كانت الإحتفالات في تطوان بالفوز بأول بطولة احترافية على الطريقة الإسبانية ، فقد جاب الفريق التطواني و الطاقم التقني و المسيرين معظم شوارع تطوان الرئيسية بالحافلة ، و لم يتأخر الجمهور التطواني بالسباحة في نافورة " شنتي " ساحة مولاي المهدي على الطريقة " المدريدية و البرشلونية " . لقد امتزج الجبلي بالأندلسي بالريفي ، و حضر جمهور الحسيمة و الناظور و طنجة و الشاون المقابلة في الرباط و تحملوا عناء السفر ، دون أن ننسى سكان الساحل على امتداده من الجبهة إلى الفيندق مرورا بمرتيل و المضيق الذين حضروا بكثافة ، و طالبوا الفريق التطواني بالنزول إلى هذه المدن لمشاركتهم في الإحتفالات خصوصا سكان المضيق ، مرتيل و الفنيدق ، ، حتى سكان مدينة رفح الفلسطينية التي عرفت و تعرف القصف الصهيوني و حالت حرب دائمة بحكم موقعها القريب جدا من مرمى المدفعية الإسرائلية ، أبت هي الأخرى إلا أن تحتفل مع التطوانيين فرحتهم ، ولما لا و هي تجمعها و الفريق التطواني اتفاقية شراكة ، لا حظنا كذلك حضور المغاربة السبتيين ، و كانت البطولة ليست تطوانية فقط بل شمالية بامتياز . معظم الصحف الإسبانية و على رأسها صحيفة " الباييس" الذائعة الصيت أعطت للحدث دلالة كبيرة بحكم الامتداد التاريخي والموقع الجغرافي لمدينة تطوان و ثقافتها الإسبانية ، و خصصت صفحتها الأولى على نسختها الإلكترونية لهذا الحدث و أعطته إهتماما أكثر من بعض الصحف المغربية ، فقد مرة أكثر من 56 سنة منذ أن خرج الإسبان من مدينة تطوان و لم يتغير شيء ما زلنا نسمع " هولي هولي هوليييي "و مازلنا نسمع " كمبيونس " حتى الشعارات التي كانت مكتوبة على الحافلة التي كانت تقل الفريق كانت بالإسبانية ؟؟؟. سأل رجل أمن بطريقة استهزائية سيدة تحتفل "زعم حررتم فلسطين " ؟؟؟، ردت عليه بكل عفوية " لقد حررنا أنفسنا "، نعم لقد حررنا أنفسنا ، الفوز بالبطولة شيء عادي بالنسبة للبعض لكن بالنسبة لنا ، فإنه يعني الشيء الكثير، بعد سنوات لم تعرف فيها هذه المدينة سوى التهميش " ولاد سبانيول" كما يحلو لبعض الجهات أن تسمينا ، فما رأيكم في "أولاد الإسبان " قد أبدعوا في الميدان و أبدعوا داخل المدرجات ، و أبدعوا في الشوارع و هم يحتفلون بفوز فريقهم باللقب ، لم نرى تطوانيا واحدا يتسول في شوارع الرباط ليعود إلى مدينته ، الكل حضر مع فريق مدينته بإمكانياته " حتى "شاط الخير " ، حتى الذي لم يتسنى له اقتناء التذكرة من تطوان لولوج الملعب لسبب أو لأخر و جد من يقدمها له في الباب ، فهناك من وضع الحساب لمثل هذه المواقف و اشترى أكثر من تذكرة ، و الذي لم يجد محلات لشراء الأكل في الطريق لأن محطات البنزين و أماكن الاستراحة تم إقفالها خوفا من " الماغول "؟؟؟ " أولاد السبانيول " و جد الأكل ، الماء ، و الدخان و حتى "الشاشية "و " المنديل" ، كان الكل يسأل عن الكل و الجميع يقدم النصيحة للشباب بألا يتهوروا ، لقد فقدنا ثلاثة من خيرة شبابنا فلا نريد المزيد ، في التأني السلامة ، هكذا كان الجمهور التطواني يخاطب بعضه البعض بعد نهاية المقابلة ، لم نرى مثل هذه الأجواء سوى في شمال إسبانية عند "الباسكيين" ، و أي مصادفة ، بلاد "الباسك" في شمال إسبانية و تطوان في شمال المغرب ، بلاد "الباسك" تضاريسها جبلية و منطقة تطوان تضاريسها أيضا جبلية " بلاد الباسك عانت الحيف و التهميش و الإعتقالات في فترة حكم الجنرال " فرانكو" و تطوان عانت نفش الشيء في الماضي ، قبل العهد الجديد ،أي مصادفة هذه ،" الباسكيون " يحتفلون بفريقهم رغم الهزيمة ، و نحن كنا سنحتفل بفريقنا و سنستقبله بنفس الحفاوة و ربما أكثر حتى ولو لم يفز بالبطولة ، لأنه أبل البلاء الحسن طوال الموسم . إن مدينة تطوان تستحق أكثر من مركب رياضي ليستقبل كل هذا الجمهور المنظم ، المحترم . هذه المدينة تستحق استثمارات صناعية ،هذه المدينة تنتظر النهوض باقتصادها المبني على التهريب و تبييض أموال المخدرات و السياحة التي بدأت تموت شيئا فشيئا بتأجج الأزمة الاقتصادية . فهل هذا الحدث التاريخي سيكون البداية لإعادة النظر في تنمية المنطقة برمتها ؟.