في الحلقة الماضية تحدثنا عن تحيز الجيش المصري الواضح لطرف ضد آخر من خلال مهلة 48 التي ادعى منحها للأطراف كلها في أعقاب تظاهرات 30 يونيو للجلوس على طاولة الحوار والاستماع إلى نبض الشارع، قبل أن يتبين أن القصد من وراء ذلك هو مزيد من الضغط على الرئيس بحجة أن الشعب خرج يطالب برحيل من اختاره في انتخابات حرة قبل سنة ويهتف للعسكر الذي طالب بإبعاده عن تصدر المشهد السياسي. لذلك كان ضروريا في هذه الحلقة أن نقدم حقائق أخرى تبرز تدخل الجيش لحسم الأمور لصالح الذي بدأ قبل موعد الثلاثين من يونيو، والذي كان تدخلا مدبرا ومخططا له بإحكام بتنسيق مع أطراف دولية يجمعها حماية مصالحها ويوحدها السعي إلى إقبار كل تجربة ديمقراطية عربية واستئصال الإسلاميين.. ورغم الآلة الإعلامية الضخمة التي يستعين بها العسكر لتبرير انقلابه، وغلق الفضائيات الإسلامية والتضييق على القنوات التي تتناول الحدث بموضوعية، فإن تسريبات نشرتها وسائل إعلامية عالمية أماطت اللثام عن الوجه الظالم للجيش وكشفت زيف ادعاءاته بالتحيز للشعب دون سواه، لعل أهمها إجراء باراك أوباما اتصالات مكثفة مع مرسي ساعات قليلة قبل عزله طالبه فيها بتقديم تنازلات وتعيين البرادعي بدل قنديل في رئاسة الحكومة لمنع حدوث الانقلاب العسكري، ودعوة الفريق عبد الفتاح السيسي الرئيس الشرعي بتنحيته عن السلطة وذلك قبل ثلاثة أيام من موعد الاحتجاجات، إضافة إلى رفع أجهزة المخابرات تقارير مغلوطة للرئيس عما يدور على الأرض، وخروج الداخلية والجيش عن سيطرته بل رفضها تأمين تنقله إلى مقر التلفزيون المصري بمدينة الإنتاج الإعلامي عند إلقائه خطابه الأخير عن الشرعية. وفي غياب الصورة الكاملة لما جرى في مصر، وفي ظل إبعاد مرسي عن الأنظار، كشف المحلل العسكري روني دانئيل في حوار مع القناة الإسرائيلية الثانية، أن السيسي أبلغ «إسرائيل» بالانقلاب العسكري قبل ثلاثة أيام من وقوعه، ولم يخف وجود اتصالات مكثفة منذ فترة بين السيسي والبرادعي من جهة والحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى، مشيرا إلى أن بلاده وعدت السيسي بمراقبة قطاع غزة خشية تدخل حماس في الشأن المصري على أن تقوم مصر بهدم الأنفاق، وأن نتانياهو وعده أيضا بمساعدته في الاعتراف بنظام الحكم الجديد من قبل الدول الغربية. كما تحدثت صحيفة «هآرتس» و»يدعوت أحرنوت» عن زيارة البرادعي رفقة خمس قيادات في الجيش ل»إسرائيل» بعد تنفيذ الانقلاب دون أن يجري تكذيب هذا الخبر، ولعل ذلك يبرز حقيقة أن ما وقع لم يكن نتيجة خروج المتظاهرين إنما كان مخططا له في غرف عمليات مغلقة بتدخل دولي.. في الأخير لا يجب أن ينسى أن «إسرائيل» كانت أكبر متضرر من صول الإخوان المسلمين إلى الحكم، فرغم التزام مرسي باتفاقية السلام فإنه ظل غير موثوق فيه، خاصة بعد لعبه دورا محوريا في وقف الهجوم على غزة وفك الحصار على أهالي غزة وتقديم الدعم السياسي لحكومة حماس بعد سنوات طوال من عزلتها أيام حكم الفرعون.