و أنا مار بالقرب من بسوق زيانة يستوقفني منظر قلة مشاهدته مؤخرا, أتحدث هنا عن وجود شاحنة تابعة للبلدية بغية محاربة الترامي على الملك العمومي و بمعية أعوان السلطة السيد القائد الذي لا أعرفه صراحة و السيد الباشا إن لم أكن مخطئا. لكن الغريب في الأمر هي المشادة الكلامية بين مقدم زيانة الذي أعرفه مع بائع من البرارك القصديرية التي انتهت بموجة غضب السيد القائد و خصوصا مقدم زيانة. فالسؤال الذي يحيرني هنا هل أجج الربيع العربي هذه الفئة التي نخرت الأمية أذهانها و عقولها. و كيف أصبحت هذه الشرذمة تتجرأ على أعوان و رجال السلطة أثناء تأديتهم لعملهم. أنا مثلا أقطن بجهة سانية الرمل و بالضبط قرب ذاك السوق الذي أصبح يتفرع في الأحياء كالغول المسعور. بالإمكاننا القول أن سوق سانية الرمل من الصعب في الظرفية الراهنة إيجاد حل توافقي له يؤتي لكل ذي حق حقه, سواء بالنسبة للتجار و السكان و الملك العمومي. لكن مادام هذا السوق الذي طالما سمعنا عنه أنه "سوق المعكازين" و الناس يتحدثون عن زيادات في الأثمان و كثرة المتشردين و المنحرفين و بائعي المخدرات التي تدل عليها وجوههم المظلمة و المزخرفة, فتنظيمه أسهل و احتواءه جد ممكن. دخلت على إثرها إلى السوق و إذا بي أرى كثرة الدكاكن المقفلة. و للإشارة فقط, فالشهر الفارط كان قد عرف إصدار بلاغ عن رئاسة الجماعة الحضرية لتطوان يقول بضرورة إعادة استغلال هذه الدكاكن أو ضمنا تركها لأناس آخرين بغية استغلالها لانتشالهم من ظاهرة "الفراشة" التي أصبحت عارا على السلطة و عبئا على التجار القاريين و مضايقة مستمرة للسكان. فلما لا تعطى هذه الدكاكن الفارغة لهؤلاء الذين أفسدوا على الشارع جماليته. في كثير من الأحيان أمر بسيارتي و أشاهد بأم عيني أن هذه البرارك تمارس البيع إلى ما بعد الثانية عشرة ليلا. الغرابة في الموضوع هو أن أحدهم قال لي أن بعض هؤلاء الذين يملكون البرارك لا يريدون الدكاكن لأنهم اعتادوا البيع إلى ما بعد منتصف الليل و هو الشيء الذي يدر عليهم مالا كثيرا عكس التجار النظاميين. و هنا أستغرب من واقع الحال, من يتحمل المسؤولية هل السكان الذين لا يشتكون و هو الحاصل معنا في سوق سانية الرمل "كل في فلكه يسبح", أم يتحملها التجار القاريين, أم السلطة باعتبارها الإدارة الوصية على الأسواق. إذ عندما يأتي إنسان قليل الأدب و يمد يده على عون السلطة الذي يؤدي عمله فهذه مصيبة يجب أن توضع لها آلية عملية و صارمة تضرب بيد من حديد على كل من يتجرأ ليخالف القانون. و نسأل الله أن يلفت أعين المسؤولين لسوق سانية الرمل و نسأل الجمعيات الدعم و المساندة لمحاربة ظاهرة "الفراشة" و كذلك رجال الأمن بمحاربة الجلوس عند أعتاب خلق الله إلى ما بعد منتصف الليل يبيعون المخدرات و يضايقون الناس في راحتهم. يقول عز و جل "و جعلنا لكم الليل سكنا". اللهم أعن السلطة و رجال السلطة ورجال الأمن على هؤلاء المترامين على ذمم الخلق.