واصلت وسائل إعلام أمريكية بارزة كشف ما كان يجري في الخفاء والكواليس من لقاءات "المؤامرة" التي عقدها قادة عسكريون وسياسيون أمريكيون ومصريون لوضع الخطط للانقلاب على الرئيس المصري الشرعي محمد مرسي، بخلاف ما كان يبديه البيت الأبيض علانية من أنه لا يبحث عن المصالح في مصر بأكثر مما ينتصر للمبادئ الديمقراطية والشرعية الدستورية. لكن جميع المؤشرات وردود أفعال مسؤولي الإدارة الأمريكية على فوز الإسلاميين بمصر في خمسة انتخابات واستفتاءات مصرية عقب ثوة 25 يناير وفوز أول رئيس إسلامى مصري كانت تشير لتآمرهم مع رموز الدولة العميقة والمعارضة الليبرالية واليسارية لإفشاله وإسقاطه. وفيما فجر محلل عسكري صهيوني مفاجأة من العيار الثقيل عندما صرح لقناة صهيونية من أن وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي أبلغ القادة الصهاينة في تل أبيب بالانقلاب قبل 3 أيام من وقوعه، أعلن كاتب نيوزيلندي، وفقا لمصادر أمريكية، أن ممثلين عن محمد البرادعي كانوا على اتصال برؤساء منظمات أمريكية يهودية لإقناعهم بمساندة الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي مقابل ضمانات قوية للكيان بحماية أمنه عبر تضييق الخناق على قطاع غزة وتدمير الأنفاق والالتزام الكامل باتفاقية كامب ديفيد بكل عناصرها. السيسي.. تنسيق قبل الانقلاب وكشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، أن الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر تم بتنسيق سري بين وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي «شاك هاجل»، وأن هذا التنسيق هو الذي تحكم في مجرى الأحداث بمصر. وأضافت الصحيفة الأمريكية، على موقعها الإلكتروني، أن العسكريين كانا ينسقان ليس فقط فيما يخص توالي الأحداث في مصر، وإنما أيضًا الموقف في الشرق الأوسط عمومًا، وأن وزير الدفاع الأمريكي تولى مهمة حث الجيش المصري على استعادة النظام و«الديمقراطية» بطرق ترضي معايير واشنطن، حسب الصحيفة. وذكرت أن «الرسائل الخاصة والمكالمات الهاتفية في الأيام الأخيرة بين «هاجل» و«السيسي»، تم وضع نقاطها من قبل صانعي السياسات من مختلف أرجاء الإدارة، بما في ذلك البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية. واعتبرت الصحيفة أن «صناع السياسات الأمريكيين يعتبرون السيسي بمثابة «نقطة الارتكاز» في مصر، مما يجعل قناة الاتصال بينه وبين هاجل الأكثر أهمية، لأن العلاقة بين الرجلين تعود لأكثر من 30 عامًا، حسب مصدر عسكري أمريكي. وأشارت الصحيفة إلى أن علاقة السيسي، رجل المخابرات، بوزير الدفاع الأمريكي أصبحت واعدة في 24 أبريل الماضي، حينما تناولا الغداء لمدة ساعتين في القاهرة، أثناء زيارة هاجل الأخيرة، وبعدها حث وزير الدفاع الأمريكي مساعديه، على العمل مع السيسي بشكل وثيق»، لأنه «مألوف بالنسبة للأمريكيين، ويسهل التعامل معه». يشار إلى أمريكا لم تعلن موقفا واضحا بشأن تأييدها أو معارضتها لما حدث في مصر في 3 يوليوز الجاري حينما أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي، غير أنها طالبت يوم الجمعة الماضي، السلطات المصرية بإطلاق سراح مرسي لأول مرة منذ اعتقاله بعد إقالته. وموقف الولاياتالمتحدة من الأحداث المصرية الأخيرة، وصفه خبراء دوليون في تصريحات سابقة ل«وكالة الأناضول للأنباء» بأنه يشوبه ارتباك واضح في التعامل، مرجعين ذلك إلى أن واشنطن تسعى «للإمساك بمنتصف العصا» في الأوضاع الراهنة في البلاد من حيث السيطرة على كلا الاتجاهين، النظام السابق والحالي، تحسباً لإحراز أي طرف انتصارا على الآخر. «السيسي» يخبر «إسرائيل» بالانقلاب من جانب آخر، تتوالى فضائح أقطاب الانقلاب «العسكري/المدني» على الانكشاف والبروز إلى العلن، مما يكشف دوافعهم الحقيقية المبيتة، والتي تنصب في خدمة الاحتلال الصهيوني والتخلص من الإسلاميين وحركات المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها «حماس» التي تشكل «صداع رأس» للكيان الصهيوني وأمريكا وبعض الدول العربية. ونقل موقع «فلسطين الآن» أن المحلل العسكري الصهيوني «روني دانئيل» فجر قنبلة من العيار الثقيل عندما كشف عن أن السيسي أبلغ الكيان الصهيوني بالانقلاب العسكري قبل ثلاثة أيام من وقوعه، ونبه الكيان إلى ضرورة مراقبة حركة المقاومة الإسلامية حماس. جاءت مفاجأة «دانئيل» تلك في حوار له على القناة الصهيونية الثانية، مساء الأحد الماضي، والذي أكد خلاله على أن الانقلاب العسكري جيد ل»إسرائيل» بل كان مطلبا ملحا لها ولأمنها. ولم يخفِ المحلل العسكري وجود اتصالات مكثفة منذ فترة بين «السيسي» والبرادعي من جهة، والحكومة الصهيونية من جهة أخرى. وقال دانئيل: إن السيسي «كان خائفا من حركة حماس»، ليجد بعدها طمأنة «إسرائيلية» بأنها ستراقب الوضع هناك أي في غزة بل هو تحت المراقبة، في المقابل نصحت «إسرائيل» السيسي بضرورة هدم الأنفاق. وأضاف أن محمد البرادعي التقى نتنياهو قبل وبعد الانقلاب العسكري ووعدته «إسرائيل» بمساعدتهم في الاعتراف بنظام الحكم الجديد من قبل الدول الغربية. البرادعي.. «فروض الطاعة» للصهاينة في سياق ذي صلة، أظهرت مواقف شخصيات مصرية «معارضة»، كارهة ومناوئة للحركة الإسلامية، مدى استعدادها للتحالف والارتماء في أحضان كل «عدو شرس» لهوية مصر ومستقبلها، ما دامت تضمن تحقيق أهدافها، من أجل إفشال التجرية الديمقراطية الوليدة في البلاد بقيادة التيار الإسلامي السياسي الذي وصل إلى قمة هرم السلطة عبر انتخابات نزيهة. وقال الكاتب النيوزيلندي «فرانكلين لامب»، وفقًا لمصادر أمريكية، إن ممثلين عن الدكتور محمد البرادعي كانوا على اتصال برؤساء منظمات أمريكية يهودية، لإقناعهم بمساندة الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي. وأضاف الكاتب على موقع «سكوب النيوزيلندي» في مقال له تحت عنوان: «هل أوباما يدعم البرادعي؟»، أن ممثلي البرادعي قدموا بعض الإغراءات للبيت الأبيض مقابل الحصول على الدعم الأمريكي، أبرزها الالتزام الكامل باتفاقية كامب ديفيد بكل عناصرها، واتخاذ موقف متشدد ضد إيران بشأن برنامجها النووي، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الأمني بين مصر والكيان الصهيوني. البرادعي في "إسرائيل" وكانت مصادر إعلامية صهيونية قد كشفت، في مفاجأة من العيار الثقيل، أن البرادعي زار الكيان الصهيوني سرًّا مع عدد من قيادات الجيش المصري. وأفادت جريدة «السبيل» الأردنية أن «راديو إسرائيل» أشار إلى أن الزيارة استمرت 5 ساعات فقط، دون أن تخوض في تفاصيل الزيارة. وأكد شريط أخبار القناة العبرية الثانية الخبر أيضًا، حيث كتب على الشريط: «البرادعي زار «إسرائيل» ومعه قيادات من الجيش المصري واستمرت الزيارة 5 ساعات». وبحسب محللين، فإن البرادعي قد يكون أراد طمأنة «إسرائيل» بشأن تأمين حدودها مع مصر بعد عزل الرئيس محمد مرسي، ولنيل تأييدها للانقلاب، ودعمه دوليًّا. يشار إلى أن الجيش المصري يقوم منذ عدة أيام بهدم الأنفاق على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة، بأمر مباشر من السيسي، والتي يستخدمها أهل القطاع لإدخال المواد الأساسية والغذائية والدوائية والتي تمنع سلطات الاحتلال منذ فرض الحصار على قطاع غزة. فيما أكدت حركة حماس على موقفها الثابت قبل وبعد الانقلاب أنها لا تتدخل في شؤون أي دولة كانت، وطالبت وسائل الإعلام المصرية الكف عن مهاجمة حركة حماس وإلصاق التهم الكاذبة والمفبركة بحقها. وكان حزب الأصالة المصري قد اتهم البرادعي بمحاولته تفكيك الجيش المصري عبر توريطه في الشأن الداخلي، رغم المخاطر الأمنية التي تتعرض لها البلاد على الحدود. ويعد البرادعي (الذي وصفته صحيفة «جابان تايمز» اليابانية ب»النخبوي الليبرالي» الذي «له سجل كئيب في خدمة القوى الغربية أثناء رئاسته للوكالة الدولية للطاقة الذرية) أحد رموز المعارضة للرئيس محمد مرسي، والتي كانت دائمًا ما ترفض الحوار معه من أجل البحث عن حل لأزمات البلاد التي كانت المعارضة مع فلول مبارك تفتعلها لإفشال الرئيس المنتخب. وأصبح البرادعي اليوم في دولة الانقلابيين نائبًا للرئيس المؤقت الذي عيَّنه الجيش للعلاقات الدولية، في محاولة لتحسين صورة الانقلاب العسكري في الخارج.