أول ما تطل على ما نسميه في تطوان ب "الشارع" أو " انسانشي"، أي ساحة مولاي المهدي يسترعي انتباهنا شيء جديد: أنوار متلألئة على شكل أقواس، أحاطت بالنافورة كلها و كأنها سياج سيمنع تسرب الماء المنبعث منها للخارج، و لنتصور يوم هبوب الرياح ذلك. أو لعل حينها فلن يتم فتح الماء حتى و إن كانت المناسبة ذكرى عزيزة لدى المغاربة. هذه النافورة لها دلالة عزيزة في قلوب التطوانيين. فكما هو معلوم فإنه من عادة العرائس الالتفاف حولها يوم عرسهم ليلا، فلا يدخلون لبيوتهم الزوجية قبل أخذ الصور بها و كأنهم يتفاءلون بها خيرا. كما كانت السنة الماضية ملتقى الفريق المحلي كل ليلة على مدى أسبوع للاحتفال باللقب، و منها انطلقت مسيرات التضامن و الاحتجاج لساكنة هذه المدينة… على كل حال، اتخذناها مركزا للالتقاء دون اتفاق. وعلى هذا الأساس فإن أول ما سمعناه بالأمس في الشارع:" شنو هذا"؟ عوض :"الله على تحاف"!!! فهل اتفق الجميع على أن ما أضيف للمدينة بأنه لا يمت للأصالة بصلة؟ و هل نسي المسؤولون بأن المدينة مصنفة في خانة مدن التراث العالمي؟ أو لم يكن من الأجدر أن يضاف لها ما يزيدها رونقا و عراقة لتشهد على أن المركز المتمثل في ساحة مولاي المهدي معمار فريد من نوعه؟ و لعل الصور خير شاهد و أكبر دليل. فلم لا تقوم لجن المراقبة على تدارس المشاريع و تنويع الاقتراحات ليقدم ما تم إصلاحه في صور أبهى و أحلى؟ و إن افتقدت عندنا الخبرة و الكفاءة في الابتكار و التجديد فالأنجع الرجوع لمن توفرت لديه أو على الأقل نقل ما يمكن أن يسايرالإصلاح. وليس من العيب أن نسأل "أهل الذكر" إن كنا لا نعلم ، فعوض الخسارة لمرتين أو أكثر كما هو حال الشوارع التي تقلب رأسا على عقب كل دورة انتخابية، و صرف الملايير التي نحن في أمس الحاجة إليها لصحتنا و تعليمنا و منح الحقوق لأجرائنا الذين يعمل أغلبهم دون أدنى الشروط ،الأولى إصلاح أبدي و مساير للتطور و التقدم. دون وعي حسبنا الأقواس كرمزية للأبواب السبعة للمدينة و لكن عندما عددناها و جدناها ثمانية على كل جانب، فسقطت فرضية اتخاذها كذلك. أطللنا من الجانب المقابل فوجدنا الحال كما هو عليه: المفارش التي تكسو أرضية الشارع من الجانب للآخر و أصحابها بأعلى صوت "خمسالف،خمسالف.." هذه الجملة حتى باتت لصيقة بآذاننا، واعتدنا تصور ما يتعلق بها حتى في بيوتنا، فما عساه سيكون الحل لهؤلاء عندما سيتم الإنتهاء من الأشغال في مركز المدينة؟ أم ستضل لعبة:" طوم و جيري" سارية معهم: بالنهار مطاردون و بالليل لا ناهي و لا منتهي؟ هل يرى أحد أنه من الممكن أن تكون مثل هذه الأشغال في مدن عالمية عريقة كلندن أو فينيسيا أو غيرها ممن كانت كتطوان في بداية تصنيفها مدنا تراثية؟ أم أنها خطوات لمحو هذا التصنيف و القضاء على معالم كانت بالمدينة و انمحت فبكيناها كما رثى العرب الأندلس؟؟؟