور جماعة أزمور للاطلاع على الملفات العالقة    بوريطة: المغرب شريك استراتيجي لأوروبا .. والموقف ثابت من قضية فلسطين    مثل الهواتف والتلفزيونات.. المقلاة الهوائية "جاسوس" بالمنزل    المنتخب المغربي يفوز على نظيره المصري في التصفيات المؤهلة لكأس أمام أفريقيا للشباب    إقصائيات كأس أمم إفريقيا 2025 (الجولة 5).. الغابون تحسم التأهل قبل مواجهة المغرب    عنصر غذائي هام لتحسين مقاومة الأنسولين .. تعرف عليه!    وزيرة الاقتصاد والمالية تقول إن الحكومة واجهت عدة أزمات بعمل استباقي خفف من وطأة غلاء الأسعار    ‬المنافسة ‬وضيق ‬التنفس ‬الديموقراطي    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    حوالي 5 مليون مغربي مصابون بالسكري أو في مرحلة ما قبل الإصابة    ألغاز وظواهر في معرض هاروان ريد ببروكسيل    الحكومة تعلن استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء المجمدة    الروائي والمسرحي عبد الإله السماع في إصدار جديد    ملتقى الزجل والفنون التراثية يحتفي بالتراث المغربي بطنجة    الإعلان عن العروض المنتقاة للمشاركة في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح    معدل الإصابة بمرض السكري تضاعف خلال السنوات الثلاثين الماضية (دراسة)    تمديد آجال إيداع ملفات الترشيح للاستفادة من دعم الجولات المسرحية    حفل توزيع جوائز صنّاع الترفيه "JOY AWARDS" يستعد للإحتفاء بنجوم السينماوالموسيقى والرياضة من قلب الرياض    "هيومن رايتس ووتش": التهجير القسري الممنهج بغزة يرقي لتطهير عرقي    أسعار النفط تنخفض بضغط من توقعات ارتفاع الإنتاج وضعف الطلب    أكاديمية المملكة تفكر في تحسين "الترجمة الآلية" بالخبرات البشرية والتقنية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موت الديموقراطية
نشر في تطوان نيوز يوم 12 - 07 - 2013

التطورات الأخيرة للإنقلاب العسكري في مصر، والنكوص على مرحلة أولية من بناء الدولة الديموقراطية الحديثة ،أسس لمرحلة جديدة من تاريخ الفكر الانساني بدأت معالمها تتبلور في أفق المدى المتوسط .حقيقة أن الصراع الدخلي المصري هو صراع بين قوى محافظة لها مصالح وامتيازات من بقايا نظام سابق وبين أغلبية شعب تطمح للتغيير وللقطيعة مع مرحلة الاستبداد في عهد مبارك والعسكر ولكن عمق الصراع المصري يكمن في كونه مرتبط ارتباطا وثيقا بمصير منطقة بكاملها بل إن أي تطور يمكن أن يحدث في الجمهورية المصرية لا يمكنه أن يستمر بدون موافقة القوى العظمى نظرا للموقع الاستراتيجي لمصر: قناة السويس ولربطها مستقبل السلام مع اسرائيل بنوعية الحكم هناك…
الجزائر :لفهم ما جرى
ما الذي حدث بمصر حتى وقع الانقلاب العسكري بتزكية من طبقة الليبراليين واليساريين وبعض النخبة ؟وكيف قبل الغرب /ولو سلبيا /بهذا الرجوع عن اللعبة الديموقراطية..؟
لفهم ما يجري في مصر يجب الرجوع قليلا الى الوراء وإلى نهاية الثمانينات حيث تجربة وأد الديموقراطية بالجزائر ففي سنة 1990 اكتسحت الجبهة الإسلامية للإنقاد صناديق الاقتراع وفازت بأول انتخابات بلدية ديموقراطية معلنة عن بداية مرحلة جديدة ، وفي الدور الأول من الإنتخابات البرلمانية عاد الاسلاميون ليفوزوا ب188 مقعدا مشكلين القوة الأولى في البلاد .أمام هذه التطورات تحركت الالة العسكرية الجزائرية لتوقف مسار أول انتقال ديموقراطي عربي حقيقي ولتعمل على إعتقال كافة القيادات الاسلامية الجزائرية ولتدخل البلاد في حرب أهلية طاحنة كلفت الجزائر أكثر من 150.000شهيد وملايير الدولارات خسائر اقتصادية ولازال الوضع غير مستقر إلى الان…ولكن ألا نرى وجه تشابه خطير مع تجربة وأد الديموقراطية في مصر: المؤسسة العسكرية الجزائرية استعدت لمصادرة هذه النتائج وحركّت فيلقها السياسي قبل العسكري , وتحركت جبهات اليسار والبربر والفرانكفونيين وطالبت بالغاء الانتخابات كما طالبوا الجيش الجزائري بالتدخل , نفس الأمر تم في جمهورية مصر العسكر تدخلوا تحت غطاء مطالب الشعب والمظاهرات ليقوموا بانقلاب عسكري وأملهم أن يحظوا برضى الدول العظمى –تأكد أن الولايات المتحدة الامريكية كانت على علم وموافقة مبدئية لانقلاب العسكر بمصر..-لكن التطورات التي لا زالت تتفاعل لحد الساعة جعلت عددا من دول الغرب في حيرة من أمرها بين رغبتها في الدفاع عن مصالحها بالتعاقد مع المؤسسة العسكرية المصرية الحاكمة الفعلية في البلاد وبين خضوعها لقانون الديموقراطية التي نظرت له وفرضته على الدول العربية بقوة السلاح في كثير من الأحيان. فما العمل؟
يقول الحكيم كونفشيوس : دراسة الماضي تهمُّ مَن يريد تخطيط المستقبل.، وعليه فهل يمكن اعادة رسم نفس تجربة الجزائر في مصر؟ وما هي عواقب إعادة تمثيل نفس السيناريو؟
بالرجوع الى أحداث الجزائر وإلى كتابات عسكر ساهموا بشكل مباشر في مجازر البلاد يؤكد :
habib souaidia وهو عسكري /مظلي/ في القوت الخاصة للجيش الجزائري عاش يوما بيوم تك الحرب القدرة مند 1992
في كتابه الشهير la salle guerre
هذا العسكري يؤكد بالأدلة عمليات التعديب التي قام بها الجيش ويروي ما رآه من إعدامات وإبادات ، وتلاعُبات، واغتيال المدنيين. ويرفع الغِطاء خصوصاً عن أحد أكثر "المحرمات" في الماساة الجزائرية، التي حرصت السلطات الجزائرية على عدم الاقتراب منها الا وهي الآلة الداخلية لعمل الجيش الجزائري. يكشف الكاتب وقاحة الجنرالات في موضع تقدير العواقب، ودمويتهم ، وطرقهم لحشو الأدمغة لجنودهم للقيام بالمجازر باسم محاربة الارهاب،، وأيضاً يأس الجنود المُكرهين على القيام بأفعال بربرية، /بفعل المخدرات /وعمليات التطهير الداخلية. شهادة هذا العسكري(نشير الى أن تقديم الكتاب جاء من طرف احد أكبر رجالات اوروبا القاضي الايطالي الشهير فردينا ندو ايمبوسيماتو وهو نائب برلماني وسناتور سابق والرئيس الفخري للمحكمة العليا للجنايات في اطاليا ومتخصص في ملفات الارهاب والمافيا وحقوق الانسان في العالم)
سيكون لهذه الشهادة الاستثنائية دويٌّ كبير بعيداً عن التضليل الإعلامي الذي كثيراً ما منع الرأي العام الأوروبي من إدراك البعيد المخيف للحرب الدائرة فيما وراء المتوسط..طبعا هناك كتب أخرى كثيرة تعري فضائح العسكر في الجزائر نذكر منها : حرب الجنرالات،وكتاب"من قتل من في بنطلحة"لنصر الله يوس وغيرها..
ولكن ما الذي جعل الغرب يسكت على كل هذه الجرائم بالجزائر ؟ بساطة لأنه كان مشاركا فيها بشكل مباشر من خلال دعمه للعسكر خاصة فرنسا أو من خلال المحافظة على مصالحه هناك مقابل الصمت مثل الولابات المتحدة الامريكية..لاحظوا أنه ورغم الحرب القدرة لم تمس مصالح الولايات المتحدة بالجزائر ..نجاح الإنقلاب العسكري الجزائري تم اذن بموافقة الغرب وبحملة إعلامية ضخمة أظهرت الإسلاميين الجزائريين الفائزين بأول انتخابات ديموقراطية ،أمام العالم وكأنهم جملة إرهابيين لا يأبهون للديموقراطية/وبالفعل فبعض المتطرفين حملوا فكرة الحرب كأسس وحيدة للعودة الى الشرعية-/ولكن الكتابات اللاحقة وشهادات الكثيرين ، أظهرت أنه حتى الجماعات المتطرفة كانت متوغلة من طرف الجيش وأن بعضها كان مجرد آلة تنفيدية للقتل البشع لتبرير الحملة العسكرية للمؤسسة الرسمية..
الديموقراطية والحركات الاسلامية
فكريا ،في ذاك التاريخ ،ظهرت نظرية "نهاية التاريخ والانسان" لفرنسيس فوكوياما والذي مختصره هو أن النظام الديموقراطي الرأسمالي الليبرالي قد انتصر وانتصر الغرب معه فلا جديد بعد الآن بعد انهيار الماركسية الصينية وتفكك الاتحاد السوفياتي وبالتالي فقد اقفل باب التاريخ.
ولكن انظروا معي: يضيف فوكوياما: أن الأصولية الإسلامية هي أحدث تحد فكري سياسي للنظام الليبرالي…لكنه تنبأ له بالفشل الدريع، لأنه-حسب رأيه- يرمي إلى العودة الى قيم قديمة مما يعني عجزه عن التآلف وهضم الحديث. –
الأستاذ المقرء ابوزيد الإدريسي أكد في احدى محاضراته أن الغرب لا يتصرف بمحض الصدفة , وأن منظريه وفلاسفته يرسمون أفق العالم المستقبلي عبر كتابات ومقالات تنشر بسنين قبل حدوت التغيير وعليه فان الغرب كان يعرف مسبقا أن صراعه القادم هو صراع حضارات وهنا ظهرت عبقرية المفكر المغربي وعالم المستقبليات الدكتور المهدي المنجرة –كتاب الحرب الحضارية الأولى 1991-الذي أسس لهذه النظرية قبل أن يقول بها صمويل هنتغتون1993.
الغرب لن يقبل بأي تغيير في سياق النظم الحكمية ما لم تكن تابعة له وبداية التبعية تأتي في فرض نهج وفكر الديموقراطية مقابل نمادج أخرى من التدبير السياسي شرقيا كانت أم جنوبية…
الديموقراطية تعني حكم الشعب ولكي يكون بلد ما ديموقراطيا يجب توفر جملة أمور خلصها روبرت دال /المفكر الامريكي/بوجود مسؤولين منتخبين ووجود انتخابات حرة نزيهة وحق شامل في الانتخااب(لا يستتنى السود مثلا كما حدث في الولايات المتحدة الامريكية مند عهد غير بعيد) والحق في الترشيح للمناصب المختلفة وحرية التعبير والحصول على المعلومة والاستقلال الذاتي ..
الحركات الاسلامية لم تؤمن في بداية نشأتها بفكرة الديموقراطية لتعارضها الكلي مع أسس الحكم الاسلامي وخاصة نظرية الحاكمية لله..ونجد هنا رجالا بارزين في الفكر الاسلامي رفضوا مفهوم الديموقراطية مثل أبو الاعلى المودودي ،وحتى السيد قطب كتاب /معالم في الطريق/ الذي اعتبر المسلمين وغيرهم في حالة شبيهة بعصر الجاهلية واعتبر الاسلام هو الحضارة بعينها
لا ننسى هنا أنه حتى بعض المفكرين الأكاديميين /الغير المسلمين/ يقولون باستحالة توافق الديموقراطية مع نظم الحكم الاسلامي نذكر من بينهم "برناد لويس" الذي يؤكد بأنه لا يمكن فصل الدين عن الدولة الاسلامية خلافا لما حدث في العالم المسيحي والى أن يحدث ذلك يستحيل تنزيل الديموقراطية على العالم المسلم.
لكن تطورات كثيرة أفرزت تغيير جدريا في نسق الفكر الاسلامي لذى جملة منظريه الكبار، فبعد صراعات وفشل في تحقيق الإنتقال إلى الدولة الاسلامية مباشرة انتقل مفكروا الاسلام إلى البحث عن أسس للمشاركة الفعلية في الديموقراطية كوسيلة أنجع لتحقيق الحكم وللوصول إلى السلطة بأقل ضرر ..وهنا يجب أن نسجل مواقف مهمة لحركة الاخوان المسلمين العالمية..لقد تمكنت هذه الحركة وبعد تطوير نسقها الفكري أن تحدث الانتقال النوعي من فكرة الحاكمية لله الى فكرة الديموقراطية،(ونعنقد أن ما يوازي هذه النقلة هو نظرية "ولاية الفقيه" في الفكر الشيعي) اقتناع الحركة كان له تأثير كبير على فئة عريضة من تيارات الحركات الاسلامية بل وصل تأثير الاخوان في المشاركة السياسية حتى إلى جناح السلفيين الذي يؤكدون أن الديموقراطية كفر…، وأبدت حركات إسلامية اخرى عادة لا تشارك في اللعبة السياسية مثل الهجرة والتبيليغ وبعض مريدي الصوفية اقتناعا بفكرة الاخوان وبالتالي مساندتها في الانتخابات التي تمت بعدد من الدول العربية.طبعا الكل ظن واقتنع بأن الغرب لن يتركهم يتحركوا ما لم يؤمنوا بفكرة الديموقراطية ولكن ما لم يفهم الاسلاميون هم أن نظرية صراع الحضارات تجعل من المستحيل أن يقبل الغرب بأية دولة عربية تركب على الديموقراطية لاقامة دولة دينية ولو اختراها الشعب في انتخابات نزيهة.لنتذكر هنا مقولة الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران، عقب حرب البوسنة والهرسك: أوروبا لن تسمح بقيام دولة اسلامية في وسطها..هذه المعطيات ربما غابت عن أصدقاء مرسي أو ربما أن تصورهم لقضايا الصراع كان دغمائيا وغير واقعي خاصة عندما اعتقدوا بامكانية تحقيق ثورة بدون دماء كثيرة وهو الأمر الذي لم يحدث في أية ثورة عبر التاريخ
هل أخطأ الرئيس مرسي
عندما نسمع من بعض المثقفين أن مرسي يريد " أخونة الدول" نتساءل وهل أنكر مرسي يوما ما أنه اخوانيا؟ ومن أوصله الى كرسي الحكم؟ثم هل شاهدنا في أي نمودج غربي لرئيس دولة عند توليه الحكم أنه أنكر انتماءه وايديولوجيته؟يبدو الأمر وكانه غير منطقي لكن المتريث والناظر بعقل يرى أن فكرة جعل مصطلح الاخوان يعادل "الخيانة" كان مدروسا على الأقل من الناحية الإعلامية وتم تمريره بشكل مستفيض حتى أصبح الرئيس نفسه يحاول أن يتربأ من انتمائه..
لنرى وجه تشابه بين الحملة الاعلامية الجزائرية على الفيس وحملة اليوم على الاخوان جاء في كلمة احمد غزالي رئيس الحكومة الجزائرية عقب الانقلاب/الاستقالة1992: ولن يفوتني وأنا أتوجه الى الضباط وضباط الصف والجنود في جيشنا الوطني الشعبي أن أؤكد ما سبق لي أن قلته في تصريح يوم 05 حزيران – جوان – 1991 وفي تصريحات أخرى أنّ هذا الجيش قد أثبت بالفعل والممارسة أنّه سليل جيش التحرير الوطني وأنّه يمثل مكسبا عظيما لهذه الأمة , فهو يمناها العتيدة والأمينة في الحفاظ على سيادتها وعلى وحدتها وعلى ثوابتها بما في ذلك دينها الحنيف وعلى حماية أهلها وسلامتهم . "
ولكن أين أخطا مرسي؟أكبر خطأ وقع فيه الرئيس مرسي أو بالأصح جماعة الإخوان المسلمين هي اعتقادها بامكانية تجنيب الشعب المصري الكثير من الدماء من خلال التفاهم مع العسكر، فأثناء الثورة وعندما كان الشعب يريد أن يقتلع أسس الحكم السابق من جدوره رأت جماعة الاخوان المسلمين أنه يمكن تجنب البلاد ثورة دامية من خلال التفاهم مع المؤسسة العسكرية على إنتقال ديموقراطي سلسل يحافظ لها على مصالحها على أساس أن تبتعد عن اللعبة . وهنا كانت بداية خطأ الاخوان فالعسكر في نهاية المطاف هم اللاعب الرسمي في النظام السابق وهم أول من كان يجب أن يحيدوا من اللعبة في الثورة وقبل انتهائها وتركهم يشاركون تحت شعار "الجيش مع الشعب" كان بداية انكسار فكرة الاخوان…
الرئيس مرسي قام بتغييرات كثيرة ربما أهمها احالة وزير الدفاع الرجل الخطير حسن طنطاوي ورئيس أركان القوات المسلحة سامي عدنان الى التقاعد…ولكن الذي لم يعرفه مرسي هو أن الشخص في المؤسسة ومهما بلغت مرتبته يظل فقط عملية واحدة وسط كم العمليات : المؤسسة العسكرية كبيرة ورجالاتها ومصالحهم أكبر من شخص او شخصين.
لقد عرفت المؤسسة العسكرية ان استمرار مرسي في الحكم لاربع سنوات قد يعرض مصالحها للخطر خاصة ان الرئيس الجديد بدأ يصدر أوامر خطيرة من شاكلة احالة 5000 عقيد ولاء من عناصر الشرطة على المعاش المبكر مع انشاء جهاز جديد في وزارة الداخلية..فادا كان الأمر كذلك في هذه فكيف سيكون في المؤسسة العسكرية؟.
موت الديموقراطية:
لنرى هذه المفارقة في" فقه اليدموقراطية "، بعد الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي تم تعيين رئيس للدولة الذي هو رئيس المحكمة الدستورية فكتب أحدهم على صفحة الفايس
مصر تحقق معجزة إنسانية غير مسبوقة :
1- رئيس منتخب يعين وزيرا للدفاع
2- الوزير المعين يعزل الرئيس
المنتخب.ويعطل الدستور
3- الوزير يعين رئيس
4- الرئيس المعين هو رئيس المحكمة
الدستورية والمحكمة بدون رئيس
5- المحكمة تختار لها رئيس طبقا للدستور
اللى تم تعطيل العمل به ثم يحلف أمامها
اليمين كرئيس للمحكمة
6- رئيس المحكمة يحلف اليمين كرئيس
للجمهورية أمام المحكمة وأمام نفسه
كرئيس لها
7- الرئيس سيعين حكومة تحلف أمامه
اليمين وها يكون فيها وزير الدفاع اللى عين
الرئيس فهل سيحلف وزير الدفاع اليمين أمام الرئيس اللى هو عينه أصلا
هذه اللخبطات القانونية تفسر مدى التيه الذي يعيشه العسكر وربما أكبر تيه وقع فيه الثوار هو عندما اكتشفوا أنهم كانوا يحلمون بانتخابات رئاسية سريعة فادا بهم امام أمد لم يحدد بعد ،والمصيبة أن مرسي كان قد وعد بانتخابات برلمانية في أفق ثلاثة أشهر وطبقا للدستور الجديد فمن حق الأغلبية سحب الثقة عن الرئيس يعني أن مصر في عهد مرسي كان ممكنا أن تنظم انتخابات رئاسية في أفق ثلاثة اشهر أما اليوم فحتى في أفق سنة فلن تتحقق ، لذلك أعلن شباب ثورة تمرد عن رفضهم للاعلان الدستوري الجديد بل والادهى ان العسكر عينوا البردعي نائبا للرئيس وهو الذي لا يحظى بين الشعب وبين تمرده بأية مصداقية ولا ننسى أنه في الانتخابات الاخيرة انهزم بشكل ملفت.فكيف تسند له الرئاسة ؟.
مستقل مصر غامض وربما السيناريو الأكثر بشاعة هو اعادة تنزيل النمودج الجزائري؟ وربما أن ما يحول بين تطبيقه مرة أخرى على مصر هو العمق الاستراتيجي لمصر وقناة السويس فالغرب لا يريد ان تشتعل حرب اخرى لا يعرف تيهها خاصة ان الجماعات المصرية المتطرفة التي كانت قد اعلنت رجوعها عن فكر تكفير الامة والحاكم قد تعود بقوة وقد تجد لاتباع الظواهري وعمر عبد الرحمان ما يجعل بئر النفط المصري مشتعلا لعقود …
وكما سبق ان قلت ان ما يحدث في مصر( أم الدنيا على الأقل بالنسبة للعرب )يجعل نظرية "الدومينو" أكثر تحققا فما كاد العسكر ينقلبون على الديموقراطية في مصر حتى وجدنا تأثير ذلك في اقصى الغرب الاسلامي فقد جاء في كلمة للشيخ الحدوشي وهو وجه سلفي بارز ومعتقل سابق في اطار السلفية الجهادية :ان صنم اليدموقراطية قد سقط واضاف: "سقطت نظرية التدرج الإخوانية، وصدق نبأ الجهاد في أرض الكنانة مصر عمرو بن العاص يحكمها نصراني، وجاء دور النصارى، والخونة، وجاء دور أعداء الإسلام، وجاء دور الراقصات من الفنانين العفنين".
الان ومن الناحية الفكرية والايديولوجية يمكننا ان نبدأ الحديث من الان عن عهد وفكر ما بعد الديموقراطية..فالمفهوم القديم لها والمعتمد على الانتخابات وحكم الاغلبية/ولو صوريا/تجاوزه الغرب بقبوله بالانقلاب العسكري المصري الذي سيجد له نفسا في ،المدى المتوسط ،لدى مفكري وشعوب أوروبا وأمريكا..
.نحن نعيش ادن عهد :موت الديموقراطية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.