ولي العهد الأمير مولاي الحسن يستقبل الرئيس الصيني    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    جامعة عبد الملك السعدي تبرم اتفاقية تعاون مع جامعة جيانغشي للعلوم والتكنولوجيا    سفير ألمانيا في الرباط يبسُط أمام طلبة مغاربة فرصا واعدة للاندماج المهني    بوريطة: المقاربات الملكية وراء مبادرات رائدة في مجال تعزيز حقوق الإنسان    ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب    رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مصر .. الربيع العربي يتحول إلى خريف العسكر يستنسخ التجربة الجزائرية في اغتيال الديمقراطية

هذا ماكتبه الكاتب والصحفي محمد ابو سعيد عن هذا للمقال الذي ارسله لموقع خريبكة اون لاين "أرسل هذا المقال إلى صحيفة القدس العربي اللندنية، ونظرا لمكانة موقع خريبكة أونلاين في قلبنا فقد ارتأينا أن نخصها بنسخة من المقال، تمييزا للموقع عن بقية المواقع الخريبكبكية الأخرى"
مع تحياتي أبوسعد
*******************************
في مصر .. الربيع العربي يتحول إلى خريف العسكر يستنسخ التجربة الجزائرية في اغتيال الديمقراطية
بقلم : محمد الرميلي بروكسي*
لقد كان متوقعا أن الثورة المصرية التي هيجتها رياح الربيع العربي لن يكون لها مستقبل وستعود من حيث أتت. ذلك أنه في حال ماإذا آل الحكم بملامح إخوانية إلى إسلاميي مصر، ولو كان ذلك، عن طريق الصناديق الانتخابية، فإن استنساخ التجربة الجزائرية ستكون الخيار الوحيد للعسكر في مصر، لاغتيال الديمقراطية إذا لم تكن في خدمة من وضعوا قواعدها من الغربيين وفي خدمة الإمبريالية والصهيونية العالميتين. هذا ربما يكون قد تجاهله إخوان مصر وانخدعوا بنفاق الشارع المصري الذي لم يكن بريئا من مكر فلول نظام حسني مبارك من جهة، واطمئنانهم للوجه الآخر للعسكر الذي يخفي عكس مايبديه والذي لم يكن راضيا منذ الوهلة الأولى، بصعود الإخوان لإدارة دوالب الحكم في أرض الكنانة وانفلات زمام المبادرة منه وتقليص سلطاته ويصبح مجرد أداة تنفيذية لأوامر إخوانية لتنظيم إسلامي جاء للحد من الحريات والقيم الغربية وتهميش المؤسسة العسكرية التي يراها أصحابها أنها أولى بحكم البلاد.. فالإخوان الآن يؤدون ضريبة سذاجتهم أولا ثم إغفالهم وتناسيهم أفكار مؤسس جماعة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا وما انتهى إليه في فهم الديمقراطية من منظورغربي، ثانيا بقوله: " الديمقراطية عندهم كالأصنام المصنوعة من العجوة ... يؤمنون بها إذا أتت بما يحبون ويأكلونها إذا ما أتت بما لا تعجبهم نتائجها".
تآمر عسكري علماني لخدمة إسرائيل
طبيعي أن الد يمقراطية هي منهاج وضعي ونظام مجتمعي لشعوب اختارته لحياتها في الأرض بديلا عن النظم والأحكام السماوية، وبهذا المفهوم تكون الديمقراطية مجرد آلية تنظيمية لإدارة الحكم في البلدان غير البلدان الإسلامية. وبالتالي، لا تعدو الديمقراطية أن تكون نظاما دخيلا على المجتمعات العربية وثقافة غريبة عنها حتى ولو احتكمت إليها، وخصوصا إّّذا كانت النتائج عكسية لما تريده هي. وهنا لم يعد مكان للحديث عن الديمقراطية إلا خيار الالتفاف عليها واغتيالها إذا لم تكن في خدمة الغرب وأذنابه من القوى العلمانية الموالية له وقد بدا ذلك من بنات أفكار عبد الفتاح السيسي الرجل القوي في المؤسسة العسكرية المصرية في أول خطاب له بعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي" أن القوات المسلحة وجدت ما وصلت إليه الثورة لا يتناسب مع ما قصدته وسعت نحوه وأن رؤاها للمستقبل نزلت عليها عتمة وظلمة لا تقبلها طبائع عصور التنوير والمعرفة والكفاءة". وهنا ميل مكشوف للفكر العلماني الإقصائي المدافع عن الديمقراطية كلما كانت في صالحه، وبالتالي بدا بدون شك أن خيوط التآمر العسكري مع القوى العلمانية الموالية للغرب وإسرائيل ممثلة في محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الدرية الأسبق وعمرو موسى وزير الخارجية في نظام مبارك سابقا ثم أمين عام الجامعة العربية في ما بعد، اللذين لم يستسغا بدورهما الهزيمة النكراء التي منيا بها في الاختبار الديمقراطي الذي تفوق فيه الرئيس المعزول محمد مرسي.
استنساخ التجربة الجزائرية
وهو ماحدث في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي،عندما اكتسح إسلاميوها، في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، الساحة السياسية بأكثر المقاعد عددية، كادت أن توصلهم إلى حكم البلاد، لولا تدخل العسكر لإجهاض أول تجربة ديمقراطية عرفتها بلاد"الخاوة". وما حدث في الجزائر من انقلاب على الديمقراطية، تكرر في شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2006، في غزة في الأراضي المحتلة ولو أن الصورة تختلف عندما اكتسحت حركة حماس الساحة الفلسطينية بأغلبية المقاعد أمام اندحار القوى العلمانية الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية، ما أهل الحماسيون لتشكيل أول حكومة ديمقراطية في الأراضي المحتلة برئاسة إسماعيل هنية، لكن سرعان ما تمت إقالة حكومة "حماس"تحت التأثير الإسرائيلي وبمباركة أمريكية وغربية. فما وقع في مصر لايعدو أن يكون شبيها بما حدث في الجزائر في العام 1992 عندما كان إسلاميو الجزائر قاب قوسين أو أدنى من دخول قصر المرادية،مع اختلاف بسيط، من حيث الزمان فقط وهو أن جنرالات الجزائر أجهضوا التجربة الديمقراطية قبل وصول إخوان عباسي مدني إلى الحكم، بمعنى أنهم اغتالوا الديمقراطية في مهدها، بينما العسكر في مصر، لم يجهز عليها إلا بعد أن قال الشعب كلمته وتسلم الإسلاميون الحكم وأمضوا فيه ما يزيد على العام. وإذا كان التاريخ يعيد نفسه، فإن استنساخ التجربة الجزائرية أضحى أمرا واقعيا في راهنية الوقت وحلا مناسبا لعودة العسكر في مصر للحكم من وراء الستار، لاستئناف العمل وفق الأجندة الإسرائيلية والأمريكية بالآلية التي كان يسير بها نظام حسني مبارك مايخدم المصالح الأمريكية ويحفظ أمن إسرائيل في المنطقة. ولم يعد خافيا على أحد، أن عسكر مصر، ظل يتربص بالديمقراطية التي جاءت بالإسلاميين للحكم، منذ أن وضعت موقعة الجمل أوزارها وأطيح بنظام مبارك وأصبح الإسلاميون على استعداد لاستلام الحكم. وبما أن العسكر لم يستسغ أن تأتي نتائج الثورة بما لايبتغيه، فإنه بدأ يتحين الفرص والبحث عن إحصاء على الإخوان أقل الأخطاء إن وجدت للإيقاع بهم، مستعينا ببلطجية وفلول النظام السابق الغاضبين من حكم الرئيس المنتخب ديمقراطيا الدكتور محمد مرسي، المرابطين من جديد في ميدان التحرير.
عناد مرسي وغدر العسكر
ومن مكر العسكر تجييش ملايين المصريين الذين خرجوا في الثلاثين من يونيو الماضي في مختلف أنحاء البلاد للمطالبة برحيل مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. غير أن سوء نية العسكر بدت من خلال انقلاب على شرعية الصناديق وعزل الرئيس مرسي وحبسه في مكان غير معروف.! وهذا أسلوب جديد من "الأساليب الديمقراطية "التي تفتقت عنها عبقرية المؤسسة العسكرية في مصر، بمبرر الاستجابة لمطالب الشعب على حد ماذهب إليه الرجل القوي في الجيش المصري وهو حق يراد به باطل.. !؟ من خلال ما أكد في خطابه منذ إقالة مرسي إن "القيادة العامة للقوات المسلحة أبدت رغبتها أن تقوم الرئاسة نفسها بعملية الاحتكام إلى الشعب وإجراء استفتاء يحدد به الشعب مطالبه ويعلي كلمته لكنه (مرسي) رفض رفضا قاطعا"، موضحا "أرسلت إلى الرئيس السابق محمد مرسي مبعوثين برسالة واحدة واضحة (...) أن يقوم بنفسه بدعوة الناخبين إلى استفتاء عام يؤكد أو ينفي وقد جاء الرد بالرفض المطلق". هذا من دفوع وتبريرات ممثل المؤسسة العسكرية عبد الفتاح السيسي. لكن ماذا يكون رد الطرف المغيب قسرا؟ وكيف يمكن أن يرد على مزاعم الانقلابيين على الشرعية، مادامت "ديمقراطية "العسكر في مصر لاتسمح لمن تم عزله ضدا على المكاسب الديمقراطية والاختيارات الشعبية، بالظهور حتى أمام أفراد أسرته.؟ لآن السيسي المسخر من لدن قوى خارجية، يخشى الحقيقة والمنطق ويخشى انكشاف الكثير عنه إذا ما قدر لمواجهة محتملة. ولنقرأ ما في تعليق للباحث السياسي أحمد فهمي لنكتشف الأسباب التي حالت دون تمكين الرئيس المعزول من دحض الادعاءات الواهية والمبررات الوهمية للمؤسسة العسكرية، أن رمزية الرجل القيادية الشرعية في مواجهة الانقلاب العسكري،كانت من أهم مايخيف الانقلابيين . ويؤكد فهمي أن الرئيس مرسي لو قدر له الخروج على الملأ فإنه سوف يتكلم بما حدث ويكشف جميع أوراق اللعب. يضيف الباحث السياسي لهذا السبب لم يُقدم الرئيس مرسي للمحاكمة حتى الآن، لأن المحاكمة ستجعله يتواصل مع الناس والرأي العام، ويتحدث بما جرى. ويتوقع فهمي أنه توجد "لحظة" أو "حالة" سيدرك فيها الانقلابيون أن معلومات الرئيس لن تحدث فارقا، حيث ينتفي فيها خطر كشف المعلومات التي لديه. ولفت إلى أنهم يقولون إن الرئيس المنتخب محمد مرسي ليس محتجزا، بل هو تحت الحماية خوفا عليه من معارضيه) يذكرنا هذا الدفع بما انبرى به إدريس البصري وزير الداخلية القوي في الراحل الحسن الثاني، لما أثير الجدل حول الحصار المضروب آنذاك على الراحل الشيخ عبد السلام ياسين مرشد "جماعة العدل والإحسان" ووصلت قضية مرشد أكبر تنظيم إسلامي معارض لنظام الحسن الثاني، إلى قبة البرلمان المغربي، أن الشيخ عبد السلام ياسين ليس محاصرا وإنما هو تحت الحماية الأمنية على حياته( . واستغرب الباحث متسائلا بقوله:"كيف أنهم لم يعاملوا مبارك بهذه "الحنية" الزائدة وهو الذي أعطى أوامره إلى قوات الجيش والأمن لمهاجمة المعتصمين بحوافر الدواب وخفاف الجمال حتى سميت تلك الواقعة ب"واقعة الجمل" .وعلق فهمي بقوله" بل غامروا بنقله معززا مكرما إلى قصره في شرم الشيخ، ليكون حرا تماما في مقابلة من يشاء والحديث إلى من يشاء، لدرجة أنه نشر كلمة مسجلة عبر قناة العربية." وهذا مالم يحظ به مرسي بما يعني الشماتة به وإهانته أمام أعدائه وأعداء الحركات الإسلامية عموما من صهاينة وغربيين وأذنابهم وتوابعهم ممن سقطوا في ساحة النزال الديمقراطي في مصر.. وإذا كان السيسي علل الانقلاب العسكري على الشرعية الذي قاده ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، بعدم انصياع هذا الأخير لمطالب الشعب وإجراء انتخابات سابقة لأوانها، وأن الجيش ملزم بالتدخل لحماية الإرادة الشعبية على حد زعمه، نجد الدكتور عصام العريان الرجل الثاني في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين يكشف أن الرئيس مرسي كان يعلم بشأن الانقلاب قبل حدوثه.
الموقف الأمريكي من الواقع المصري
من عادتها الإدارة الأمريكية غالبا ماتكون مواقفها صارمة من الدول المنتهكة للديمقراطية وحقوق الإنسان،إلا أن تكون هذه الانتهاكات ضد الإسلاميين، فهناك تبدو مواقفها محتشمة بل سلبية أومنعدمة، كما هي الحال في الموقف من الانقلاب على الديمقراطية في مصر. خصوصا والحالة هذه، أن انتهاك الديمقراطية في أرض الكنانة، حدث ضد من يوصفون بقوى الظلام والرجعية، ماجعل إدارة أوباما تنظر إلى الحدث بقليل من الأهمية وتبارك الانقلاب على الشرعية المكتسبة من الصناديق التي أوصلت الإسلاميين إلى الحكم، من خلال التفسير الذي أعطاه أوباما للقضية بأن الديمقراطية ليست بالصناديق فقط وإنما تكون أيضا بالاستجابة لمطالب الشعب مما يعني ضلوع الإدارة الأمريكية في العملية الانقلابية. وتتقاطع آراء المحللين والمتتبعين السياسيين لما يجري في العالم من أحداث ومتغيرات بخصوص الموقف الأمريكي مما حدث في مصر. فالدكتور عصام العريان يكشف لنا ضلوع إدارة أوباما في العملية الانقلابية على الشرعية الديمقراطية بقوله في تدوينته على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك":عندما يقرأ بعض المصريين حديثي حول ضلوع أمريكا ورئيسها وسفيرتها بالقاهرة في الانقلاب العسكري ويتساءل لماذا لم تمنعوا حدوث الانقلاب فهو محق فى سؤاله.ويضيف العريان: "والجواب أنك لن تستطيع منع انقلاب عسكري إلا إذا قسمت الجيش ووزعت ولاء ضباطه واخترت البعض ضد البعض الآخر وهذا ما رفضه الإخوان حيث لم يكن لهم عسكريون ولا ضباط شرطة ولا رجال مخابرات لأسباب عديدة معروفة." وهذا ما يعتبر خطأ فادحا في السياسة الإخوانية الا نغلاقية على المؤسسات الحساسة في الدولة وعدم اختراقها حتى تضمن التوازن داخلها. ولأن الرئيس حسب العريان لم يكن له أن يقسم الجيش وهو الحريص كقائد أعلى على وحدة الجيش وتماسكه ليكون جيشا لكل مصر وليس جيش الرئيس."
أخطاء الإخوان وسذاجة مرسي
فالمؤامرة على حد ما كشفه العريان كانت معلومة لكل المراقبين وتنشر تفاصيلها صحف ويذيع أخبارها مذيعون ومحللون وساسة ضالعون في الانقلاب. من جهتها ،صحيفة نيورك تايمز، ردت سبب الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي إلى عناده في الحرص على الديمقراطية ورفضه للإملاءات الأمريكية وتدخلاتها في مصر ..وأوضحت الصحيفة الأمريكية ‏"كلما أرادت أمريكا أن تفرض امتلاءاتها عليه كان يرفض ويعاند ويقول لن تمس الديمقراطية والشرعية إلا على جثتي ورقبتي ودمى فداء". وقالت إنه "وثق بوزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي ثقة عمياء بسبب مظهره المتدين و لكن الأخير انقلب عليه".وهذا يعد من الأخطاء القاتلة التي ارتكبها مرسي ، عندما قام بإبعاد حسين طنطاوي عن قيادة الجيش وتعويضه بالفريق عبد الفتاح السيسي منخدعا بمظهره النفاقي، علما بخلو المؤسسة العسكرية من الموالين له ، الشئ الذي لامحالة قد يزيد في تقوية المؤسسة العسكرية ضده والتي يسيطر عليها بقايا فلول الرئيس المخلوع حسني مبارك ومعهم الموالون للقوى العلمانية الراديكالية والمسيحيون الأقباط. ومن الأخطاء السياسية التي ربما كانت سببا أيضا في تهييج الشارع المصري ضد الرئيس مرسي، إقصاؤه للأقباط من عملية الاستوزار، دون اعتبارلوجود هذا المكون المجتمعي بنسبة 10 في المائة من السكان.
وكشفت الصحيفة عن أن الإدارة الأمريكية كانت مصرة على فرض البرادعي أو عمرو موسى على مرسي كرئيس للحكومة بصلاحيات كاملة تشمل السلطة التشريعية. وقالت إن مرسي استبعد أن ينقلب الجيش عليه طالما أنه أعطاهم ما يريدونه من الاحتفاظ بمزاياهم وعدم التدخل فى شئون المؤسسة العسكرية.. فى مقابل ألا يتدخلوا هم أيضا فى شئون الحكم والدولة.‏وأضافت: أن السيسي غدر بمرسي ولم يحذره قبل الانقلاب ، حتى أن مرسي سأله عن مغزى تصريحاته الأخيرة التى تحدث فيها عن تدخل الجيش.. فأجابه السيسي: إنه مجرد كلام لتهدئة بعض الضباط الغاضبين من مرسي داخل المؤسسة العسكرية.. وصدقه مرسي..‏واعتبرت النيويورك تايمز أن تصريحات السيسي عن تدخل الجيش إذا لم يحدث تفاهم فى خلال أسبوع كان لها دور كبير فى حشد الناس يوم 30 يونيو ، إذ أعطت آمالا عريضة للنشطاء الشباب وفلول مبارك أن الجيش سينحاز لهم.‏ صحيفة نيورك تايمز ردت سبب الانقلاب على الرئيس المصري محمد مرسي إلى ما اعتبرته عنادا في الحرص على الديمقراطية ورفضا للإملاءات الأمريكية وتدخلاتها في مصر .. ‏"كلما أرادت أمريكا ان تفرض املاءاتها عليه كان يرفض ويعاند ويقول لن تمس الديمقراطية والشرعية إلا على جثتي ورقبتي ودمى فداء". وقالت إنه "وثق بوزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي ثقة عمياء بسبب مظهره المتدين و لكن الأخير لم يلبث أن خانه و انقلب عليه".وأوضحت الصحيفة إن مرسي وثق فى السيسي ثقة عمياء لأنه "كان مثالاً للضابط المتدين الملتزم" ومنذ أيام المجلس العسكري.. كانت الحوارات بين الإخوان والعسكر تتم عن طريق الرجلين.. كل ممثلاً لفريقه..‏ ورأت أن ما تسبب فى عزل مرسي "مثاليته" و"عناده".. فى نقطتين نقطة الحرص على الديموقراطية.. ونقطة منع التدخل الأمريكي فى شئون مصر.. كلما حاولنا معه كان يرد بعبارات من نوعية "على جثتى".. "على رقبتى".. "دمائى ستسيل قبل أن يحدث هذا"..وأشارت نيويورك تايمز إلى أن الإعلان الدستورى الذي لاموا مرسي عليه كان وسيلة لمنع قضاة مبارك من تقويض الديمقراطية فى الأيام الأخيرة السابقة على الانتهاء من الدستور. وكشفت الصحيفة عن أن الإدارة الأمريكية كانت مصرة على فرض البرادعي أو عمرو موسى على مرسي كرئيس للحكومة بصلاحيات كاملة تشمل السلطة التشريعية.، أكيد أن الإدارة الأمريكية لم تكن جادة في بداية المطاف في قبول أن يتولى الإسلاميون حكم مصر وأن تكون راضية عن الألية الديمقراطية التي أوصلتهم إلى مراكز القرار، بعد أكثر من ستين عاما من السجن والمنع والتضييق على الحريات. طبيعي أن مرسي والهيئة السياسية التي ينتمي إليها لاتقبل أن يشارك من يعتبرون أزلام النظام السابق، بعد أن سحقتهم ديمقراطية الشارع.
ثم أنه حسب الصحيفة الأمريكية، أن استبعاد مرسي انقلاب الجيش عليه هو ماجعله يطمئن إليه ، طالما أنه أعطاهم ما يريدونه من الاحتفاظ بمزاياهم وعدم التدخل فى شئون المؤسسة العسكرية.. فى مقابل ألا يتدخلوا هم أيضا فى شئون الحكم والدولة.‏
وأضافت الصحيفة: "أن السيسي غدر بمرسي ولم يحذره قبل الانقلاب ، حتى أن مرسي سأله عن مغزى تصريحاته الأخيرة التى تحدث فيها عن تدخل الجيش.. فأجابه السيسي: إنه مجرد كلام لتهدئة بعض الضباط الغاضبين من مرسي داخل المؤسسة العسكرية.. وصدقه مرسي..‏"
واعتبرت النيويورك تايمز أن تصريحات السيسي عن تدخل الجيش إذا لم يحدث تفاهم فى خلال أسبوع كان لها دور كبير فى حشد الناس يوم 30 يونيو ، إذ أعطت آمالا عريضة للنشطاء الشباب وفلول مبارك أن الجيش سينحاز لهم.‏ قد تكون بدون شك هذه هي الأسباب الحقيقية التي كانت وراء حشد الملايين في الساحات العمومية للمطالبة بإزاحة مرسي، خلافا لما في اعتقاد أصوات معارضة للإخوان عزت فشل مرسي إلى عوامل داخلية أخرجت عشرات الملايين تطالب برحيله. ويعود ذلك حسبها ،إلى فقدان الرؤية الإستراتيجية لإدارة الدولة، وانعدام الخبرة والتجربة والاعتماد على قدرات وكفاءات أفراد الجماعة فقط، بالرغم من قلتها كَمّاً، ومحدوديتها كيفاً، ورفض الاستعانة بموظفي الدولة من ذوي العلم والخبرة والكفاءة، وعدم الالتفات للنصح أو النقد، وغياب الإدراك الحقيقي للمشكلات والأزمات على حد تراه المعارضة واتهام مرسي بعدم القدرة على التواصل مع مايعرف بالجماعة الوطنية والوصول بالبلاد إلى حالة من الانقسام والتشرذم على حد زعمهم.
كيف تنظر إسرائيل إلى الواقع المصري؟
ليس الرئيس المعزول محمد مرسي وحده من لايحسب أي حساب للخصوم والأعداء على حد سواء، بل حتى الحزب الذي ينتمي إليه تنظيميا. فالإخوان المسلمون رغم غثائية العددية والتنظيم المحكم، فإنهم أيضا، منذ وصولهم إلى حكم مصر ،اعتبروا أن الأمر انتهى وأن الشارع المصري قد تخلص من بلطجية وفلول النظام السابق . والخطأ الأكبر الذي سقط فيه الإخوان هو تغيير نظرتهم للجار المزعج لمصر والعالم العربي ككل وتناسيهم الصراع التاريخي بين مصر وإسرائيل الذي أنهته اتفاقية كامب ديفيد في إطار الصلح المنفرد الذي أبرمه أنور السادات مع الإسرائيليين برعاية أمريكا في عهد الرئيس جيمي كارتر. هذا الصراع المنتهي بين مصر وإسرائيل والذي أسس لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، مازال الآن قائما. تعتبر حركة حماس أكبرتنظيم إسلامي بديل ترى فيه إسرائيل أنه مدعوم من قبل إخوان مصر، لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بعد تدجين منظمة التحرير الفلسطينية. وهذا مايجعل الصهاينة لايطمئنون إلى نظام بديل لنظام مبارك العلماني. لأن النظام العلماني من شأنه تبديد مخاوف الدولة العبرية في الأراضي المحتلة وبالتالي يقرب الخصوم العرب من إسرائيل أكثر من الخصوممنهم الذين يتبنون المشروع الإسلامي لأن المنطق هو أن يفوز الإخوان في مصر في الانتخابات ويتولون الحكم وإن كان الإسرائليون لايسلمون بثورة ضدهم. ولنقرأ هنا ماجاء في صحيفة هآرتس كما نقله المترجم المصري نائل الطوخي: "بالنسبة لرجل الشارع في إسرائيل، ومعه النخبة الفكرية، كان منطقياً جداً أن يفوز الإخوان المسلمون برئاسة مصر. ما لم يكن منطقياً أن يثور المصريون ضد الإخوان المسلمين. قبل حوالي عشر سنوات، تم نشر حوار مع المؤرخ بني موريس في صحيفة هآرتس، عبر فيه عن خوفه أن تقوم في القاهرة ثورة إسلامية تبدأ في إرسال الصواريخ النووية ضد إسرائيل.. هذا هو التاريخ الذي يحبه مفكرو الخط الرسمي للدولة: إن انتهى مبارك فسيأتي الإسلاميون. هذا هو الطبيعي والمعتاد. فالشارع الإسرائيلي، ومعه غالبية النخبة، تعوّدوا طول الوقت على النظر للعالم العربي المحيط من خلال ثنائية "أنظمة أمنية - شارع إسلامي". لهذا يبدو واضحاً الارتباك لديه في النظر لثورة أو انتفاضة (لا تهم الأسماء ). فإسرائيل وإن لم تكن واضحة في مواقفها من التغيرات في العالم العربي ولاسيما في مصر، وحتى لاتكون طرفا مباشرا ورئيسيا في ما يحدث من انقلابات، فإنها تتوارى عن الساحة، وتترك للولايات المتحدة المجال لتنفيذ مخططها بالوكالة. وهذا ما يحدث في مصر اليوم. والتخوف الإسرائيلي من الإخوانفوبيا يتجلى لدى النخبة في إسرائيل كما نقرؤه في صحيفة "إسرائيل اليوم" كما نقلته جريدة "المساء" المغربية عن صحيفة القدس العربي واسعة الانتشار، في عددها2109 بتاريخ70/5/2013:" سيؤثر الصراع بين العلمانيين والمتطرفين في مصر مصير حلم الإخوان الاستعماري. وهذا جزء من المواجهة الداخلية، تقول الصحيفة العبرية، بين المتطرفين والعلمانيين في المنطقة كلها. وتربط الصحيفة خط المواجهة بين ميدان التحرير وميدان مسجد رابعة العدوية وساحة تقسيم في تركيا ونضال الإسلاميين في سوريا والتوتر بين الملك وحركة الإخوان المسلمين في الأردن. وتخلص الصحيفة العبرية في نهاية المقال :" وحسب تراث النهج الإسلامي فكلما ازداد الصراع قوة اتهم المتطرفون الإسلاميون اليهود بشئ ما لتوجيه الغضب نحوهم.". المسجد الأقصى في خطر".تبرز الآن باعتبارها مركز تحريض واستشارة للإخوان ضدنا، فيحسن أن نحذر." وكأن إسرائيل هنا كالمريب الذي يكاد أن يقول خذوني. فإسرائيل لاتأمن ما تعتبره الخطر الإسلامي ولذلك فهي دائما تنظر إلى من حولها من العرب بريبة ولا تطمئن أبدا إلى حكم آخر غير حكم العلمانيين أو للأنظمة الرجعية في دول الخليج.
*باحث في العلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.